جلس مجموعة من الأطباء حديثي التخرج من جامعة خارج المملكة يتسامرون بعد يوم طويل من العمل، قال أكبرهم «هل تذكرون محمود، ذلك المريض العجوز فاقد الأسنان الذي كان يقبض مالا من كل طالب في كلية طب الأسنان مقابل أن يصنع له طقم أسنان متحركا يقوم برميه بعد ذلك ليذهب إلى آخر؟ لقد أصيب بمرض في اللثة أقعده في البيت». قال أوسطهم «إن في ذلك لعبرة لبقية المرضى الذين يتاجرون بصحتهم». قال أكبرهم «لو توقف هؤلاء عن المجيء لجلس طلاب الكليات الطبية دون تدريب».
أجاب آخر «الغريب أن أعداد المرضى في ازدياد، والأسعار لا تتوقف عن الارتفاع، لقد أصبح الأصحاء أيضا من رواد هذه المهنة، فقد جاء أحدهم يطلب من الطبيب تركيب حشوة سنية لسن سليمة تماما، وعندما رفض الطبيب ذلك، أجابه أن هذه هي السن الأخيرة المتبقية دون حشو، وأنه قد أخذ مالا مقابل كل سن سليم قام بحشوه، وهو يريد أن يكمل الباقي؛ ليبدأ في البحث عن علاج آخر من خلاله يحصل على المال».
قال الثالث «حصل لي ما هو أعجب من ذلك، لقد جاءني مريض يطلب أن أزيل له علاجا لجذر السن كان قد قام به منذ أيام، ويريد أن أعيد له تركيب حشوة الجذر، في مقابل معين، وعندما سألته عن السبب، أجاب أنه قام بذلك أكثر من مرة، وهو لا يشعر بالألم من ورائه، كما يحصل مع باقي الحشوات التي قام بها».
لم يزل واقع أطباء التدريب بهذا الشكل إلى اليوم، ولا أدري من يتحمل هذه المسؤولية الأخلاقية والطبية؟ فإذا لم يحصل ذلك لن يتمكن الأطباء من التدريب، وإن بقي الأمر على ما هو عليه؛ فإن الطبيب الناشئ ينشأ على التقليل من شأن أخلاقيات المهنة رضوخا لمتطلبات الواقع ورغبة مريض في الحصول على المال.
هناك ما هو أفظع من هذا السيناريو يحدث يوميا، أمام الأعين، وبعلم الجهات المختصة، وإدارات المستشفيات الجامعية والعيادات التعليمية.
بقلم: سالم السيف