إذا أردنا الحديث عن نِعم الله على الإنسان؛ فكيف نبدأ ومتى سننتهي؟! لكِن مهلا، ما رأيك أن تقرأ معي هذه الآيات من سورة العنكبوت: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ | فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ | لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ | أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ | وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ | وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
معاني الكلمات
- الفلك: هو السفينة.
- يتخطف: تعني يُنهب ويؤخذ.
- افترى: تعني كذب.
- مثوى: أي منزل.
تفسير الآيات
جاءت هذه الآيات للتذكير بنعم الله على خلقه الموجب لتوحيده.
وتوضح لنا هذه الآيات أن هذه الدنيا مثل ما يلهوا به الصبيان، وأن الحياة الحقيقية في الآخرة، وذلك أنه لا زوال لها ولا موت فيها بل هي مستمرة.
وأيضا فيها بيانٌ لجهل المشركين الذين أنعم الله عليهم بنعمه الأمن فقد جعل الله مكة بلداً مصوناً من النهب، وآمناً أهله من القتل، والناس من حولهم يُسلبون ويقتلون، ورغم ذلك كانوا يشركون مع الله غيره، وكذبوا بما بعث الله به الرسول ﷺ، ولهذا جزاؤهم عند الله جهنم.
أسباب زوال النعمة
- الجحود بفضل الله ﷻ بشرك غيره معه في العبادة.
- وعدم طاعته فيما أمر.
إرشادات الآيات
- قد أرشدتنا الآيات إلى بيان حقيقة الدنيا، وأنها في حقيقتها بمنزله الأشياء التي يُتلهى بها.
- وإن الحياة في دار الآخرة هي الحياة الحقيقية لأنها حياة لا انقضاء لها.
- كما بينت الآيات جهل المشركين وسوء صنيعهم؛ حيث يوحدون الله في حال الشدة ويشركون به في حال الرخاء.
- أرشدتنا الآيات أيضاً أن ما من نعمة ألا وهي من الله ﷻ فوجب شكره ﷻ عليها بأن يوحد فلا يشرك به، وأن يُطاع فلا يُعصى.
- وأيضا دلتنا على فضل جهاد الكفار وجهاد النفس، وأنه سببٌ للهداية والتوفيق لإصابة الحق.
- وأرشدتنا أيضا إلى أن معية الله ﷻ للمحسنين في أقوالهم وأفعالهم؛ حيث يوفقهم الله ﷻ ويعينهم ويسددهم.
آثار سلوكية
تعلمنا من هذه الآيات مجاهدة النفس في امتثال أوامر الله ﷻ، والبعد عما حرمه الله ﷻ علينا.
وغيرها من الإرشادات والعِظات الثمينة، والتي تحتاج إلى صفحات وصفحات لكي نتفكَّر فيها، وفيما ساقته لنا.
الخلاصة
- أرشدتنا الآيات إلى أن الحياة الحقيقية في دار الآخرة لأنها حياة لا انقضاء لها.
- جهل المشركين وسوء صنيعهم حيث يوحدون الله في حال الشدة ويشركون به في حال الرخاء.
- أن ما من نعمة إلا وهي من الله ﷻ فوجب شكره ﷻ عليها.
- أن النار مصير كل معاند وكل جاحد.
بالمناسبة.. قد تود الاطلاع على: