كيف يتعامل الطبيب مع مريض الكلى الراغب في أداء مناسك الحج؟
يتوجب على الحاج مريض قصور الكلى أن يتوجه إلى طبيبه قُبيل الذهاب لرحلة الحج، ليقوم الطبيب بالإطمئنان على حالته الصحية وإعطاءه التعليمات والإرشادات المناسبة، فكل حالة لها خصوصية يعرفها طبيب الكلى المباشر للحالة.
لكن بشكل عام يتم تقسيم أمراض الكلى المزمنة إلى خمس درجات، ونقصد بلفظة مزمنة هنا مرض الكلى المستمر لثلاثة أشهر على الأقل، وهذه الدرجات هي:
الدرجة الأولى:
وتكون فيها وظيفة الكلى من ناحية التصفية الدموية طبيعية، مع وجود بعض المشكلات الغير طبيعية مثل وجود زُلال في البول (ويُسمى البروتين في البول)، أو وجود بعض الدم في البول، أو وجود تكيسات غير طبيعية في الكلى نفسها.
الدرجة الثانية:
وتكون فيها وظائف الكلى ما بين 60 إلى 90% من المعدل المتوقع، وتُحدد نسبة تأدية الكلى لوظائفها من خلال تحليل نسب الكرياتينين واليوريا في الدم، والكرياتينين هو بروتين تقوم بإفرازه العضلات بشكل مستمر ومستقر، وتقوم الكُلية بإخراجه بشكل مستمر وبشكل مستقر أيضًا، وعند إرتفاع الكيرياتينين في الدم يُعطي إنطباع أن وظيفة الكلى من حيث إخراج السموم في درجة أقل من المطلوب، ويُشير أيضًا إلى إرتفاع نسب السموم المُصاحبة للكرياتينين في الدم. وبالإضافة إلى المشكلات الغير طبيعية التي تم ذكرها مع الدرجة الأولى.
وهاتين الدرجتين – الأولى والثانية – أقل عُرضة للمضاعفات الصحية أثناء الحج، نظرًا لأن وظيفة الكلى قريبة جدًا من المعدل الطبيعي، ومستقرة.
الدرجة الثالثة: تكون فيها وظيفة الكلى أقل من 60% وأعلى من 30% من ناحية التصفية الدموية.
الدرجة الرابعة: تكون فيها وظيفة الكلى أقل من 30% وأعلى من 15% من ناحية التصفية الدموية.
الدرجة الخامسة:
تكون فيها وظيفة الكلى تحت 15% من ناحية التصفية الدموية، سواء إن احتاج المريض للغسيل الكُلوي أو لم يحتاج له.
ولا شك أن نقص وظيفة الكلى عن 45% يجعل الحاج عُرضة للإصابة بالمضاعفات أثناء الحج.
ويُستثنى من أداء مناسك الحج أيضًا المرضى الذين أُجريت لهم زراعة الكلى خلال عام قبل موعد الحج، فهؤلاء لا يُسمح لهم بالذهاب للحج لأنهم أكثر تعرضًا لإنتقال العدوى بشكل سريع، لأن الجهاز المناعي لديهم ضعيف جدًا، بالإضافة إلى تناولهم للأدوية المُثبطة للمناعة.
إذا أُصيب الحاج بإلتهاب حاد وعابر قُبيل الحج لا يُنصح بالذهاب إليه حتى نتأكد من إستقرار وظيفة الكلى. أما إذا حدثت الإصابه به قبل فترة زمنية وعُولج منه، فلا بأس من قيامه بأداء المناسك.
هل توجد فئات أخرى من مرضى قصور الكلى لا يُسمح لها بالحج؟
أشار “د. سعد” استشاري أمراض الباطنة والكلى. إلى أن الفئات التي لا يُؤذن لها بالحج هي:
مريض الغسيل الكُلوي الذي يعاني من وظائف كُلى عند 45% وسبق أداءه للحج، حيث يتجه الأطباء دومًا إلى منعه من الحج مرة أخرى، لأنه لا شك في أن الحاج يعترضه بعض المشكلات التي تؤدي إلى قصور أكثر في وظائف الكلى.
لا يُسمح بالحج للمرضى الذين ظهرت عليهم أعراض إرتفاع السموم ولم يبدأوا في إجراء الغسيل الكُلوي، أي أصحاب الدرجة الخامسة الذين ظهرت عليهم أعراض إرتفاع السموم مثل القيء والضعف العام ونقص الوزن والحكة، ولم يقوموا بجلستهم الأولى للغسيل الكُلوي. فهؤلاء لا يذهبون للحج حتى تستقر حالتهم أو حتى يبدأون جلسات الغسيل الكُلوي على الأقل.
