يبقى الانطباع الأول لدينا جميعاً من الأمور التي تحكمنا وقد يجعله العديد من الناس مرجعاً مهماً لهم في الحكم عن مدى إيجابية أو سلبية العلاقة التي تجمعنا بهذا الشخص التي تعرفنا عليه لأول مرة، لذلك وجب علينا التحلي بالدقة عند أخذ الانطباع الأول عن الآخرين.
ما أهمية الانطباع الأول وهل يتأثر بمزاج الشخص؟
ترى الدكتورة حكمت بسيسو ” خبيرة التنمية البشرية والتدريب ” أن الانطباع الأول شيء مهم وهو العملية الأولى والسطحية التي يقدمها الدماغ لنا في لحظة رؤيتنا للأشخاص أو للأشياء وهذه القشرة الدماغية تزودنا بإجابة سريعة وتحليل سريع لهذا الشخص مع مراعاة أن لهذا التحليل السريع 5 صبغات تضاف إليه.
على سبيل المثال، عندما نرى الشخص لأول مرة نراه على أنه كوب من الماء وبمجرد التقاط الصورة لهذا الشخص فإن الدماغ يبدأ بوضع بعض الصبغات أولها هي المعتقدات التي يحملها هذا الشخص والصبغة الثانية هي الحالة النفسية التي يمر بها هذا الشخص والثالثة هي الاحتياجات التي يمكن أن يشعر هذا الشخص بها مثل احتياجات النوم والشبع والجوع والجنس وغيرها بجانب صبغة الخبرة خاصة عند التعامل مع الناس والتعرض لمختلف العلاقات والأنماط من الناس، لذلك فإن هناك العديد من العوامل التي لا تجعل الانطباع الأول هو الحقيقة المطلقة لمعرفة الإنسان.
هل تحكم الفطرة الانطباعات الأولى للأشخاص؟
بالدرجة الأولى يعتبر الدماغ سريع جداً في إعطائنا الإجابة عن شخصية الشخص لأن الدماغ يعتبر خادم لنا ولكنه ليس بالخادم الدقيق لأنه لا يقبل الصناديق المغلقة بل يجتهد ويبحث عن هذه النتيجة، لذلك فإن الانطباع الأول هو عملية سريعة فطرية يقدمها لنا الدماغ.
على الجانب الآخر، لابد لنا من أن نكون حذرين قدر الإمكان عند الانطباع الأول عن الآخرين لأنني أعتقد أن كل إنسان قد حصل له في تاريخه انطباع إيجابي تجاه شخص ما ولكن التجربة أثبتت بعد ذلك أن هذا الشخص سيء أو أن تجربته كانت سيئة كما من الممكن أن يكون لنا تجربة سيئة مع شخص ما وبعد فترة من الزمن انقلب هذا الشخص ليكون أفضل وأجمل شخص في حياتنا، لذلك ليس دائماً الانطباع الأول هو الأدق ولكن دقته تعتمد على عوامل مختلفة جزء مهم منها هي الروحانية والنقاء والحضور الجيد والعلاقة الجيدة مع الناس والأصل في الانطباع الأول هو أن الناس جميعاً برئاء حتى تثبت إدانتهم وليس العكس والأصل كذلك هو أن نتحقق بدقة شديدة من صحة انطباعنا الأول عن الغير.
ما مدى أن يكون الانطباع الأول ظالماً؟
تابعت ” حكمت “: من الممكن أن يكون الانطباع الأول ظالماً للأشخاص الذين نتعرف عليهم لأول مرة لأن هناك صبغات كثيرة نصبغها على الأشخاص عند التعرف عليهم لأول مرة.
على سبيل المثال، من ناحية المعتقدات فمن المعتقد في العقل العربي أن الشخص الأجنبي أكثر تنوراً وتمدناً من الشخص العربي، وهذا هو الانطباع الأول بينما يمكن أن يكون العكس في كثير من الأحيان، لذلك فإن المعتقدات تؤثر بدرجة كبيرة على الانطباعات التي نأخذها على غيرنا والتي يقدمها لنا الدماغ.
بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أن نتنبه إلى أن الانطباع الأول يؤثر علينا بالعقل اللاواعي والتي نطلق عليه مسمى التجاذبات وذلك مثلما نتعرض إلى صدمة نفسية فإن تلك الصدمة تؤثر علينا عند مقابلة شخص لأول مرة مما يؤثر على وجود الانطباع السلبي بالنسبة لهذا الشخص الذي صادف تعرفنا عليه لأول مرة صدمة ما نفسية سلبية ومن ثم يبحث الدماغ عن تأكيدات لهذا الانطباع مما يزيد من وتيرة تصيد الأخطاء لهذا الشخص عكس الانطباع الإيجابي الذي يستدعي منا ضرورة الغفران، لذلك يجب علينا التأني والتدقيق والتحلي بالموضوعية عند أخذ الانطباع الأول عن أي شخص.
ما هي الخدع التي تُستخدم لترك الانطباع الإيجابي الأول؟
هناك ورطة كبيرة جداً في الخدع التي يستخدمها بعض الأشخاص لترك انطباع إيجابي أول خاصة عند التقديم للعمل حيث يقوم الشخص المتقدم لهذه الوظيفة أو لهذا العمل بإظهار إطار غير الإطار الحقيقي لشخصيته ولحضوره وقناعاته ومن ثم تنكشف حقيقة هذا الشخص فيما بعد وتظهر شخصيته الحقيقية وهذا يجعله موجود في مكانه غير الحقيقي ولا يتواجد مع الأشخاص المناسبين له، ونفس الشيء يمكننا تطبيقه على العلاقات بين الناس التي قد تتسم معظمها بارتداء البرواز الادعائي والاستعراضي التجميلي الذي يغطي الحقيقة.