يعتبر الصداع من الأشياء الشائعة جدًا التي تحدث لدى الأطفال، ولكن بالرغم من ذلك فإن الصداع لا يعتبر من الأمراض الخطيرة التي تستدعي الخوف والقلق، وإنما هو من الأمور البسيطة التي يمكن علاجها في المنزل.
ولكن في بعض الحالات يكون الصداع هو مؤشر على وجود أمراض خطيرة في الدماغ لدى الطفل. لذلك يجب على الأهل الانتباه جيدًا لأعراض الصداع وعدد مرات حدوثه وتكراره لتحديد سبب الصداع وتحديد إذا كان يستدعي زيارة الطبيب والعلاج أم لا.
كيف يحدث الصداع لدى الأطفال؟
تقول الدكتورة “نوف علي النون”، أخصائية طب الأسرة، أن الصداع هو أمر شائع يحدث لدى جميع الأطفال، ولكن عادةً ما يكون هذا الصداع بسيط لا يستدعي زيارة الطبيب.
وتابعت الدكتورة أن أسباب الصداع لدى الأطفال تكون مشابهة لأسباب الصداع لدى الكبار. وأضافت أن هناك أسباب بسيطة مرتبطة بنمط الحياة السلوكية للطفل مثل نوم الطفل لفترات زمنية متقطعة أو إذا كان يعاني من الأرق، كما أن الطفل إذا تجنب تناول الوجبات الغذائية فإن ذلك سوف يسبب صداع، أو إذا كان الطفل يتناول الأطعمة المالحة فإنها تسبب له الصداع.
ولكن هناك أسباب طبية أخرى قد تسبب صداع لدى الأطفال مثل الزكام، الجيوب الأنفية، الحساسية، أو آلام الأذن. كما أن هناك أسباب نادرة تُحدث صداع عند الأطفال مثل الورم الدماغي أو نزيف الدماغ، ومما لا شك فيه أن الارتجاج في الدماغ أو الضرب في الدماغ يسبب أيضًا حدوث صداع.
تؤكد د. “نوف” أن أعراض الصداع لدى الأطفال تختلف عن أعراض الصداع لدى الكبار؛ فالصداع عند الطفل يسبب ألم في البطن بشكل مستمر؛ وبما أن الطفل لا يستطيع التعبير عن الشعور بالصداع فإنه يتجه للتعبير بطرق أخرى مثل البكاء أو تجنب الضوء وتجنب الصوت المرتفع، بينما إذا كان الطفل يعاني في الأساس من مشكلة في النظر والتوازن فإنه يتجنب المشي. ولكن كلما تقدم الطفل في العمر كلما كانت أعراض الصداع لديه مشابهة للكبار.
الصداع العنقودي
ومن الجدير بالذكر أن الصداع العنقودي لا يحدث عند الأطفال أقل من عشر سنوات، وقد يحدث بشكل نادر للأطفال فوق عشر سنوات؛ وذلك لأن الصداع العنقودي هو صداع قوي من الممكن أن تحدث نوبته من مرة إلى ثماني مرات خلال اليوم الواحد، ويستمر من نصف ساعة إلى ثلاث ساعات، كما أنه يسبب احمرار في العين ويؤدي إلى الشعور بثقل في الوجه وانسداد في الأنف. وهذا الصداع العنقودي مشابه للشقيقة.
ولكن مع وجود اختلاف بسيط؛ فالشقيقة تحدث بشكل مفاجئ وتختفي بعدها، أما الصداع العنقودي يستمر لفترة كما ذكرنا. وإضافة لذلك فإن الصداع النصفي أو الشقيقة لا يحدث في نصف الدماغ فقط كما هو متعارف عليه، وإنما يحدث في الدماغ بالكامل ويشعر فيه المريض بالنبض في الرأس.
وقد يعاني المريض أيضًا من رؤية بعض الخطوط والهالات. ولكن تؤكد الدكتورة أن الشقيقة مرض وراثي مرتبط حدوثه بإصابة أحد أفراد العائلة من قبل.
كما تقول د. “النون”، أن الصداع العنقودي لا يحدث للأطفال، على عكس الشقيقة فهي تحدث بكثرة لدى الأطفال عن الكبار. والجدير بالذكر أن هناك بعض الأطعمة والمشروبات التي تسبب الصداع للأطفال.
فمثلًا الكافيين هو ممنوع بالنسبة للأطفال أقل من 5 سنوات لأنه يسبب الصداع، إضافة لذلك فإن اللحوم المعلبة تحتوي على نسبة من النترات، ولذلك فإن الأشخاص الذين يكثرون من تناول هذه اللحوم دائمًا ما يصابون بالصداع.
ومما لا شك فيه أن قلة النوم تعتبر أحد أهم أسباب الصداع عند الأطفال. ومن الأشياء المهمة جدًا التي يجب الانتباه لها هي أن الطفل الذي يتعرض للتنمر فإنه تصبح لديه صعوبة في أداء الأنشطة المدرسية ويسبب الصداع للطفل. ولذلك تنصح الدكتورة في حالة وجود صداع عند الطفل فيجب معرفة الأسباب المسببة الصداع ومحاولة تجنبها قدر الإمكان.
