في البداية أنا مع حرية الصحافة، وأرى عمل جوليان أسانج وفكرة موقع ويكيليكس مجرد عمل صحفي جريء حاول من خلاله كشف الكثير من القضايا في كل أرجاء العالم، وهو يستحق عليه الشكر، وأتمنى أن تستنسخ فكرته لتشمل كل مناحي الحياة لنرى «ويكي للرياضة، للاقتصاد، للأدب، للفن…».
هنا لن أناقش ما تم تسريبه من خلال الموقع لكني أريد أن أقف عند «فرضيات» وأفكار تستحق المناقشة حول جوليان أسانج نفسه.
ماذا لو تم تسريب «بعض الأكاذيب»؟
القاعدة التي يتعامل معها الناس حول تسريبات ويكيليكس أن كل التسريبات حقيقية على اعتبار أنها تحكي قصصا كانت سابقا مشكوكا في صحتها أو لديهم معلومات شبه مؤكدة عنها ثم بعد التسريب تم تصديقها وتأكيدها.
هذا ربما يعطي الموقع فرصة لبث واختلاق أي أكاذيب معينة أو تحوير لقصص معينة حتى يتم تصديقها، ولا ننسى القاعدة التي حفظها الناس: ويكيليكس لا يكذب!.
لماذا يعتقد بعض العرب أن أسانج مجرد مؤامرة أمريكية جديدة؟
هناك الكثير من التحليلات والمقالات التي تصف جوليان بأنه مجرد أداة صغيرة تحركها قوى كبرى قد تكون أمريكا على رأسها. قضية العرب مع المؤامرات قديمة جدا كل شيء مثير جديد عتبر مؤامرة.. لكن لنفترض صحتها، ما هو هدف أمريكا من بث كل هذه التسريبات على الرغم من أنها حظيت بنصيب الأسد من تلك التسريبات ووقعت في مواقف محرجة منها؟.
لنعط هذه الفرضية فرصة للتفكير.. ثم ماذا بعد هذه المؤامرة؟ هل ستمارس أمريكا ضغوطا على الحكومات في كل العالم مثلا لكي ترضخ لرأيها أو سيتم فضحها؟ هل ستكون سلاحا في يد «ماما أمريكا» من قدم هذه الفرضية عليه إكمال القصة حتى يكشف أبعاد المؤامرة لنا!
كيف سينتهي ويكيليكس؟
موقع ويكيليكس اﻵن هو المغذي الأول للصحف ونشرات الأخبار في كافة أرجاء العالم، وهو يغضب دولا وحكومات ويرفع معدل قراءة الصحف التي تنشر تلك التسريبات.. لكن إلى متى؟ كيف ستكون النهاية؟
بكل بساطة لن ينتهي! هو سيكون البداية لصحافة تنشر «الغسيل» حتى لو جرم جوليان وتم توجيه عدة قضايا له.. سيستمر الموقع والأهم «فكرة الموقع» ستكون هي السائدة في الفترة المقبلة. وربما ستتم استباحة نشر الوثائق السرية.
أين المقلدون لـ ويكيليكس؟
اعتدنا دائما أن تظهر مواقع مشابهة لكل موقع ناجح مثل ما يحدث اﻵن في «طفرة الشبكات الاجتماعية» وتنافس شركات البرمجيات الكبرى على الاستحواذ على كل شيء يتعلق بها. والسؤال هنا لماذا لم تظهر مواقع مشابهة لويكيليكس؟ لا أقصد مواقع الـ«ويكي» فهي معروفة منذ وقت طويل، لكني أعني الكلمة الثانية «ليكس leaks» التي تعني التسريبات؟ لماذا مثلا لم يظهر ويكي فيفا؟
شخصيا أجزم أن أي ويكي متخصص في تسريبات تخص الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا سيكون «قنبلة فضائحية مدوية» فالكل يعلم ويسمع عن قضايا الرشاوى في مختلف الدوريات في العالم، فتخيلوا أن تنشر وثائق عنها، ما مصير اللعبة والاتحاد نفسه؟
وسق المثال على كافة مناحي الحياة.. الجواب بكل بساطة لا يوجد «ظهر» يستند إليه من سيقدم فكرة مشابهة. هذا الجواب يقودك عزيزي القارئ لسؤال آخر: من يقف خلف جوليان مثلا؟ وهذا السؤال يغلي في رؤوس المقلدين حاليا، رغم ثقتي بأن هناك الكثير ممن لديه أفكار مشابهة.
ويكيليكس شبكة تجسس جديدة!
ما قولك في موقع على الإنترنت تصله وثائق سرية من مختلف أنحاء العالم عن قضايا حساسة تمس أمن وسيادة دول؟
هذا هو الشيء المطلوب دائما من الجواسيس الذين يعملون غالبا تحت شعار كاذب يطلقونه على أنفسهم في حين أن لديهم أدوارا خفية غير مكشوفة وغير معلنة!
محير أمر جوليان.. إذا طبقت عليه تعريف الجاسوس ستجد أنك تجانب الصواب إلا إذا كنت ستقول عنه: «جاسوس لشعوب العالم» ربما تكون العبارة أصح!
أخيرا هل تصدق ويكيليكس؟
وإذا كانت إجابتك بـ«لا أعرفها»؛ فأدعوك هنا لتقرأ جوابًا عن سؤال: ما هي ويكيليكس؟
بقلم: سفر بن عياد