«محمد» يسأل: لدي طفل عمره 7 سنوات، ومنذ ولادته في المستشفى، قال لنا الأطباء بأن معه G6PD، ولكن الحمد لله حتى الآن لم يتناول أي نوع من الأدوية الممنوعة عنه، ولا أي نوع من البقوليات.
ولكن منذ أيام اكتشفت أن البسكويت الذي يأكله يوجد فيه مادة تسمى ليسثين الصويا وهو يأكل منه منذ أكثر من 4 سنوات ولم تؤثر عليه، فأرجو من سيادتكم التكرم علينا بمدى تأثير هذه المادة عليه؟ وهل نستمر في إعطائه هذا البسكويت؛ لأن جميع أنواع البسكويت فيها هذه المادة؟ وأرجو منكم أن تردوا علي بأسرع وقت ممكن، وشكرا جزيلا لكم.
⇐ د. نبيل حنفي زقدان «أخصائي طب الأطفال» أجاد بالإجابة على الاستشارة؛ فقال: الأخ العزيز.. من المتعارف عليه طبياً أن كثيرا من الأمراض لها علاقة مباشرة ببعض الأغذية فهناك أمراض عيوب التمثيل الغذائي.. وهناك أمراض الحساسية، مثل حساسية السمك أو البيض أو الحليب.. بل إن هناك حساسية للقمح وأخيه الشعير!!.. وهناك داء الملوك (النقرس) والذي يحدث نتيجة الإسراف في أكل اللحوم، وهو طبعا يشكل أغلب طعام الملوك؛ ومن هنا جاءت التسمية.
ولكن أطعمة الشعب الكادح أصرت هي الأخرى أن يكون لها باع وذراع في هذا المجال ومن أمثلة ذلك “البقول” الذي قد يسبب نوعا من أنواع الأنيميا التكسرية.. ولما كان الفول هو سيد البقول فإن هذا النوع من الأنيميا أصبح له اسم دارج وهو “أنيميا الفول!!”.
وبداية أود أن أعطيك فكرة مبسطة عن هذا المرض فأقول: إنه مرض جيني يؤدي إلى نقص في أنزيم يسمى (G6PD)، وهذا الأنزيم ضروري لحماية خلايا الدم الحمراء من التكسر لذلك يؤدي نقصه إلى تكسر خلايا الدم، وحدوث هذا النوع من الأنيميا التكسرية.
وهناك أنواع كثيرة تندرج تحت قائمة هذا المرض قد تصل إلى 150 نوعا؛ ولكن أشهرها هو النوع الذي ينتشر في منطقة البحر الأبيض المتوسط وهو بكل أسف أخطرها.. ويأتي نقص الإنزيم في صورة نوبات تحدث نتيجة تناول المريض لأنواع معينة من الطعام، مثل البقول وعلى رأسها الفول، وفول الصويا، أو أنواع معينة من الأدوية، مثل: الأسبرين، ومركبات السلفا، ومضادات الملاريا، وبعض المضادات الحيوية وغيرها.
كما تحدث هذه النوبات في حالة تعرض المريض لبعض الإصابات الميكروبية الحادة.. بل إنه في بعض الأحيان قد تحدث هذه النوبات بصورة تلقائية وبدون سبب محدد كما يحدث في حديثي الولادة.. وقد تصل هذه النوبات إلى درجة من الشدة لدرجة أنها تتطلب في بعض الأحيان عملية نقل دم للمريض.
هذه هي الصورة الرسمية المعتمدة لهذا المرض.. ولكن واقع الحال قد يختلف كثيرا عن هذه الصورة القاتمة.. فمن حيث المبدأ لا يشترط حدوث الأنيميا في حالة تعرض المريض لأي من المسببات الواردة في قائمة الطعام والأدوية.. فقد تحدث النوبات في حال تناول الأغذية، ولا تحدث مع الأدوية والعكس أيضا صحيح، بل إنها قد تحدث نتيجة غذاء بعينه أو دواء بعينه دون بقية الأغذية أو الأدوية الواردة في القائمة.
والأغرب من ذلك أن كثيرا من الأطفال الذين تم تشخيصهم في بدايات حياتهم على أنهم مصابون بهذا المرض أكلوا الأغذية أو تناولوا الأدوية الواردة في القائمة بطريق الخطأ أو الصدفة أو الجهل، ولكن لم تحدث لهم أي أعراض تخص هذا المرض، وهذا بالفعل هو واقع الحال بالنسبة لطفلك العزيز والذي يلتهم بسكوتا يحتوى على فول الصويا منذ عدة سنوات، ولم تظهر عليه أي أعراض مرضية.. فمن المحتمل أن يكون قد حدث خطأ في التشخيص في بداية الأمر أو من المحتمل أن تكون حالة الابن قد تحسنت تدريجيا، وهذا وارد في كثير من الحالات.
كل ما عليك الآن هو أن تعيد فحص مستوى هذا الإنزيم لدى الطفل وهو في حالته العادية فإذا كان مستوى الإنزيم عاديا فارفع الحظر المفروض على الطفل، وإذا كان الأنزيم ناقصا فعليك ملاحظة الطفل في حالة تناوله أي من الأدوية أو الأغذية الواردة في القائمة فإذا حدثت مشكلة تخص دواء أو غذاء معين فعليك باستشارة الطبيب فورا لتقييم الحالة وتقديم النصيحة المناسبة.
وأتوقع من خلال خبراتي الشخصية ألا تكون هناك مشكلة.. وندعو الله أن تكون الأمور على ما يرام؛ لأن مائدة بلا فول كجسد بلا روح!!
⇐ وقد تود أيضًا القراءة عن:
- ↵ أنيميا زيادة الحديد! دعوة إلى تصحيح المفاهيم
- ↵ إرجاع الحليب في الشهور الأولى للطفل
- ↵ طفل الخمسة الأشهر.. تساؤلات صحية هامة
- ↵ متلازمة سيلفر روسل عند الأطفال.. صفحة منسية في عالم الطب
مع التمنيات الطيبة لك وللابن العزيز بالصحة والسعادة.