عن العام الجديد الحديث
نعيش هذه الأيام فترة فارقة بين عام يستعد للرحيل وآخر يستعد للإقبال علينا! أما عامنا الماضي فعرفناه وعرفَنَا، عايشنا أيامه وتفاصيله أو عاشتنا، عرفنا بعض أسراره ودخلنا دهاليزه، وذقنا فيه طعم السعادة واستمتعنا بلون الفرحة وهو يترك طابعه على عامنا المنصرم، ذقنا وعرفنا معنى الأنس بالصحبة، وروينا ظمأ الحنين بلقاء الأحبة.
ولم يخل عامنا المنصرم من مرارة بعض اللحظات، فقد تعرضنا فيه لتجربة الإخفاق، وتعرضنا لمواقف صعبة جدا علمت فينا وعلمتنا.
عايشنا فيه لحظات من الندم، واحتلت الحيرة والتردد مساحة لا بأس بها من الأيام، عرفنا فيه معنى الاحتياج الملح وتعلمنا فيه معنى الاعتماد الحقيقي على الذات في أشق الأوقات وأصعب المحطات!
أما عامنا القادم فلا نعرف ما فيه، ولا نستطيع التنبؤ بما تحمله أيامه ولياليه، ولا يمكننا توقع مفاجآته، لكن بإمكاننا أن نسرح بخيالنا ونصنع من الحب والتفاؤل وحسن الظن بالله والأمل خارطة طريق لنا، نتصور فيها محطات السعادة ولحظات النجاح، مستعينين في ذلك بالله مهتدين بهديه، وآملين في مدده ومساعدته لنا.
همسات العام الجديد
ولأننا في انتظار بداية العام الجديد فكأنني أسمع همساته وتوصياته لنا بما يجب علينا أن نفعله وما ينبغي اجتنابه، لننعم بعام هادئ طيب سعيد، وكأني أسمعه يهمس قائلا:
- عامكم الجديد هو غدكم الذي دنا واقترب على الوصول، فأحسنوا استقباله وأكرموا نزله فهو ضيف يحل عليكم بعضا من الوقت، وينزل بدياركم لفترة من العمر، ثم يمضي ولا يعود أبدا، فأكرموه كأفضل ما تكرمون ضيوفكم وأحسنوا إليه كما تحسنون إلى أعز الناس عندكم.
- عامكم الجديد ينبوع أمل جديد وبشارة خير قادم، فعانقوا فيه أحلامكم وأمنياتكم، واحتضنوا أفراحكم وسعادتكم، وحافظوا قدر المستطاع على ينابيعها، ولا تتركوها تنضب.
- عامكم بالحب أحلى، وأيامكم القادمة أغلى وأقيم، فافتحوا للحب أبواب القلوب، واسمحوا له أن يبدد ظلمة النفوس، يضيئ عتمة الأرواح، ويبدد مخاوفكم من الغد وما يحمله لكم، الحب سلاح لا يخيب حامله، فاستعينوا به على ما يواجهكم من تحديات وصعوبات!
- اجعلوا أفراحكم بالحب أعمق ، وأطول عمرا فالحب يطيل عمر السعادة ويجعل القلب يعيش الفرحة ألف فرحة.
- ودعوا عامكم الراحل بالتسامح، سامحوه على كل ما بدا لكم من سوءاته، تناسوا غدراته وصفعاته، اطووا صفحاته المرهقة، ولا تذكروا من دروسه إلا ما يرشدكم ويضيئ الطريق أمامكم، ويجعلها أوضح، ويجعل التجارب أفضل، والخبرة أكبر وأعمق.
- الندم على ما فات والخوف مما هو آت عدوان فارقوهما في رحلتكم ولا تصاحبوهما في عامكم المقبل، فهما لصان لا أمان لهما، ولا يزالان يتربصان بكم حتى يضيعا الحاضر، ويشوها المستقبل، فاحذروهم!
- ابدأوا عامكم برسائل التسامح والتصالح والصفاء، سامحوا العالم بأسره، لا تدعوا في قلوبكم ولا بقعة سوداء، استقبلوا العام بقلوب بيضاء كالحليب، احذروا أن ترحلوا أو يرحل أحبابكم، وفي القلوب شيء من الملام أو العتب.
- اعتذرا لكل من أخطأتم في حقه، أو جرتم عليه، والتمسوا الأعذار لغيركم، نقوا قلوبكم لتصبح في نقاء الثلج، ونظفوها من رجس الظلم ، اجعلوها تشيع الحب وتشع نورا وضياء.
- سافروا عبر عامكم المقبل إلى حيث مواطن السعادة، ومرابع الأنس، والأحلام الوردية، تفننوا في إبداع أروع صور المستقبل، وابذلوا قصارى جهدكم لتصبح الصورة حقيقة واقعة.
- احذروا وضع السيناريوهات القاتمة، الاستمرار في التوقعات السلبية، تخلا عن التشاؤم، ابتسموا للعام المقبل، استقبلوه ببشاشة وضحكات تعلوا الثغر، لتبتسم لكم الأيام وتبش في وجوهكم ساعاته ولحظاته.
- السعي باب النجاح، والعمل والاجتهاد مفتاحه، فبالكد تدرك المعالي وبالجهد وسهر الليالي ليس بالتمني فقط، فعمروا عامكم بالعمل ولا تهدروا أوقاته وتضيعوا كنوزه بوقوفكم في طوابير الانتظار، فالنجاح لا يسعى إلى أحد وإنما يسعى إلى النجاح كل أحد.
- ابدأوا العام بالتمرد على لفشل، واسلكوا طرقا جديدة إلى أهدافكم، فمن الحمق أن يسلك الإنسان نفس الطريق ويتوقع نهاية مختلفة.
- لا تستنذفوا أعماركم في الخلاف، ولا تضيعوها في طلب ما لا يحدث، خذوا من الحياة ما تعطيكم ودعوا ما تزويه عنكم، فإنها دنيا وليست جنة.
- تعاملوا مع كل لحظة وكأنها آخر لحظة، فاعطوا كل ما في وسعكم، وابذلوا كل ما في جهدكم وانتظروا الفضل من الله، واستبشروا بحسن الأجر والثواب من لدنه فقط، وليس من الخلق.