ها هو العد التنازلي قد ابتدأ! لا، قد انتهى. إن عامنا الهجري هذا -الذي أسأل الله أن يكون شاهِدا لنا- ها هو يرحل. والعِبرة ليس أن نلتفت إلى بعض ونقول: ما أسرع هذا العام!
يقول الشيخ سعد العتيق -حفِظَهُ الله-: أنا عِندي يقين أن هذا العام أسرع عام على وجه الأرض وكوكب الأرض؛ وسيكون العام الذي سيليه أسرع مِنه. والعبرة ليس أن نتلاوم أو أن نقف مندهشين من هذه السرعة.
اسأل نفسك
لكِن العبرة في أسئلة: ما ميزانيتك في هذا العام؟ ما العمل الصالح الذي تقربت به إلى المَلِك العلام؟ هل أنت راضٍ على مواسم العتق من النار في هذا العام أنك كنت في كل موسم تودِّع الدنيا؟ تصوم صيام المودعين؟ وكنت في عشر ذي الحجة كنت في الطاعة كأنما تودِّع الدنيا؟ صليت صلاة المودعين؟ تودِع في كل دقيقة تسبيحة؟ إذا نظرت إلى مؤمن تبسمت؟ إذا رأيت جنازة تَبِعْت؟ إذا علِمت عن مريضٍ عُدت؟ إذا رأيت فقيرا تصدقت؟
فإذا كانت أعمال البِرّ في صَفِّك؛ فلا يهمك أن تتسارع الأيام والليالي.
المصيبة أن تتسارع وأنا وأنت لا زلنا نقِف نرقُب للصالحين والطائعين وهم يدخلون مواسم الخير؛ وينهلون من الأجر ويرحلون، ولا نفيق.
المصيبة أن نرى الجنائِز بمواكب مهيبة كثيرة إلى العالم الآخر، ولا زال بعضنا يترحَّم عليهم، ويعزي هؤلاء في فقدان ذويهم، ونسي أن الطريق إليه.
هل اِسْتَعْدَدْتِ؟
البعض مِنا لا يدري هل يُدرِك العام الهجري الذي سيليه، هذا العام الذي سندخله، أم أنه لربما كان آخرُ عامٍ له!
همسة.. أليس من الممكن أن أموت أو تموت في العام القادم؟ بلى، مُمكِن. وإذا قِيل لي ولك أن هذا هو الأخير من حياتك، وآخر عامٍ لك. ألا تتغير البرامج؟ ألا تترتَّب الأولويات؟ ألا تبكي العيون؟ ألا تُنَاجِي الله؟ ألا تتخلص من المظالِم؟ ألا تصدق في التوبة النصوح؟ ألا تتمنى أن رمضان حتى تعتكف في عشْرِه؟ بل تعتكف فيه كله؟ وأنت تتلو كلام ربك؟ وأن تصفح عن كل من أخطأ عليك؟ وأن ترُد المظالم إلى من ظلمت؟
كل من يعلم أن الرحيل قد حَلّ سيفعل ذلك.
وهنا: رسالة من أجلك يا قاطع الرحم
اجعله عام الوداع
ما رأيكم أن نجعل العام القادم عامُ الوداع! لا بأن نموت؛ لا، اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، -كما ثبت في الأثر-.
ما أجمل حياة التائبين، المودعين، النادمين؛ فإن حياتهم جميلة.
ختم الله حياتكم بالطاعة. يا رب اجعل آخر الكلام لا إله إلا الله؛ ولا تقبِض أرواحنا الا وقد رضيت عنا، وأريتنا منازِلنا من الجِنان يا رحمن.