البداية كانت من المراجعين، دحضا أو تأكيدا لمقولة «العميل يريد هكذا»، حيث لم يتردد مراجع لمركز أسنان ص. ع، الاعتراف بأنه أصبح العميل رقم واحد في المركز، بعد الزيارة الأولى: «ذهبت للمركز الخاص بغية وضع حد للألم، كوني أحمل بطاقة تأمين صحي، وفور دخولي وجدت في استقبالي ثلاث حسناوات، ولا أخفيك بأنني شعرت بأن الألم تبدد لا شعوريا، وبعدما خضعت للعلاج، راجعت المستشفى بلا موعد أو ألم، وربما يصبح الحرص على العميل».
أصحاب القرار والعمل يتهربون
وفي ظل هذه المعطيات، فهل كل العملاء على شاكلة هذا الاعتراف، وإذا كان الكثيرون يفضلون القاعدة الشاذة، فهل تصبح المعتادة، أم نعدلها ونقومها؟
بات واضحا في مقدمة المراكز الصحية الخاصة، وتحديدا مراكز الأسنان أن تجد صفة الجمال العامل المشترك للموظفات.
هناك تجد في استقبالك موظفة تبالغ في وضع أدوات التجميل والمساحيق، وكأنها في مناسبة زواج وليس في عمل، وتتضح الحقيقة المرة بأن الأمر ليس بيدهن بل هي رغبة، أو قرار من قِبل المسؤول في العمل والذي يشعر بأن المراجعين هم من يبحثون عن ذلك.
«الصحافة» طرحت الموضوع على أكثر من جهة خاصة، فتهرب عدد كبير من أصحاب المؤسسات الخاصة من الإجابة، أو الرد أو تأكيد أو نفي ذلك، فيما اعتذر البعض الآخر بحجة حساسية الموضوع.
لكن الطبيب المقيم في مركز للأسنان، شدد على أنهم في المركز يضعون الكفاءة والمهارة والالتزام ضمن الشروط الأساسية الأولية، ويأتي بعد ذلك عنصر الجمال: «الزبون أو المراجع يحب أن يجد من يستقبله أو يتحدث معه بصفات معينة، فالله جميل ويحب الجمال، والجميع يحب الجمال، وإذا لم تجد موظفات الاستقبال جميلات لن تنتظر لنصف ساعة».
وعن صحة رفض تشغيل الفتاة غير الجميلة، أوضح أنه: «بالتأكيد ما دام جميع الموظفات هنا جميلات فهذه إشارة إلى أن الأولوية للجميلة».
لكن مدير توظيف في مستشفى خاص نفى إصدار قرار سابق بفصل موظفة لكونها ليست جميلة، إذ يعتمدون على كفاءتها دون النظر إلى صورتها الخارجية، مدللا على عدم جمال الكثيرات في المستشفى: «لدينا موظفات لا يمتلكن الجمال الشكلي، ولكنك لن ترى منهن عيبا، ولا يمكن لمستشفى محترم الاعتماد على الجمال كأساس الاختيار، دون الاهتمام بالكفاءة أو المؤهلات».
تبريرات غامضة
ود. فتاة توجهت للعمل موظفة استقبال، بعدما رأت في نفسها أنها ليست أقل من الأخريات في الكفاءة المطلوبة: «كلما أتقدم أجد تبريرات واهية ومواعيد وهمية إلى أن تيقنت بأن عنصر الجمال الذي افتقده نسبيا، يعد من الاشتراطات الوظيفية في القطاعات الخاصة، فوجدت أن من الأنسب أن اترك هذا المجال والاتجاه إلى العمل كاشيرة».
