«حسناء» تسأل: منذ سنتين جاء شاب إلى عمى، يتوسط له في عمل وفي نفس الوقت أخبر الشاب أنه يبحث عن عروسة وأجابه عمي أن هناك ابنة أخي التي هي أنا وتدرس… انتشر الموضوع بين عمى وأخي وأختي الكبيرة وأمي مدة 4 شهور.
وأنا لا أعلم فأخبروني بذلك، فأحسست بالألم لأن الموضوع لا يشجعني أن أتقدم ولو خطوة.
ظروفي الاجتماعية لا تسمح ولا أعمل، كما أن أهلي أخبروني أنه من الأفضل لي الزواج وألا أبقى وحيده وأختي قالت لي إن أتزوج حتى أنجب منه طفلين تم ارجع إلى أهلي ويتكلفون بمصاريفهم.
مما جعلوني أشعر بأنني لا شيء رغم أن أختي الكبيرة متزوجة بمهندس وأخرى بدكتور… رفضت في البداية لكن اتصلت بأخي وأخبرته بأن يعطيه رقمي حتى أعرف من هو بالضبط.
وكان الشاب على اتصال بأخي حتى يعرف الأخبار لكن انقطع الاتصال بينهما ونسيت الموضوع وارتحت منه لمدة سنتين، لكن رجع الشاب إلى أخي وقال له لماذا لم ألقى منكم ردا، فأنا عملت وأمي توفيت وأسكن وحدي وأريد أختك وأريد أن أتحدث معها.
فأخبروني بالموضوع الذي آلمني أصلي فشعرت بالبكاء وكنت أصرخ أنتم تريد فقط التخلص منى، أنا لا أريده، لم ارتاح للموضوع وأغلقت على الغرفة وكنت أبكى بكاء حار لأني لا أحب الزواج عن طريق الواسطة… إلا أن أتزوج برجل ليس له عمل مستقر في لحظة يمكن أن يخرج من عمله وهذه الأيام سوف التقي به وأنا كارهة الموضوع من الأساس… أفيدونا.. جزاكم الله كل الخير.
الإجابـة
بداية.. يقول د. عمار عبد الغنى.. المستشار العراقي الاجتماعي: ربما أتفق معك أختي العزيزة بأن عمك وبعض إخوتك قد أوصلوا لك صورة غير مقصودة عن الزواج وعن الشاب بل وأثروا سلباً على قرارك، إذن إن قصد عمك هو ستر الشاب بزوجة صالحة يعرفها كابنة أخيه، وكذلك جمع رأسين في الحلال وكسب الثواب المترتب على ذلك من الله تعالى، وكذلك إخوتك قصدهم خير؛ إذ أرادوا طمأنتك بأنهم كلهم معك ولن يتخلى عنك أحد إذا ما واجهت مع زوجك أية مشكلة في المستقبل لا سمح الله، بحيث من خلال كلامهم بهذه الصورة التي ذكرتها قدموا لك نصيحة عكسية غير مقصودة وصورة خاطئة تجاه نفسك أنت، وبقدر ما أرادوا إشعارك بالأمان من خلال ارتباطك بشخص عمله غير ثابت، فإنهم أساءوا التقدير بنصيحة جاءت نتائجها عكسية وجاء غضبك عليها واضحا.
الأمر بسيط للغاية.. الزواج قسمة ونصيب، ولكن بعد قرار منك، أنت لك كلمة الفصل، وبدون حساسية منك تجاه أحد، الذى أريده منك وأنصحك به أن تدعى كل كلام الأسرة على جانب، وضعى الخاطب في الصورة، بل في الميزان وانظرى هل هو مناسب لك أم لا؟
المشكلة التي لديك في أنك ترين في هذا الشاب أنه دونك في أمرين اثنين: الأمر الأول في الناحية المادية، والأمر الثانى في الناحية العلمية، فتحصيلك العلمى خير منه ووضعك المادى خير منه، فهذا هو الذى أشكل عليك في علاقتك معه مع أن في داخل نفسك تقرين بأنه صاحب خلق وصاحب دين، وأنه بحمد الله عز وجل مرغوب من هذه الناحية، حتى إن أهلك عمك وإخوتك قد رغبوا فيه وقد شعروا بميلهم إليه، ومع ما يرون منه من قلة ذات اليد.
