مما لا شك فيه أن حاجة الأسر السعودية للسائقين قد تجعلهم يتغاضون في كثير من الأحيان عن تصرفاتهم الانتهازية وسلوكياتهم! وعندما أقول «حاجة الأسر» فأنا لا أقصد النساء منهم فقط، بل حتى الرجال ممن أرهقهم عناء التوصيل الذي لا يكاد ينتهي! ولكن على ما يبدو أن خدمات السائقين لم تعد مقتصرة على التنقل فحسب، بل إنهم قد أصبحوا يعدون الآن قناة إخبارية يومية تبث خصوصيات الأسر وما يحصل داخل منازلهم! مما جعل أسرار أول منزل على الشارع لا تخفى عن آخر منزل! والفضل يعود لأحاديث السائقين الجانبية والتي يشكون فيها من أصحاب العمل ونسائهم، وعما يجري وراء جدران منازلهم من مشاكل قد تحويها أي أسرة، والتي تسهم في نقلها لهم الخادمات اللاتي عادة ما يعملن مراسلات صحفيات لدى محطة الأخبار اليومية هذه!
ومن آخر ما توصل إليه بعض السائقين في عالم الاحتيال هي استخدام سيارات المنزل لأغراض شخصية، وأحيانا تحويلها إلى سيارات أجرة طوال غياب أفراد الأسرة عنهم!
ولكن ومع علم جميع أرباب البيوت بما يدور من حولهم إلا أن قلة الحيلة تجعلهم يبتلعون هذه الشوكة «شوكة الحاجة إلى السائق»! بل إن أي محاولة لمواجهته بالتوقف عن هذه التصرفات المنفرة قد تجعله يستغني عن وظيفته التي لا يوجد أسهل من الحصول على غيرها وبراتب ربما هو أعلى من راتبه الحالي! فحصول السائق على وظيفته وهو مستلقٍ على فراشه أسهل بكثير من حصول خريج جامعي عليها وهو يتخبط بملفه طوال الليل والنهار!
موقف السائقين اليوم أقوى بكثير من موقف من هم بحاجة إليهم، ويتبين ذلك في المقابلة الشخصية التي يجريها السائق قبل استلام وظيفته بالسؤال عن عدد السيارات وأفراد الأسرة والمشاوير المتوقعة والإجازات شبه الأسبوعية ومستوى المسكن الذي سيحتويه طوال فترة عمله! ومع كل هذا يحذر رب الأسرة من عدم ارتكاب أي حماقة معه قد تجعله يقع تحت أزمة البحث عن سائق آخر!
بقلم: دينا الصاعدي