هو: الإمام، العَلامَةُ، الْمُجَوِّدُ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، أَبُو سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ المَدَنِيُّ، عَالِمُ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِهِ، وَتِلْمِيذُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، كان من كبار حفاظ السنة ونقلة التفسير، وأوعية العلم، وهو راوي حديث “إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنَّيَّاتِ”، وعنه اشتهر.
مولده: ولد في خلافة عبد الله بن الزبير في المدينة المنورة، وطلب العلم ونبغ فيه حتى صار قاضي ومفتي المدينة في زمانه، لقب بـ«تلميذ الفقهاء السبعة».
شيوخه: روى عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ (رضي الله عنهما)، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالقَاسِمِ ابنِ مُحَمَّدٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ الفقيه، وغيرهم، وكان له مجلس يُفتي ويُحدّث فيه، وكان الحجاج لا يستفتون في زمانه إلا يحيى ابن سعيد، وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، ومالك بن أنس.
تلامذته: روى عَنْهُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَحُمَيْدُ الطَّوِيلُ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِنْبٍ، وَشُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وغيرهم.
منزلته العلمية: قال العجلي: كان يحيى بن سعيد رجلا صالحًا فقيها ثقة، وقال سفيان بن عيينة محدثو الحجاز ابن شهاب الزهري، ويحيى ابن سعيد، وابن جريج، وقال علي بن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي الزناد، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وقال أبو عبد الله الحَاكِمُ: هُوَ قَاضِي حَرَمِ رَسُوْلِ اللهِ (ﷺ) وَمُفْتِيْهَا فِي عَصرِه، وقال عبد الله بن بشر الطالقاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يحيى بن سعيد الأنصاري أثبت الناس.
أخلاقه: وكان كريم الشمائل، حسن الخلق جليل القدر، نبيلا، حسن الصحبة والمؤاخاة، وقد استفاض ثناء أهل العلم عليه في علمه وفقهه، وكثرة حديثه، وقوة حفظه حتَّى عُدَّ من أوعية العلم الكبار، وممن هم غاية في التثبت وحسن الحفظ وجلالة القدر في أهل الحديث.
وقال حماد بن زيد: قدم علينا أيوب مرَّةً، فقلنا: من خلفت بالمدينة؟ فقال: ما خلفت بها أحدًا أفقه من يحيى بن سعيد الأنصاري، كان يحيى بن سعيد يتقشف.
قال مالك ابن أنس: “ما خرج منا أحد إلى العراق إلا تغير غير يَحْيَى بْن سَعِيد، ولم يرجع على مَا كَانَ عليه إلا يَحْيَى ابن سعيد”.
وفاته: وبعد حياة حافلة بالعلم والإيمان، توفي يحيى بن سعيد بالعراق بالهاشمية سنة 143هـ، عن بضع وسبعين سنة.