في مطعم من المطاعم الفخمة الراقية، اشتغلت الأجواء المرحة الرومانسية لتهنئ إحداهن بعيد ميلادها.. ووزع زوجها الشاب على جميع الحاضرين قطعا من الجاتوه تعبيرا عن سعادته وحبه لزوجته.. وهي كانت في منتهى السعادة بالمفاجأة الرائعة!
هذا ليس مشهدا من مسلسل متلفَز.. هذا واقع شهدته بعيني مرات عدة في أكثر من مطعم في جدة.. زوج يفاجئ زوجته بهدية عيد ميلاد أو بتهنئة على مناسبة ما في مقهى أو مطعم ليدخل الفرح على قلبها ويظهر لها مدى حبه.
ومع أن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في مجتمع جدة على وجه الخصوص إلا أن الرجل السعودي ما زال يحمل سمعة أسوأ رجل في العالم! فهو الرجل الجلف غير الرومانسي الذي يضرب زوجته ويخونها ويتزوج مسيارا ويغازل خادمته ولا ينفق على بيته ولا يعرف فن التعامل مع المرأة، بل إن بعض المدوِنات الأمريكيات تخصَصن في تفنيد مساوئ وأخطار الرجل السعودي وإظهار عيوبه التي لا حصر لها وتفتيته وتحويله إلى لا شيء وكل ذلك طبعا بمساعدة عدد من السعوديات المقهورات، والقصص كثيرة ومؤلمة في هذا المجال.
وأكيد بعضها صحيح وبعضها مبالغ فيه، ولكن ما يحيرني حقا هو خدمة الإعلام لهذه الصورة النمطية المقيتة عن الرجل السعودي.
ترى هل يخدم الإعلام السلبية أم أن السلبية والشر والنكد هي ما تعطي قيمة للإعلام سواء كان تقليديا أم غير تقليدي؟ وإذا كان الرجل السعودي فعلا سيئا، فلماذا نجد العديد من الأمريكيات متزوجات من سعوديين؟ ولماذا تقبل النساء العربيات الزواج من رجل شرس وحاد الطباع؟
وحتى أرضي فضولي طرحت سؤالا استفزازيا في إحدى المواقع الاجتماعية: هل الرجل السعودي أسوأ رجل في العالم؟
وكانت مفاجأتي أن معظم الإجابات جاءتني من شابات مثقفات بأن الرجل السعودي رائع أبا وزوجا رغم كل ما يقال، وإجابات أخرى موضوعية أفادت بأنه من الخطأ التعميم؛ فالسعودي مثله مثل أي رجل آخر فيه عيوب ومميزات.
إذن لماذا لا نسمع هذه الأصوات النسائية الواعية المعتدلة؟
ربما يستحسن أن أضيف تساؤلا آخر منطقي وطبيعي: هل حاولت المرأة السعودية فهم الرجل السعودي بعيدا عن الصورة النمطية له وعن جعجعة ثلة من مدعيات الثقافة والخبرة الإعلامية؟
ترى هل فقدنا عقولنا كمجتمع لتصبح حياتنا معركة «إعلامية رخيصة» لا نهاية لها بين الجنسين.. معركة لا رابح فيها مطلقا؟! ربما نكون أيضا فقدنا قلوبنا حتى عميت أبصارنا عن رؤية الجمال والطيبة فيمن يكملوننا ونكملهم!
بقلم: مها نور
ويُمكنكم الاطلاع على: كلمات عن الأنثى العنيدة.. أنثى وأفتخر!