عندما تلاحظ أن الآخر أصبح يهتم بصغائر الأمور فيحول البسيط إلى قضية كبرى، ويكون لديكم «حفلة جدال» عقيمة، لتعد ذنوبك بحثا عن السبب الذي جعلك فجأة متهما دون قضية، قد يكون ذاك كله نداء خفيا لحاجاته ورغباته المؤجلة أو التي لم تشبع، ولم يحسن التعبير عنها لأسباب لا دخل لك بها، كاعتقاد أن الإعلان يفقد الرغبة شهيتها، وأراه واضحا في طبيعة الأنثى أكثر من الرجل، فكم وجدت عزيزي القارئ أنثاك غاضبة أو حزينة ولا تعرف السبب، رغم يقينك أنك قدمت كل ما في وسعك لإسعادها وهي تتعلق بمواقف واهية وتختلق شماعة تلقي عليها ما عكر «مزاجها»!
ولا تأخذك الظنون في رحلة بعيدة وتفتح للهروب بابا، فهي باختصار تريدك أن تعلم ما تريده هي دون أن تقول شيئا، ولا شك أنها مهمة شاقة وغير منطقية، لكن إذا علمت أنها نتيجة طبيعية للخوف من الرفض أيا كان شكله، أو تفاديا للنقد القاسي، أو تراكمات لخبرات سابقة لم تتعلم فيها كيف تقول ما تريده مباشرة، أمكنك حينها أن تضع يدك على الجرح وتنهي نزف المشاعر.
وبمناسبة الحديث عن الخوف، فمن يحترمك ويحبك قد لا يكون واضحا معك لدرجة الكذب عليك، عندما يخافك ويخشى ردة فعلك وما يترتب عليها من خسائر لا طاقة له بتحملها، فالإنسان الصعب وإن قدم ما قدم، يبقى أرضا ملغمة وخطرة وغامضة، دخولها مجازفة لا يحمل تأكيدا إنما احتمالات لا تطمئن.
لذا قد يكون لنا يد في تعامل الآخر خلاف توقعاتنا، عندما نحشره في زاوية الخوف بدلا من سعة المرونة، وتقبل الإخفاق كخطوة للنهوض سريعا، وردة الفعل الأولى لا تكاد تنسى كونها محفوفة بألم العثرة، ولها ارتدادات خطرة تحدد كيف سيكون معك مستقبلا، ربما يتوب عن الصدق فقد منحته مبررا ليكون كذابا وخائنا ومراوغا.
خارج النص: يكفي أبناءنا رهبة الامتحانات.. فامنحوهم الحب والاحتواء وحس المسؤولية.. فالنجاح رغبة طبيعية لن يفرط فيها إلا مجبر يواجه صعوبات قد لا يعرفها.. ولننته من ترديد «ذاكر.. ذاكر» دون ضمة حانية.
بقلم: أمل بنت فهد