ذكر الله عز وجل، هو مفتاح كل باب وبشارة النجاة لمن ضاقت به الأسباب وهي الطريق إلى تسديد الله وتوفيقه للعبد، وهو الذي يُنال به المقام الرفيع بين العابدين والصديقين والشهداء، فذكر الله من أيسر العبادات على الإنسان وأثقلها عند الله في الميزان.
وهنا لنا وقفة مع ذكر الله، وفضله وثماره، وسنذكر أنفسنا بقبس من الأذكار التي لا تكلفنا جهدا ولا مشقة ونحصل بها أجر الله العظيم وثوابه وكرمه ومعيته.
إقرأ أيضاً عن: الصوم عبادة المخلصين
حث القرآن الكريم والسنة النبوية على الذكر
إن ذكر الله من العبادات التي يغفل عنها بعض الناس، مع أن الله عز وجل يحبها ويدع إليها، فقد ورد لفظ الذكر في القرن الكريم أكثر من ثلاثين مرة، ومنها ما يأمر بذكر الله صراحة ومنها ما ينفر من الإعراض عنه، ومنها ما يبين للناس فضل الذكر وما له من ثواب عظيم، فيقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾، ويقول في موضع آخر: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾، ويقول أيضا مبينا ما أعده للذاكرين والذاكرات:﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾، وغيرها الكثير من الآيات التي تحض على ذكر الله وتأمر المسلمين به، ومن لطائف الآيات التي تأمر بالذكر أن عبادة ذكر الله غالبا ما تأتي مقترنة بالكثرة، فالله يأمر عباده بالإكثار من ذكره والمداومة عليه، وجعل اللسان رطبا به في كل أحواله.
أما السنة النبوية المطهرة فقد حثت على الذكر في أكثر من حديث، وأكدت عليه وبينت فضله، ومن ذلك ما جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت ، ومنه ما جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى).
ثمار ذكر الله وفضله
إن فضل ذكر الله على حياة الإنسان عظيم جدا وأثاره طيبة مباركة، وسنذكر هنا طائفة منها:
ذكر الله والمداومة عليه تستوجب معية الله للعبد، وهذه منزلة عظيمة، فمتى كان الله مع العبد كفاه ما أهمه وجمع شتات أمره ووفقه وسدد خطواته، ويسر له أموره وأنار بصيرته، فإن الله مع الذاكرين.
ذكر الله يورث القلب الأنس بالله، ويذيقه حلاوة الإيمان، ويترك في القلب سكينة وطمأنينة ويهون عليه ما يواجه من المتاعب أو الصعوبات في هذه الحياة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
أن الله عز وجل يباهي ملائكته بالذاكرين له، وفي هذا تشريف عظيم، ومن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله . قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم ؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا. فقال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة.
ومن فضل ذكر الله أنه يشغل اللسان عن الحديث بما لا يرضي الله، ويشغل القلب عن التفكير فيما لا يحبه الله عز وجل، ويعمر الخلوات بالطاعات، فيكون للعبد من الأجر على ذلك ما يٌسر به عند لقاء مولاه.
بعض الأذكار السهلة على اللسان ، الثقيلة في الميزان
سبحان الله بحمده سبحان الله العظيم: وقد قال النبي في فضل هذا الذكر: (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ).
لا حول ولا قوة إلا بالله: قال عنها النبي –صلى الله عليه وسلم- إنها كنز من كنوز الجنة.
حسبي الله ونعم الوكيل: كلمة تكفي الإنسان ما اهمه، وتمنحه من الخير ما يرضيه.
لا إله إلا الله: من قالها دخل الجنة، فهي كلمة التوحيد والفيصل بين الهدى والضلال.