نعم؛ أن ما ستلاقِيه في هذه الصفحة الأجمل من صور تحمل عبارة: اللهم صل على محمد وآل محمد مكتوبة. لكن قبلها دعونا نتمعَّن في فضل الصلاة على النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. فقد قال علماؤنا: لا يعرف قدر النبي إلا الرب العَلي -سبحانه وتعالى-. وخُذ على ذلِك أن الله -عز وجل- في كتابه ما خاطب سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- باسمه المُجرَّد. ما خاطبه فقال محمد أو يا محمد؛ بينما نادى على جميع الأنبياء بأسمائهم المجردة. فقال في سورة البقرة ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، وفي سورة هود ﴿يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا﴾، ﴿يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾، وفي سورة الأعراف ﴿يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي﴾.. ولكن لما جاء الخطاب لسيدنا محمد، وجاء الخطاب لنبي الرحمة، وجاء الخطاب لأفضل الخلق على الإطلاق. قال الله -عز وجل- ﴿حَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ﴾. وقال ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾ وقال ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُول﴾.
فإن خاطبه باسمه قَرَنَه بوصف الرسالة. ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾.
كل ذلك بيانٌ منه -سبحانه وتعالى- على مكانة وعظمة الذي تصلوا عليه. الصادق المصدوق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء بيان وأمر الله إلينا بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ﴾ أي شرف وأي منزلة وأي مكانة وأي فضل حازه سيدنا محمد! ثم جاء الأمر لهذه الأمة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
فضل الصلاة على النبي المصطفى ﷺ
الخيرات، والبركات، والأسرار، والأنوار، والأمن من عذاب الله، والأمن من مكر الله، وإنارة القبور، والأمن يوم الفزع والنشور، ورِفعة الدرجات والمقامات في الجنات عند رب الأرض والسموات؛ إنما تكون بالصلاة والسلام على رسول الله الشفيع المشفع، الذي قال لنا في الحديث -بعد أن سُئل، فكان في بداية الحديث- بيان سيدنا عبد الرحمن. والحديث يرويه الإمام أحمد في مسنده.
يقول سيدنا عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه وأرضاه- قال: أتيت النبي ﷺ وهو ساجد، فأطال السجود. قال «إن جبريل أتاني فبشَّرني، أن الله -عزَّ وجل- يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه. فسجدت لله شكرًا».
الصلاة من الله هي رحمة. ومن الملائكة هي دعاء. ومِنّا استغفار. فالله عندما يُصلي فهو يرحم، فالله عندما يصلي فهو يكرم. والملائكة عندما تصلي فهي تدعو. ونحن عندما نصلي على السراج المنير سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فصلاتنا إنما هي استغفار ومحطٌ لتنزل رحمات الله -عز وجل-.
وبالصلاة على النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- تُكتَب الحسنات وتُمحى السيئات، ويرتفع العبد في الدرجات والمقامات، ويدفع الله عنه من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلا هو -سبحانه وتعالى-.
ولقد جاء في مسند الإمام أحمد؛ عن سيدنا أبي طلحة الأنصاري -رضي عنه وأرضاه- قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه. فقال «أنه جاءني جبريل. فقال: أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا».
كل ذلك بالصلاة والسلام على نبي التوبة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. لعِظم الصلاة عليه؛ فإن الله قد وكل ملائكة في الأرض، يأخذون الصلاة من أفواه المصلين ويبلغوها سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- ثم يتلقاها ملك عند قبره -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي قال صلوات ربي وسلامه عليه في الحديث الذي يرويه الإمام الطبراني عن سيدنا عمار بن ياسر -رضي الله عنه-؛ قال عليه الصلاة والسلام «إن لله ملكا أعطاه أسماع الخلائق فهو قائم على قبري إذا مت ، فليس أحد يصلي علي صلاة إلا قال: يا محمد، صلى عليك فلان بن فلان، قال: فيصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا». أي يرد الله -عز وجل- هذه الصلاة على الإنسان عشر صلوات. وتبلغ الصلاة نبينا المصطفى -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.
فضل الصلاة على النبي في تفريج الهم وسعة الرزق
كلنا يحفظ حديث سيدنا أبي بن كعب، المُكثر من الصلاة على رسول الله، والذي خصص في دعائه الخاص لنفسه جزءا يصلي فيه على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-. فقال يا رسول الله؛ إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال «ما شئت». قلت: الربع؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: النصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك». قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذا تكفى همك، ويكفر لك ذنبك». وفي لفظٍ آخر «إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك».
أنت تعاني من ضيق الرزق؟ صل على سيدنا محمد. تعاني من عقوق ولد؟ صل على سيدنا محمد. تعاني من تعسر أمورك؟ صل على سيدنا محمد. تعاني من جارٍ سوء؟ صل على سيدنا محمد. ولتكن النية في ذلك على نية تفريج الهموم.
من منا لا يهمه أمر الممات والخاتمة والقبر والبعث والنشور وتطاير الصحف! فمن أراد أن يكون في مأمن فليُكثر من الصلاة والسلام على رسول الله -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.
أفضل اوقات الصلاة على النبي ﷺ
نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بين لنا أن هناك أوقاتا يُسن أن نصلي فيها -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-.
يوم الجمعة
ومن ذلك هذا اليوم الأنوَر، يوم الجمعة.
