كان مستواه في المرحلة الابتدائية ممتازا والكل يثني عليه من أهل ومعلمين وأصدقاء، انتقل إلى المرحلة المتوسطة ففوجئ بتغير في أساليب الدراسة واختلاف في المناهج الجديدة. انخفض مستواه قليلا لكن أسرته أسعفته بالمدرسين الخصوصيين، تجاوز هذه المرحلة الدراسية بتقدير جيد جدا، وانتقل بطبيعة الحال إلى الثانوية، وجد أن دروسها أكثر دقة من المتوسط واعتقد أنها معقدة وصعبة ومملة، تكررت القصة، انخفض مستواه فأسعفته أسرته بمدرسين خصوصيين في كافة المواد العلمية، لاحظ أن المعلم الخصوصي لا يضمن له الدرجات المرتفعة سواء كان موجودا أو لا، درجاته نفسها ومستواه لم يتغير، تجاوز المرحلة الثانوية بتقدير جيد متدن أو مقبول، وعندما يسأله الناس عن سبب انخفاض مستواه كان يجيب أن عينا أصابته وأنه محاط بالحاسدين وكثيرا ما يصاب بحالة اكتئاب وضيق عندما يحاول المذاكرة!.
هذه القصة تتكرر دوما، نلحظ أن الأداء يكون مثاليا في البداية، لكن سرعان ما تتلاشى هذه المثالية مع التقدم في الدراسة وقس على بقية جوانب حياتنا كالعمل والوظيفة نتساءل لماذا تغير مستواه؟ كان ممتازا ونشيطا؟! ثم بدأ في الانخفاض التدريجي، الإجابة عن هذا السؤال تكمن في كونه لم يتغير أصلا!
وهذه هي المشكلة، فالحياة لا تظل على وتيرة واحدة في مستوى التحديات التي تقدمها لنا، كلما تقدمنا في خوض تحديات الحياة زادت صعوبتها، إن الناجحين هم الذين يتأقلمون مع العقبات التي تواجههم مهما صعبت ويضاعفون جهودهم من أجل تخطيها، وهذه هي الطريقة المعروفة لاعتلاء قمة المجد كما فعل العلماء والمخترعون، فلا يوجد شخص كتب اسمه في صفحات التاريخ دون أن يبذل جهدا عظيما من أجل ذلك، الفاشلون لم يستوعبوا هذه الحقيقة، فهم ينتظرون أن تتلاشى هذه المحن من تلقاء نفسها، أو أن شخصا سيمهد لهم طريقا سهلا للنجاح دون أن يمروا على تلك العثرات، وهذا مستحيل ولا يمكن لأي إنجاز أن يسمى نجاحا إذا كان مبنيا على كتوف الآخرين.
إن الحاصل حولنا هو هروب من العمل المضني من أجل النجاح، تراهم يدخلون المدارس الأهلية ويدفعون لقاء المعلمين الخصوصيين وغيرها من الأساليب التي يؤمنون أنها ستضمن لهم تفوقا سهلا فيخسرون في النهاية. الخطوة الأولى للنجاح هي إدراك مدى فشلك، إنما هؤلاء لا يعترفون حتى بفشلهم، بل يجدون لأنفسهم الأعذار التقليدية التي اعتدنا سماعها كالإصابة بالعين والحسد والنفس.
بقلم: بشاير آل زايد
وهنا تقرأ: عبارات عن الفشل والنجاح – كلمات تشجيع وتحفيز لتصل إلى القمم