يجب أن ترى أولاً في المعيار الحق الذى لا بد أن يتوفر في كل خاطب وأنه لا يمكن أن يتنازل عن هذا المعيار الذى بيَّنه النبى -صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. فقالوا: وإن كان فيه؟ -أى وإن كان فيه بعض الصفات غير المرغوبة- فقال صلى الله عليه وسلم: وإن كان فيه -ثلاث مرات- أى زوجوه، وإن كان فيه هذا الأمر، رواه الترمذى.
وأما من ناحية المستوى التعليمى أو المستوى المادى أو القدر الاجتماعى أو نسبة الجمال أو غير ذلك من الصفات التي يرغب فيها، فهذه صفات ليست بمذموم طلبها، وليس بقبيح الحرص عليها، ولكن إن وجد الشاب صاحب الخلق وصاحب الدين، ثم بعد ذلك تقدم لفتاة صالحة فينبغى أن تنظر، فإن كان هنالك من هو متقدم إليها غير هذا الشاب ممن له صفات حسنة مرغوبة بالإضافة إلى الدين والخلق فحينئذ ينبغى لها أن تختار صاحب الدين والخلق ومن حصل له شىء من هذه الصفات المحمودة التي ترغبها.
وأما إن تقدم خاطب صاحب دين وخلق وكان العثور على مثله نادراً وقليلاً لاسيما في هذه الأزمنة التي لا يخفى على نظرك الكريم حالها وحال كثير من الناس فيها، فلابد حينئذ من الحرص على الظفر بالزوج الصالح، نعم إنه ظفر وغنيمة، فإن الزوج الصالح هو نعم المتاع في الحياة الدنيا للمرأة الصالحة، فإذا كانت المرأة الصالحة هي نعم المتاع للرجل الصالح فحاجة المرأة إلى الرجل الصالح أشد وأعظم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) أخرجه مسلم في صحيحه.
وأما عن موقفك من هذا الشاب فكان ينبغى أن تنظرى إلى حقيقة مشاعرك تجاهه، بعيداً عن هذه الضغوط النفسية، وأن تنظرى إلى الزواج على أنه فرصة لتحقيق الحياة السعيدة مع الزوج الصالح وإن لم يكن صاحب شهادات وصاحب مستوى تعليمى، نعم.. التقارب في المستوى مطلوب، ولكن إن لم يكن هنالك فرصة إلا بالظفر بالزوج الصالح فليس هنالك إلا تقديم هذا الأمر والعمل به.
وأيضاً فلابد أن تعلمى أن المستوى التعليمى ليس هو الجانب للقدرات الاجتماعية، فكم من زوج صاحب مستوىً تعليمى عادى -كهذا الخاطب أو غيره- ومع هذا فهو قادر على أن يؤسس أسرته وصاحب شخصية قوية وصاحب قدرة على أن يحقق أفضل المعاملة لزوجته وأفضل حياة سعيدة لها، وكم من رجل بالمقابل صاحب شهادات عالية ومناصب كبيرة ومع هذا فهو يظلم زوجته ويعاشرها عشرة السوء بل ربما خرج إلى ارتكاب المحرمات والفواحش وهذا كثير وشائع ولا يخفى عليك.
والمقصود أنه لا ينبغى أن يكون الميزان فقط هو المستوى الدراسى أو المستوى المادى، بل لابد أن يكون الأصل هو تقديم الدين والخلق وبعد ذلك ينظر في هذه الأمور النسبية، فإن وجد من يحققها فهو المطلوب، وإن ندر ذلك أو انعدم فالظفر بالزوج الصالح هو الغنيمة العظمى وهو الغنيمة التي لا بد أن تحرصى عليها فإن الفرص تمر وربما لا تعود، فتأملى في نفسك وتأملى في حالك.
ثم بعد ذلك إن ظهرت نفرتك من هذا الخاطب وعدم استجابتك إليه تماماً فإن الله جل وعلا لم يضيق عليك، فانتظرى قدوم الرجل الصالح ولا ترضين إلا بمن كان صالحًا في دينه صالحًا في خلقه، وأما إن ظهر لك أن الأمر راجع فقط إلى أمر المستوى الدراسى والمستوى المادى فإن هذا الأمر لا ينبغى أن يكون مانعاً من إتمام زواجك بهذا الخاطب، لاسيما وقد حصل الاتفاق بين الأهل وحصل الرضا من أهلك، فتوكلى على الله واستخيرى ربك وعليك بالدعاء.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذى يقر عينك.