أصحاب القصور الشديد في وظائف الكلى، مع الإصابة بفقر الدم الشديد.
مرضى قصور الكلى المتقدم، مع الإصابة بقصور في عضلة القلب.
مرضى قصور الكلى المتقدم، مع الإصابة بإرتفاع شديد في ضغط الدم، أو تجمع للسوائل في الرئتين بشكل متكرر.
ما أهم النصائح الطبية لمرضى قصور الكلى على اختلاف درجات المرض أثناء الحج؟
قال “د. ربيعان” أستاذ واستشاري السمنة والمناظير. النصائح العامة لمرضى الكلى أجمعهم، فهي:
تجنب التواجد في الأماكن المكشوفة تحت أشعة الشمس الحارقة، لأن هذا يزيد من نسبة التعرق، ومع التعرق يخسر الجسم كميات كبيرة من الأملاح والسوائل، وبالتالي يُعرض الحاج للجفاف، والجفاف يؤدي إلى قصور كُلوي فوق القصور الموجود أصلًا.
وإن كان لابد من الوجود تحت الشمس فيجب إستعمال المظلة لتقليل التعرق، مع شرب الكميات المناسبة من السوائل مع الجهد المبذول، وبخاصة أصحاب المرحلتين الرابعة والخامسة من المرض، لأن شرب السوائل عندهم محدود، أما الدرجات من الأولى إلى الثالثة فيستطيعون شرب السوائل كيفما شاءوا متى كان ضغط الدم عندهم منتظم.
تجنب الإجهاد قدر المُستطاع، فعلى سبيل المثال عند تخييره بين المشي بين المشاعر وبين ركوب القطار، فليركب القطار وإن تأخر لعدة الساعات. لأن قصور الكلى الحاد مع قصور الكلى المزمن الموجود أصلًا قد يجعل الحاج غير قادر على إكمال المناسك، وقد يحتاج للدخول للمستشفى لعمل اللازم لصحته.
تجنب الإزدحام قدر المستطاع، بمحاولة أداء المناسك في غير أوقات الذروة، وذلك لأن مريض الكلى ذو مناعة أضعف من الأصحاء، وبالتالي فإن نسبة إصابتهم بالإلتهابات الفيروسية والبكتيرية لا شك عالية.
تجنب الإصابة بالنزلات المعوية، وذلك بالإبتعاد عن مسبباتها، فعليه تناول الغذاء الصحي، والخضروات والفواكهة الطازجة والمُنظفة بشكل جيد،
ولا يأكل اللحوم بعد ساعتين من طهيها، والسلطات المكشوفة. فكل النزلات المعوية تُسبب القيء والإسهال، وبالتالي الجفاف، ومنه إلى القصور الكُلوي الحاد.
يجب التأكد من أخذ كفايته من الأدوية التي سيتناولها أثناء فترة الحج كاملة.
يجب تجنب تناول عقاري البروفين والفولتارين الشائع توزيعهما على الحجاج من خلال الحملات الصحية المنتشرة في أماكن أداء المناسك
كمسكنات للألم، لأنها قد تُسبب قصور كُلوي حاد، ونسبة الإصابة تزيد مع مرضى الكلى من الأساس.
وبالنسبة للنصائح الطبية لمرضى الكلى الذين يُجرون جلسات الغسيل الدموي، فهي:
أخذ تقرير طبي من الطبيب المُعالج بالحالة المرضية عامة، وكذلك تقرير بآخر ثلاث وصفات لغسيل الكلى.
القيام بغسيل الكلى في نفس يوم السفر أو في اليوم الذي يسبقه على أقصى تقدير، لإتاحة الفرصة الزمنية للمريض في السفر والإستقرار في مكان الإقامة، ثم الذهاب للمستشفى لإتمام جلسات الغسيل الدموي.
بعد وصوله بالسلامة يتجه إلى المستشفيات التي توفر خدمة الغسيل الكُلوي، ومنها مستشفى النور التخصصي في المشاعر المقدسة، كذلك مستشفى الملك عبد العزيز في الزاهر، ويصطحب معه تقريره الطبي، وتقرير آخر ببرامج الغسيل، ومن ثَم ستقوم هذه المستشفيات بترتيب جلسات الغسيل الكُلوي له وفق جدول معين.
