يهرب كثيرون من مستخدمي الإنترنت إلى عوالم افتراضية تهيئ زوارها لحياة أخرى إلكترونية تشابه الحياة الواقعية في الأساسيات وتختلف عنها في الحريات يقضي اللاعبون أمامها وفيها معظم أوقاتهم ليمارسوا حياتهم بالصورة التي لطالما حلموا بها!
فلكل مشترك هناك حياته الخاصة، وعمله الخاص وأصدقاؤه الذين يلتقي بهم في ذلك العالم الموازي.. فالسكند لايف مثلا التي أطلقت في عام 2003 ميلادية والتي يمارس ملايين الأشخاص من كافة أرجاء العالم حياتهم فيه، باتت الآن عالما موازيا لعالمنا الواقعي، فآلاف الملايين تصرف في كل عام على المشاريع التي تقام في ذلك العالم البعيد القريب.
كما أن نسبة كبيرة من الجامعات العالمية فتحت لها فروعا في عالم السكند لايف، وعليها أيضا أقيمت المساجد والمعابد والكنائس والشركات، إضافة إلى أن بعض البلدان أقامت سفاراتها على أرض السكند لايف اللا موجودة فعليا، وهو أمر بات مخيفا بلا أدنى شك، فما إن تتدخل السياسة في أي شيء حتى يصبح وبشكل تلقائي واقعا لا ينكر وجوده!.
هذه التفاصيل تدفعنا لأن نفكر فيما إذا كان واقعنا شديد المرارة إلى هذه الدرجة! أو إلى الحد الذي نستعيض فيه عن واقعنا بحياة أخرى «مختلقة» نهدر خلالها ساعات طويلة من أوقاتنا لنعيش في عوالم موازية ثلاثية الأبعاد!.
أعتقد أن التكنولوجيا باتت تدفعنا فعليا للعيش بعيدا عن الواقع، كما أن تكاد الأجيال تنفصل بعضها عن بعض كليا، فما نفهمه نحن لا يفهمه الجيل الذي يسبقنا وما لا نفهمه يفهمه بكل تأكيد الجيل الذي يلينا ويتعامل معه بكل بساطة، بينما نجاهد نحن لاستيعاب فكرته على أقل تقدير، وهذا التفاوت في الفهم والتعاطي مع التكنولوجيا أدى وبكل أسف إلى وجود فجوة كبيرة في الخطاب ما بين الأجيال.
لن ننكر أن التكنولوجيا ورغم تعقيداتها جعلت الحياة أكثر سهولة مما كانت عليه لكن تكنولوجيا «الافتراض» ضبابية العواقب النفسية والآثار الاجتماعية حتى إشعار آخر وهذا ما يجب علينا توخيه!
بقلم: أثير عبدالله