وتابعت د. “نوف”، أن الطفل الذي يركز بكثرة في الأجهزة اللوحية فإنه من الممكن أن يصاب بجفاف في العين، وبالتالي فإن جفاف العين في حد ذاته يعتبر أحد مسببات الصداع. ونتيجة لذلك تنصح الدكتورة الأهل بعدم إعطاء الأطفال الأجهزة الإلكترونية لأكثر من نصف ساعة في اليوم.
الوصفات العلاجية المنزلية لصداع الأطفال
تؤكد د. “النون” أن الصداع يمكن علاجه في المنزل ولا يحتاج إلى زيارة الطبيب؛ فمثلًا يمكن علاج الصداع باستخدام الكمادات الباردة، أو وضع الطفل في غرفة مظلمة وتهيئة جو مريح للطفل.
إضافة إلى سؤال الطفل عن أسباب إصابته بالصداع؛ فمن الممكن أن يكون الطفل لم يتناول وجبته الغذائية أو استمر في اللعب فترة طويلة في الشمس ولم يشرب الماء. بينما إذا استمر الصداع لدى الطفل فمن الممكن إعطاءه بعض الأدوية البسيطة مثل البروفين أو الباراسيتامول بعد استشارة الطبيب وتحديد الجرعة.
مما لا شك فيه أن الصداع المتكرر ولفترات مستمرة يستدعي زيارة الطفل للطبيب، وكذلك إذا كان الصداع مصاحب لأعراض أخرى مثل التقئ وضعف النظر أو فقدان في التوازن. وعلاوة على ذلك فإن الصداع لدى الطفل إذا كان مصاحب لوجود حمة، أو إذا كان الصداع مستمر بالرغم من إعطاء المسكنات فذلك بالفعل يستدعي زيارة الطبيب.
تنصح د. “نوف” بعدم إعطاء الطفل الدواء إلا في الحالات الشديدة؛ فيفضل أن يكون الدواء هو آخر حل تلجأ إليه الأم، وذلك لأن الصداع إذا تكرر أكثر من مرة خلال الشهر فإنه يستدعي زيارة الطبيب وتحديد سبب الصداع. ولهذا السبب لا تنصح الدكتورة باستخدام المسكنات لعلاج الصداع، وذلك لأن المسكنات قد تسبب ردة فعل عكسية وتسبب صداع مزمن لدى الطفل نتيجة سوء استخدام المسكنات.
أما بالنسبة للأدوية التي تسبب الصداع فهذا يكون بسبب وجود بعض الحالات الصحية المرتبطة بالصداع لدى الطفل وليس السبب هو الأدوية، ولكن كثرة المسكنات قد تسبب صداع مزمن.
من المعروف أن حساسية الجيوب الأنفية من الأشياء التي قد تسبب صداع عند الأطفال بشكل مستمر، إضافة لذلك فإن التهابات الأذن أيضًا قد تسبب الصداع لدى الأطفال، وكذلك مشاكل الزكام المتكرر.
وهذه تعتبر أبرز الأسباب الشائعة المسببة لصداع الأطفال. أما بالنسبة للأسباب المرضية فإن الأورام الدماغية أو التهاب الحمى الشوكية قد تسبب أيضًا صداع عند الأطفال، ولكن هذه الأسباب نادرة الحدوث عند الأطفال.
والجدير بالذكر أن نمط النوم عند الأطفال يعتمد على الفترة العمرية للطفل؛ فالأطفال الرضع يجب أن ينامون لمدة 12 إلى 16 ساعة، وتقل عدد الساعات كلما كبر الطفل. ولهذا السبب تنصح الدكتورة بعمل جدول نوم صحي للطفل بحيث ينام الطفل في أوقات معينة ويستيقظ في أوقات معينة. ولكن مما لا شك فيه أن كثرة النوم أو قلة عدد ساعات النوم تسبب الصداع. لهذا السبب تؤكد الدكتورة على أهمية نمط النوم عند الطفل لتجنب حدوث الصداع.
كيف يمكن للطفل التعبير عن شعوره بالصداع؟
أردفت د. “النون”، أن الصداع لدى الطفل تكون له أعراض واضحة يلاحظها الأهل، وهذا يستدعي زيارة الطبيب لمعرفة سبب هذا الصداع. لذلك تنصح الدكتورة بمتابعة هذه النقطة لدى الطفل وعمل مدونة لتحديد أسباب تكرار الصداع عند الطفل وأسباب الصداع نفسه، وإذا تكرر الأمر بكثرة يجب وقتها زيارة الطبيب لتفادي تكرار حدوث الصداع عند الطفل. وأضافت أيضًا أن بعض الأعراض المصاحبة للصداع مثل التقئ أو أعراض أخرى تستدعي زيارة الطبيب.
ختامًا، تنصح الدكتورة الأهل بالاهتمام بغذاء الطفل وتناول وجباته اليومية، خصوصًا وجبة الإفطار، إضافة إلى ضرورة شرب الماء بكميات كافية وتجنب شرب المواد التي تحتوي على الكافيين. وبهذه الطرق يمكن تجنب حدوث الصداع لدى الأطفال قدر الإمكان.