«منير» يسأل: أنا شاب حاصل على دبلوم المدارس الصناعية 3 سنوات، وأنا متدين وعندي ثقافة إسلامية جيدة، وأنا خفيف الظل، وقد عرض علي صديقي التقدم لخطبة فتاة متدينة وأسرتها من نفس مستوانا الاجتماعي (مستوى متوسط) لكنها معيدة في كلية الهندسة، وكنت أرفض الأمر لاختلاف مستوى التعليم بيننا ولكن صديقي أصر على جلوسي معها، وبالفعل جلست معها وأعجبت بها وهي أعجبت بي.. وبالفعل ذهبت لمنزلهم، وحدث قبول بيني وبين أهلها وتقريبا اتفقنا على كل حاجة: العفش والمهر والشبكة وغيره من لوازم الزواج واتفقنا على الخطبة بعد شهر.
لكن رغم هذا الترحيب من الفتاة ورغم الترحيب من أهلها ورغم اتفاقنا على كل شيء فأنا حتى الآن متردد ومتخوف من خطبة هذه الفتاة، فالفرق بيننا في التعليم كبير.
الإجابـة
أهلا ومرحبا بك أخي الكريم، وأسأل الله تعالى أن يلهمنا وإياك الخير والرشد والصواب في كل أمورنا، وأن يهدينا إلى طريقه القويم.
دعنا في البداية – أخي الكريم – نتفق على أن الكفاءة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية وغير ذلك من مظاهر الكفاءة بين الزوجين من العوامل التي تساعد على نجاح الحياة الزوجية، وعلى استمرارها بشكل يسعد فيه جميع الأطراف.
وذلك لأن الكفاءة بين الزوجين تساعد على توافق الرؤى بينهما أو على الأقل تقاربها تجاه معظم شئون الحياة المختلفة، بينما عدم الكفاءة يجعل هناك تفاوتا كبيرا بين رؤية كل من الزوجين، وربما يقود ذلك التباين بين الزوجين الحياة الأسرية إلى نفق مظلم.
ودعني أضرب لك مثلا على ذلك ليصبح الأمر أكثر وضوحا.. كيف يكون الحال حين يتزوج رجل محدود الدخل من فتاة أسرتها ثرية، قد تربَّت على أن تأخذ من مال أبيها بلا حساب ولا رقيب، وربما كان مصروف يدها -فقط- قبل زواجها ضعف راتب زوجها؟ أعتقد أن هذا سيسبب أزمة أو قل أزمات مستقبلية في العلاقات الزوجية.
وكذلك كيف يكون الحال حين يتزوج شاب من بيئة بدوية منغلقة، لها عاداتها وتقاليدها الخاصة بفتاة تعيش في المدينة المنفتحة؟
وأعتقد كذلك أن التفاوت الكبير بين الزوجين في المستوى التعليمي – كما في حالتك – ربما يكون سببا لعدم توافق الرؤى وتفاوتها تجاه معظم أمور الحياة، فبالتأكيد ستكون طريقة تفكير كل منهما مختلفة عن الآخر، وأسلوب حوار كل منهما سيكون متباين، وكذلك طموحاتهما ستكون متفاوتة، وأيضا طريقة التواصل مع الآخرين، وهكذا في كل شئون الحياة سيكون هناك تفاوت واضح بينهما.
لكن ليس معنى كلامي هذا هو الرفض المطلق لإقبالك على الزواج من هذه الفتاة، وإنما أردت أن أضع أمامك هذه القاعدة، قاعدة الكفاءة بين الزوجين، وكما تعلم فإن لكل قاعدة حالات استثنائية، وقد رأينا في واقعنا العملي نجاحا لبعض هذه الحالات الاستثنائية، فهل أنت وهي من هذه الحالات الاستثنائية؟
ربما يساعدك على الإجابة على هذا السؤال أن تتأمل أنت وهي الأسئلة التالية، التي أعتقد أنها ستفتح أمامكما آفاقا قد تكون غائبة عنك أو عنها:
- هل ستكون – أخي الكريم – عونا لزوجتك على استكمال دراستها العلمية من ماجستير ودكتوراة وغيرها؟
- هل ستقبل من زوجتك في بعض الأحيان تقصيرها في بعض احتياجاتك أو في بعض مهام البيت لانشغالها في تحضير بعض المحاضرات لطلابها أو لانشغالها في الحصول على الماجستير أو الدكتوراة أو في بعض الأبحاث العلمية المطلوبة منها للترقي الوظيفي؟
- هل ستقبل تأخر زوجتك لانشغالها ببعض الأعمال في كليتها مع طلابها أو أساتذتها؟
- هل ستقبل سفر زوجتك لحضور بعض المؤتمرات العلمية التي ربما تكون ضرورية بالنسبة لتخصصها داخل القطر أو خارجه؟
- كيف سيكون الحال في طريقة تربية كل منكما للأبناء وطريقة التواصل معهم؟ وكيف ستكون نظرة الأبناء لهذا التفاوت بينكما في المستوى التعليمي؟
- كيف سيكون الحال عندما يكون هناك حفل عائلي أو رحلة عائلية أو غير ذلك من الأنشطة العائلية التي تجمع بينك وبين زملائها من أساتذة الجامعة؟ وأين ستكون أنت في هذا الحفل؟
- كيف سيكون الحال إذا ما أصبحت هي رئيسة لقسمها أو عميدة لكليتها أو رئيسة لجامعتها؟
- هل تطمح وتعزم – أخي الكريم – على تحسين مستواك العلمي في المستقبل بشكل جدي؟
وغير ذلك من الأسئلة والاستفسارات التي تستشرف مستقبل كل منكما، ومستقبل العلاقة بينكما، ليس الآن ولكن بعد 10 أو 15 أو 20 عاما من الزواج، والتي أعتقد أن إجابتك عليها، وكذلك وضع هذه الاستشرافات المستقبلية أمام هذه الفتاة ومناقشتها معها ستساعدك أنت وهي على الوصول إلى القرار الأنسب والأصوب لكما.
⇐ هنا أيضًا بعض الصفحات المفيدة:
- ↵ هل فارق التعليم يمنع التوافق في الزواج؟
- ↵ زواجي من رجل غير ملتزم: هل أغامر أم أبحث عن شريك أفضل؟
- ↵ زواج تقليدي: هل أقبل بشاب لا أحبه لأرضاء أهلي؟
أسأل الله ﷻ أن يرزقك الرشد وحسن القرار، وأن يكون لك هاديا إلى ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
⇐ أجابها: الأستاذ ياسر محمود