تجربة مرة
أما نجلاء هي الأخرى كانت تعمل في مستشفى خاص براتب زهيد لا يقل عن ألفي ريال، ووجدت فيه أشد وأقسى المواقف على الرغم من أنها تؤدي عملها على أكمل وجه: «طلبت تحسين راتبي، بعدما رفعوا رواتب سبع من زميلاتي يعملن في أقسام التنويم والطوارئ والعمليات والعناية المركزة، فاستفسرت عن معاملتي، فأوضحت لي مديرة التمريض بأنها لا تعرف عن السبب، ولا شأن لها بتغيير الراتب أو ترفيعه إلى درجة أعلى كون القرار بيد مدير الموظفين، ولأنني الوحيدة بين زميلاتي التي شكلي مش ولابد، بمعنى أنني لست جميلة مثلهن، توجست خيفة أن يكون الجمال معيارا لرفع الرواتب، وبعد فترة من الانتظار قابلت مدير شؤون الموظفين، وتحدثت معه عن معاملتي، فوعدني خيرا، وتحدثت معه مرة أخرى ولم يحرك ساكنا تجاه تعديل وضعي، فلم أجد وسيلة سوى الانتظار وانتظرت، ولكن دون جدوى وشعرت بأن هناك محاولة تطفيش، ولمست ذلك ولاسيما أن تعييني في المستشفى لم يكن عن طريقه بل هي شراكة بين المستشفى والمعهد الذي طبقت به، والذي يكفل لنا بعد الدراسة والتطبيق إيجاد فرصة عمل في المستشفى ذاته براتب، بهدف الحصول على شهادة خبرة على أن نوظف بعد ذلك حكوميا، وتم اختيار الممرضات الأنسب للعمل في المستشفى عن طريق التعاقد وبعد أن انتهى عقدي لسنة بعد فترة تطبيق، أفصحت لي مديرة القسم بأن أبحث عن مستشفى آخر، وفعلا حدث ما كان متوقعا، حيث لم يتم تجديد العقد بعذر تعاقد المستشفى مع ممرضات أجنبيات، ولم يمر شهر من جلوسي في المنزل إلا وقد ظهر رقمي وقرار تعييني في مستشفى حكومي، وحتى هذه اللحظة أظل أدعو على مدير التوظيف كونه جرحني حتى وإن لم يكن مباشرا».
حسنة المظهر
وتقدمت فتاة طلبا للعمل كموظفة استقبال في مستشفى خاص، ولكنهم اعتذروا مباشرة لعدم توفر وظائف: «قرأت عن حاجة المستوصف الطبي إلى موظفات استقبال لدوامي لفترة صباحية ومسائية، واشترطوا من الشروط إلماما بالكمبيوتر واللغة الإنجليزية وحسن المظهر، فذهبت إلى الموقع وقابلت مدير التوظيف، الذي أكد لي أنهم فعلا طلبوا موظفات استقبال، ولكن تقدمت موظفات ويتم العمل حاليا على الاختيار، معتذرا لأنني تأخرت، لكنني اكتشفت كذبهم، في ظل استمرار طلب التوظيف في الصحيفة الإعلانية نفسها، فعدت لأستفسر هاتفيا عن الوظائف، فردوا علي بتحديد موعد، وعندما راجعتهم تحججوا برفضي بأعذار واهية، لأكتشف سر حسنة المظهر التي يحددونها، ضمن الشروط، بأنها أهم شرط».
أزمة نفسية
وأوضحت فتاة – طلبت عدم ذكر اسمها – أن صديقتها وزميلتها في العمل تعرضت لأزمة نفسية نتيجة التطفيش الذي حدث في أحد المستشفيات الخاصة، على الرغم من أنها أثبتت جدارتها في المستشفى، وكانت من أنشط منسقات غرف المرضى، وكانت تتعامل بصورة مهذبة وراقية مع العاملين، ومع المرضى، إلا أنهم في المستشفى قرروا نقلها لموقع آخر لا يتناسب مع مهاراتها ولا اختصاصها، حيث كلفوها بأن تعمل لفترة في ترتيب المواعيد والتنسيق مع مراجعي المختبر: «أخذت زميلتي الموضوع بحسن نية، ولاسيما أنهم وعدوها بأنها مجرد فترة مؤقتة لتعمل زميلتي في هذا الموقع، لكنها اكتشفت أنها حيلة مدبرة، حيث تعاقدوا مع موظفات جدد جميلات، وبعد مضي شهرين طلبت زميلتي توضيح الجديد في أمرها، واجتمعت بمسؤول في المستشفى، والذي فاجأها بمقولة الموظفة المناسبة في الموقع المناسب، وان الموقع الذي تشغله حاليا مكانها المناسب، ممتدحا إياها، وعلى الرغم من محاولتها إقناعه بعدم الارتياح في موقعها، لكنها لم تجد لشكواها تفاعلا».