ثم تقول مروة أشرف.. المحررة الاجتماعية: صديقتي.. قرأت مشكلتك مرات عديدة وتبادر إلى ذهني عدد من الملاحظات:
- أولا: تصرف أهلك معك الذى يشعرك بالضغط ويشعرك برغبة في التخلص منك وغيرها من الأفكار التي بدت واضحة، خصوصا مع إصرار أهلك وضغطهم الكبير لكى توافقي على هذا الخاطب الذى جاء لك في المرة الأولى وأيضا في المرة الثانية.
- ثانيا: إنك ربما يلح عليك هاجس العنوسة من وقت للآخر لكنك في نفس الوقت غير مقتنعة بمن تقدم لك.
- أخيرا: السر وراء اختفاء هذا الرجل لهذه الفترة الطويلة، ثم عودته مرة أخرى عارضا الزواج، ومعترضا على عدم التواصل معه طوال هذه الفترة التي توفت فيها والدته.
بالنسبة لأهلك، أرى أن تصرفهم معك هو نتيجة الحب الشديد لك والاطمئنان عليك وليس لأى سبب آخر مما يتوارد على ذهنك.. فهم لا يريدونك أن تعيشى وحدك ولكن يريدون شخصا يهتم بك ويرعاك ويكون مسئولا عنك.. هذا رأيهم وقد يكونوا مخطئين فيه، ولكنه في النهاية نابع من الحب، وليس لأى سبب آخر.
كما أن رأى الأهل مهم جدا عند اختيار شريك الحياة؛ لأن العلاقة بين أهلك وأهله لها دور كبير في بناء أسرة سعيدة وقوية، لكن حاولى أن تتناقشى معهم أكثر بألا يحاولوا الضغط عليك، ويتركوك لأخذ القرار المناسب لك.. ومن رأيى أنهم موافقون ومرتاحون لهذا الشاب منذ عرض الزواج منك في المرتين، إلا أن القرار في النهاية يعود لك وحدك، ولكن اعلمى أنهم حريصون على مصلحتك فقط، وليست تلك الأفكار الغريبة التي تأتى لك من وقت لآخر.
صديقتي.. الزواج رزق من الله يعطيه لمن يشاء في الوقت الذى يريد، ولابد أن تؤمنى بذلك ما حييت، ولهذا لا تدعى هاجس العنوسة يأتى إليك من وقت لآخر، ويؤثر على قراراتك وعلى بنائك لبيت يحمل مسئولية وقرارات بعد ذلك ستواجهينها وحدك، وعليك إن كان لديك القابلية أن تجلسى مع هذا الخاطب وتدرسيه من جميع النواحى وهى كالآتى:
أولها “الناحية العاطفية” وهل لديك قبول له أم لا، ثم تأتى المرحلة العقلية فهل هو مناسب لك في الفكر؟ وهل سيحتويك ويبنى معك البيت الذى ترغبين فيه؟ وهل هو متحمل للمسئولية؟ وهل ستتحملين عيوبه ويمكنك التغاضى عنها؟ وهل هو مناسب لك في المستوى الاجتماعى والعلمى وغيرها من وسائل الاختيار التي نعرفها جميعا؟
ولابد أن يكون هناك توازن بين المساحة العاطفية والعقلية، وحاولى أن ترتبى هذه الأشياء حسب رغباتك وحددى ما هي الأشياء التي يمكنك الاستغناء عنها، وما هي الأشياء التي لا تستطيعى الاستغناء عنها، ثم يأتى قرارك في النهاية إما بالرفض أو الإيجاب؛ لأن قرار الزواج يعود إليك أنت في النهاية وليس لأحد آخر.
فى النهاية تبقى مسألة غيابه تلك الفترة الطويلة، ثم عودته لك مرة أخرى للزواج منك.. قد يكون لأنه كان يكون نفسه في تلك الفترة أو لأسباب أخرى، وهذا السؤال لن يجيب عليه غيره وحده، فحاولى أن تسأليه ما السبب وراء غيابه كل هذا الوقت وعودته مرة أخرى، وإجابته هي التي ستحدد لك إن كنت ستقبلين الجلوس معه أو سترفضين تماما وتغلقين هذه الصفحة للأبد.
رزقك الله يا صديقتي زوجا صالحا ترضين عنه ويرضى عنك، ويدخلك الفردوس الأعلى من الجنة.
⇐ واقرأ أيضا:
- ↵ كيف أنهي علاقة مع فتاة لا تناسبني دون إلحاق الأذى بها؟
- ↵ أنا فتاة متميزة.. هل سأجد من يناسبني؟
- ↵ كيف أحافظ على الالتزام والانضباط مع خطيبتي؟
عندما يغيب معنى الحب