ما رأيكم في لبس الأهل لوجوه تعبيرية (ماسك) مخيفة واللعب مع أطفالهم؟
قالت “د. زهرة المعبي” مستشارة الإرشاد النفسي والأسري. أسلوب تخويف الأطفال في اللعب معهم غير حميد وغير مُضحك على الإطلاق، ويُعرض الأطفال للرعب والعُقد والمشاكل والآلام النفسية، وعادةً ما يلجأ لمثل هذه الأساليب – أو ما يُعرف بين الناس باسم المقالب الكوميدية – الأشخاص الغير أسوياء نفسيًا، ويكون هدفهم الأول إضحاك أنفسهم وليس اللعب مع الأطفال.
الطفل بطبيعته كائن بريء ولطيف وغير مُدرك لكل حقائق الأمور التي تجري من حوله، ومثل هذه (المقالب) لا يُدرك مغزاها، وبالتالي تعود عليه بأثر عكسي.
والتربية السليمة صحيًا ونفسيًا تتطلب اللطف واللين مع الطفل، والتعامل معه على قدر عقله هو، لا قدر عقل الكبار. كذلك على الكبار معرفة الأضرار والنتائج المترتبة على مثل هذه التصرفات قبل الشروع في تنفيذها.
ما هي الآثار الجانبية على الطفل جراء تعرضه لهذه (المقالب) التخويفية السخيفة؟
أوضحت “د. المعبي” رزقنا الله سبحانه وتعالى بالأطفال لنحافظ عليهم، وتنشئتهم التنشئة السليمة صحيًا ونفسيًا، ومثل هذه الأساليب السخيفة في اللعب مع
تخويف الأطفال تعود عليهم بآثار نفسية وعضوية عكسية على غير المتوقع منها، ومن هذه الآثار:
• إصابة الطفل بالتبول اللاإرادي.
• إصابة الطفل بالفزع أثناء النوم.
• إصابة الطفل بالإنعزالية.
• إصابة الطفل بالرعب والخوف من أبسط الأشياء كالظلام والأصوات المرتفعة.
• إصابة الطفل بالرهاب الإجتماعي، والخوف من مواجهة الناس وخصوصًا الغرباء منهم والكلام معهم.
• ومن أبرز الآثار وأشدها ألمًا، تحطيم كل المواهب الإبداعية عند الطفل كنتيجة مباشرة لتحطيمه نفسيًا وتشويش أفكاره.
• إصابة الطفل بالخوف من فئات مجتمعية معينة عند تخويفه بهم لعدم تنفيذه لأوامر الوالدين، كأن يُخوَّف الطفل ويُهدد بإحضار الطبيب أو فرد الشرطة إذا لم يأكل أو إذا لم ينام وهكذا.
• إصابة الطفل بالرعب من بعض المكونات البيئية المحيطة به كتهديده بالعصا والإبرة والحقن والشطه.
• إصابة الطفل بإستبدال المخاوف الواقعية بمخاوف وهمية عند تخويفه بقصص وهمية كإحضار الغولة والعفريت والرجل الأعور، فقد تنقلب معه مثل هذه الخرافات الوهمية وتصبح واقع يعيشه ويشعر به، ويرسم خياله حوارات ونقاشات معهم، ويتطور الأمر من كثرة تصديقه لهذا الخوف أن يراهم يقظةً ومنامًا.
هل يجوز تخويف الأطفال المتميزين بالجرأة وفرط الحركة وعدم الإكتراث؟
وتابعت “د. المعبي” القاعدة التربوية تقول (أي سلوكيات وأفعال تؤلم وتُرعب الطفل وتُبَكِّيه، لا تجوز)، فالإنسان الناضج السوي نفسيًا أكثر ما يُعذبه ويقهره بكاء الأطفال ودموعهم، وليس التلذذ بمضايقتهم وتخويفهم لأي عذر كان. وحتى الأطفال الذين يُظهرون نوع من الصلابة وعدم الخوف يُصابون نفسيًا جراء هذه الممارسات في تخويف الأطفال ، وقد يستقر الأثر النفسي ويمتد معهم إلى الكبر.
هل تترك (المقالب المرُعبة) أثر نفسي عند الكبار، خصوصًا مع إنتشار الظاهرة في برامج رمضان؟
البرامج الرمضانية التي تعتمد على تخويف وترهيب الناس وخاصة تخويف الأطفال حتى وإن كانوا كبارًا في السن مرفوضة دينيًا وصحيًا ونفسيًا ومجتمعيًا، ولا تُصنف تحت باب الضحك والترفية مُطلقًا.
الذين يتعرضون لمثل هذه السخافات وإن كانوا كبارًا إلا أنهم سيجنون شيء من الألم النفسي والبدني بعد إنتهاء (المقلب)، فالأشخاص ليسوا متشابهين صحيًا وإن تشابهوا شكليًا، فيُحتمل أن يكون المرء ممن يعانون من مرض قلبي أو تنفسي، فيتوقف قلبه فور الشعور بالخوف مباشرة. وإذا لم يحدث سيستقر ألم في نفسه لفترة من الزمن حتى يزول، وقد لا يزول ويستقر ويتطور لمضاعفات صحية.
كذلك إنتشار هذه البرامج وشيوعها على العامة يضر بالمجتمع، ويُبرر لأفراده نوع من الحالة الشعورية المعروفة باسم التلذذ بتعذيب الآخرين، بل قد تتطور حالة التلذذ إلى السادية، والسادية بحد ذاتها مرض نفسي يحتاج إلى علاج طويل.
بماذا ننصح الآباء في في جانب تخويف الأطفال ؟
وجب العلم أننا كآباء لا نعلم ماذا سيحدث لأطفالنا مستقبلًا، وحوادث تخويف الأطفال والرعب هذه قد تستقر في قاع اللاشعور عند الطفل، إلى أن يأتي المُحفز الذي يُخرجها مرة أخرى إلى العلن، فنجد المراهق يخاف من أشياء وأمور عند التتبع الزمني لها نجد أنه خُوِّف بها عندما كان صغيرًا.
وقد تظهر سلوكيات تخويف الأطفال في الصغر على شكل إنحراف سلوكي للمراهقين والبالغين، هذا الإنحراف السلوكي نوع من الأمراض النفسية التي تتطلب خطة علاجية طويلة المدى.
لذا وجب على الآباء عدم معاقبة الأطفال أو اللعب معهم بالتخويف والترهيب، كذلك عدم معاقبتهم بعقاب بدني شديد الإيلام، وإن كان بُدٌ من العقاب فلا يكون أمام أحد من إخوته أو أقاربه، لكي لا يترك ألم نفسي فيهم ويؤثر في تكوينهم الوجداني ويجعلهم عدوانيين.