فعن أوس بن أوس؛ أن نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- قال «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خلق الله آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة؛ فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم يوم الجمعة معروضة علي». قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت -أي بليت-؟ فقال «إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجسامنا».
عند سماع الأذان
ويسن كذلك الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند سماع الأذان. فنجيب المؤذن بمثل ما يقول كما علمنا النبي المصطفى. ثم نصلي عليه.
فقال -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم، عن سيدنا عبدالله بن عمرو. قال الشاهد والمبشر والنذير عليه الصلاة والسلام «إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة».
وفي صحيح البخاري؛ يقول الرسول محمد -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة».
عند الدعاء
وكذلك يسن لنا أن نصلي على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- عند الدعاء.
الإمام الترمذي روى عن سيدنا فضالة بن عبيد؛ أن النبي المقفِّي عليه الصلاة والسلام سمع رجلا يدعو في صلاته فلم يصل على النبي ﷺ. فقال النبي ﷺ «عجل هذا» ثم دعاه، فقال له أو لغيره «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي ﷺ ثم ليدع بعد بما شاء».
وكأن هذه الأشياء الثلاثة: أولا حمدُ الله سبحانه، ثم الثناء على الله، ثم الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ هي مفاتيح إجابة الدعاء.
فلقد روى الإمام الترمذي عن سيدنا سعيد بن المسيب؛ فيما يرويه عن سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه أنه قال: الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم.
في المجالس
ويسن كذلك الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أي مجلس نجلسه. فلقد روى الإمام الترمذي عن سيدنا أبي هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- أنه قال: قال -صلى الله عليه وسلم- «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم». أي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة.
فكلما أكثرت من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما حظيت بمقام القرب. فقد روى سيدنا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قال «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة».
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد.
فوائد الصلاة على النبي المختار ﷺ
خِتاما أيها الإخوة والأحباب؛ كلما أكثرت من الصلاة والسلام على رسول الله -كما قلنا- كلما حظيت بمقام القرب. وكلما خلَّصت نفسك من سمةٍ لا يرتضيها لنا ديننا؛ وصف بها نبي الملحمة -صلى الله عليه وسلم- من لا يحرك لسانه بالصلاة عليه إذا سمع اسمه. فقال -عليه أَفضل الصلواتِ وأَكمل التحيات- «البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي»؛ وهو حديثٌ ثابت صحيح.
وصعد صعد ﷺ يومًا المنبر، فقال: آمين، آمين، آمين. فلما نزل سُئِل عن ذلك. فقال: «أتاني جبريل، فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له، قل: آمين. فقلت: آمين. ورغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك؛ قل: آمين. فقلت: آمين. ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له. قل: آمين، فقلت: آمين».
ماذا يحدث عند الصلاة على الرسول
آخر ما نختِم به أيها الإخوة. يقول سيدنا رسول الله ﷺ «من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة». يعني سار في الطريق الخطأ.
ولذلك؛ وبُناء على ما ذُكِرَ أعلاه فإن الصلاة على الرسول محمد ﷺ فيها ما فيها من الأجر والثواب ومغفرة الذنوب وجني الحسنات ونيل رضا الرحمن -سبحانه وتعالى-. فأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله. -صلى الله عليه وسلم-.
حافظوا على الطاعات والمواظبة على الصلاة على معلم الناس الخير الذي وصفه الله -عز وجل-؛ فقال فيه في سورة الأنبياء ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.
وقال لنا ﷺ في حديث -فيه ضعف ولكن طالما أن الأمر هو فضيلة فنأخذ به لهذه الفضائل التي ذكرناها-؛ حديث طويل يقول من ضمنه -صلى الله عليه وسلم- «…رأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط مرة، ويحبو مرة، فجاءته صلاته علي، فأخذت بيده فأقامته على الصراط حتى جاز…».
فأي فضل أعظم من هذا الفضل! فاسأل الله -عز وجل- أن يكون لنا وِردٌ يومي نصلي فيه على النبي عليه الصلاة والسلام؛ حتى ندخل في استجابة الأمر الإلهي ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صل على محمد وآل محمد مكتوبة على صور
وهنا نسوق إليكم مجموعة رائِعة من الصور التي كُتِب عليها: اللهم صل على محمد وال محمد بخطوط جميلة وتصاميم إسلاميَّة مبارَكة؛ لتشاركوها الأصدقاء وأفراد العائِلة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب هنا: محمد مريس الحجاجي؛ هذه الأبيات. فدمجناها مع الصور من أجلِكُم.
إن ضاقَ صدرُكَ والهمومُ تكدّست — ورأيتَ نفسكَ بالمواجعِ غارقا
صلّ على خيرِ الأنامِ وآلهِ — تجدِ العسيرَ ميسّراً كُن واثِقا
خفف ذنوبك بالصلاة على النبي — سيفُ الصلاة على الذنوبِ صقيلُ
وارح فؤادك بالصلاة فانما — طرحُ الهموم عن الفؤاد جميل
فبها الشفاعة في المعاد تنالها — وبها العطاء من الجواد جزيل
فزد الصلاة على النبي محمد — ان الصلاة الى الجنان سبيل
تلك الصلاة من الوفاء لاحمدٍ — ان الوفاء لدى الانام قليل
لا يبلغ الفصحاء وصف خصاله — من قد اشاد بفضله التنزيلُ
فله اعتذاري ان وصفي قاصرٌ — كضيا الصباح على النهار دليلُ
