يعتقد بعض الناس أن فور انتهاء وباء كورونا (Coronavirus) سيصبح المجتمع أفضل مما كان عليه، ولكن الأمر لا يتعلق برغبتنا في أن نصبح أفضل، بل يحتاج إلى محاولة واستمرار طويل في هذا العمل.
التغيير الذاتي سهل الحدوث، ولكن تغيير المجتمع والشبكات الاجتماعية يحتاج إلى فترة طويلة، ومن يَبذُر نواة التغيير لن يرى أثرها في حياته، لذلك يجب ألا نضع أملًا كبيرًا في رؤية التغيير الآن.
بعض الأشخاص يمكن أن يصابوا بالقلق المرضي بسبب هذه الوباء إذا كانت مدته وشدته عالية جدًا في المكان المحيط بهم، لذلك يجب على الأفراد التزام البيوت حنى نحد من انتشار هذا الوباء ونستطيع السيطرة على بؤر العدوى.
هل وباء كورونا يمكن أن يجعلنا أشخاص أفضل؟
يقول الدكتور “خليل الزيود” مستشار أسري وتربوي، إن هذا يعتمد على عاملين المدة والشِدَّة، الكلام الجميل الذي من الممكن أن نقوله أن الحياة ستكون أفضل والعلاقات الاجتماعية أقوى، هذا الكلام صحيح، لكن يعتمد على مُدة الوباء في البلد ومدى شدته، وعدد الوفيات ومدى القدرة على السيطرة عليه أو تفشيه، الآثار التي ترتبت على ذلك عند الأطفال أو كبار السن، هذا الكلام كله سيؤثر سواء كان بطابع إيجابي أو سلبي.
وأضاف الدكتور أن الأمر لا يرتبط ولا يتعلق على كم نتمنى أن نكون أشخاص أفضل، الأمر كله عبارة عن معايير وأشياء، فهل كانت شبكة علاقاتنا الاجتماعية سابقًا أفضل؟ فالتغيير لا يأتي قفزات، بل يحتاج إلى طول نفس وتجربة وتمرين طويل واستمرار في هذا العمل، ولذلك فنحن نحتاج إعادة النظر مرة أخرى في طبيعة العلاقات التي كانت معنا سابقًا، فوجود وباء مثل هذا لن يجعل منا أشخاصًا أفضل بمجرد اختفاء الوباء، ولكن من الممكن أن يُعطينا محاولة لنكون أفضل.
التغيير التدريجي للمجتمع
كما قلنا أن هذه الفترة هي اختبار، لكن مشكلة هذا الاختبار أنه يحمل تبعات ثقيلة خلفه، فكل شخص يحمل تاريخ كبير من عدم التراحم والتعاطف.
فبالنسبة للبطالة هناك ملايين الأشخاص في مختلف الدول يعانون من البطالة وتقدموا لطلب القروض والمساعدات، شبكة العلاقات الاجتماعية تحتاج إلى تمتين، لكن هذه الأشياء تحتاج إلى تاريخ من العمل تجاه تلك المؤسسات الاجتماعية، وهذا غير موجود في البلاد العربية أو العالم، فاغتنام هذه الاختبارات يمكن أن يكون موجود على المستوى الفردي، لكن على مستوى المجتمعات والدول يحتاج إلى وقت طويل جدًا، فنحن نستبشر خيرًا على مستوى الأمل والتوقعات، لكن على مستوى أرض الواقع الأمر ليس بسيطًا بهذه الطريقة، فالتغيير الفردي الذاتي سهل الحدوث، لكن في قضية المجتمعات والتغيير في شبكة العلاقات الاجتماعية يحتاج منا إلى فترة طويلة، والذي يَبذُر التغيير لن يحصد الثمار ولن يرى النتيجة.
المجتمع ليس مجموعة من الأفراد، بل مجموعة علاقات بين الأفراد، فهي شبكة علاقات اجتماعية، وحتى تُبنى العلاقات تحتاج إلى أجيال تسلم الراية إلى الأجيال الأخرى، فحتى نبني علاقات تراحُميَّه ليست تعاقديه بين أفراد المجتمع نحتاج إلى فترة طويلة، قد يكون هذا الوباء إشارة أو علامة على الطريق، لكن الموضوع لن يكون بمستوى هذا الخطاب الجميل الذي نطرحه في الفضائيات ولن يكون بهذه السهولة.
فالوباء الذي نحن فيه الآن جزء مهم وضروري في هذا الطريق، ولكن نحن نتحدث عن نتائج ما بعد الكورونا، لذلك نتحدث عن شبكة علاقات اجتماعية تحتاج لعمل كثير، والذي سيبذر هذه النواة الجميلة لن يرى نتائجها، فيجب أن يكون عندنا أمل ولكن لا يجب أن تكون توقعاتنا مرتفعة حتى لا نصطدم بالواقع.
كيف تفسر خوف بعض الأشخاص من الرجوع للحياة الاستهلاكية والضوضاء؟
الشعوب التي بها هذا الوباء تمر بثلاث مشاكل، الخوف والذُعر والغضب، وبعد قياس مدتهم وشدتهم إذا وجدت أن المدة طالت وكانت هناك شدة عالية جدًا فنحن الآن أمام القلق المرضي الذي يترتب عليه مشاكل ما بعد الصدمة، لذلك يجب الالتزام بشكل أكبر على مستوى الأفراد، فإذا تحدثنا الآن عن الأردن فنرى حجم التزام الناس في بيوتهم يتعدى ٩٥ بالمائة، نسبة التزام عالية جدًا مما جعل نسب انحسار الوباء والسيطرة على بؤر العدوى ممتازة جدًا.
كما أوضح أن الفيروس لا يكون في حدود ١٠٠ متر ولكن يكون على مسافات طويلة، فنحن نأمل أن يبقى الناس كما نراهم الآن، ولكن نخفض من سقف التوقعات حتى نستطيع التعامل معهم، فإذا شعر الأشخاص بالأمان سينتشرون مباشرة في الشوارع.
والمعادلة صعبة إلى حد ما، الذعر والخوف والغضب موجودين حاليًا، والتعامل معهم يكون بالمدة والشدة، كلما كانت المدة والشدة أقل كانت الأمور أفضل والعكس صحيح.