أخيرا قررت أن أثور! نعم، فأعصابي ما عادت لتتحمل أكثر من ذلك، فالشاعر الذي يقف أمامي الآن، وأكمل عشرة أبيات من قصيدته العصماء الهوجاء البلهاء الخرقاء، يظن أنني مغفل بما فيه الكفاية لأصدق ترهاته الكثيرة التي قالها عن ممدوحه، أنت كالسيف – أنت كالبحر – أنت كالمزن – أنت كالبرق وكالشمس وكالقمر، ولن أجعله يكمل أكثر، فربما كان الشاعر منتسبا إلى مدرسة علي بن الجهم حين مدح فقال «أنت كالكلب في حفاظك للود – وكالتيس في قراع الخطوب».
الطريقة الوحيدة التي سأعبر بها عن غضبي وشديد احتجاجي على تلك المهزلة، هي أن أمسك بالـ «ريموت» ثم أضغط أقرب زر فيه لينقلني لأي شيء، نعم سأرضى بأي شيء.. عدا أن أشاهد أحدهم يطلب مالا بطريقة ساذجة وبدائية كتلك!
ولكن ولأن حظي منذ القدم كـ «دقيق فوق شوك نثروه – ثم قالوا…إلخ»، كانت الضغطة السابقة أقوى مما يجب فأرسلتني إلى قناة أخرى يصطف فيها مجموعة من الرجال في صفين متقابلين ثم يقصف شاعر الصف الأول، الشاعر الذي يقف في الصف الثاني شعريا، ويصفه بكثير من الأوصاف التي كان أكثرها أدبا أن «ما فيه خير!» فيما يتكفل باقي أعضاء الصف الذي ينتمي له الشاعر الأول بتأكيد ما قاله الشاعر وترديده لمرات متواصلة، حتى يسمع من به صمم!
وحينما يجد شاعر الصف الثاني أنه في كامل جاهزيته النفسية وتمام لياقته اللسانية فإنه يصرخ «خلوووووووها!» ثم ينقض على الشاعر الأول على طريقة «وإن زدت زدنا» ولن يتوانى عن «شرشحته» ورد الصاع بعشرة والبادئ أظلم! وتستمر تلك الأمسية حتى تضمر مفردات الشتائم وتتلاشى مترادفات السباب لدى أحدهما، وعندها يقلد الآخر بلقب الشاعر «النحرير!».
وتحت تلك الظروف أيها السادة وظروف أخرى مشابهة فإن زر «rewop» سيصبح هو الخيار الصحيح!
بقلم: ماجد بن رائف