من الأهمية بمكان أن يقوم الحاج بتنفيذ جلسات الغسيل الدموي وفق الجدول المعد من المستشفى، وألا يتغيب عن أي من الجلسات، لأن الغسيل الدموي يقوم بالتخلص من السموم، وهو فرصة لطبيب وحدة الغسيل بتقييم حالة الحاج أثناء تأدية المناسك وإعطاءه التوجيهات المناسبة.
لأن تفويت جلسة واحدة يُمثل خطورة في تجمع السموم، وكذلك في تجمع البوتاسيوم وهو أحد الأملاح الخطرة جدًا التي يمكن أن تؤثر على القلب عند إرتفاع معدلاته في الدم إرتفاعًا شديدًا، وقد يخسر الحاج حياته لا قدر الله.
محاولة وضع سوار حول المِعْصَم يوضح فيه إصابته بالفشل الكُلوي، ليتثني لطبيب الطواريء التعامل معه إذا وقع أي مكروه لا قدر الله.
التأكد من تناول الأدوية بإنتظام وفي مواقيتها دون خطأ أو نسيان، وهذه نصيحة خاصة جدًا للمرضى زارعي الكلى بالتحديد.
والنصائح الطبية لمرضى قصور الكلى الذين يُجرون جلسات الغسيل البروتيني تتشابه مع ما ذُكر من نصائح عامة ونصائح لمرضى غسيل الدم، لكن يجب التنويه عن الإشتراطات الواجب توافرها في مراكز الغسيل الكُلوي البروتيني، والتي من شأنها تقليل حدوث الإلتهاب البروتيني لمريض الكلى، ومنها:
إتمام جلسات الغسيل البروتيني في غرف منعزلة.
إذا كان ولابد من إجراء الغسيل البروتيني في غرف مشتركة، يجب تقليل عدد الداخلين والخارجين من وإلى الغرفة أثناء الجلسة.
وبالنسبة لمرضى قصور الكلى أصحاب الحالات الحرجة، لكن دون الخضوع لأي من أنواع جلسات الغسيل الكُلوي، فهؤلاء لا يُسمح لهم بالحج من الأساس، ولكن إن أصروا على تأدية المناسك فيُنصحون بمتابعة المراكز الطبية المنتشرة في المشاعر المقدسة بإستمرار – ولو بشكل يومي – لتقييم وضعهم الصحي أثناء فترة الحج، والتأكد من ضغط الدم ومعدلات تجمع السوائل في الجسم وعمل الفحوصات اللازمة إذا تطلب الأمر ذلك.
ما هي النصائح الصحية العامة البعيدة عن المرض لمريض الكلى؟
بالإضافة إلى النصائح الطبية السابقة والمتخصصة في شأن مرض قصور الكلى وعلاجه، يجب أن يلتزم الحاج بمجموعة من السلوكيات الصحية المهمة، لإنخفاض مناعتهم عن غيرهم من الأصحاء بدرجة كبيرة، ومنها:
نظافة اليدين جيدًا وبإستمرار، لأنها عُرضة للميكروبات باللمس والمُصافحة وحتى مع حمل الأغراض الشخصية.
لا مانع من إرتداء الكمامات الواقية أثناء الزحام، لعلها تُقلل من إحتمالية الإصابة بالعدوى الفيروسية. ونُشير هنا إلى أن مريض الكلى بشكل عام ومريض زراعة الكلى بشكل خاص يجب أن يحرص على تجنب الزحام تمامًا، وتجنب أوقات الذروة عند أداء المناسك، لأنهما المكان والوقت المناسبين لإنتشار الأمراض الفيروسية والبكتيرية المُعْدِية.
يعتبر مرض السكري وإرتفاع ضغط الدم هما السببين الرئيسيين للإصابة بأمراض قصور الكلى في المجتمع السعودي.
ما أبرز الأعراض الدالة على وجود مشكلة صحية في الكلى؟
أشار د/ محمد إلى أن المشكلة في مرض قصور الكلى المزمن أن الأعراض لا تظهر إلا متأخرًا، عند وصول المرض إلى الدرجة الخامسة، حيث تظهر أعراض إرتفاع السموم في الدم مثل الغثيان والقيء والضعف العام ونقص الوزن والهُذال وما إلى ذلك.
لكن أحيانًا وفي مراحل مبكرة كالمراحل من الأولى إلى الثالثة، يمكن إكتشاف الإصابة إذا كان سبب إعتلال الكلى هو إرتفاع ضغط الدم. فإرتفاع الضغط يسبب الصداع، وعليه يتم إكتشاف الإرتفاع في الضغط وتتم الفحوصات المعتادة والتي من ضمنها وظائف الكلى.
أعراض قصور الكلى الحاد
قصور الكلى لها بعض الأعراض، إلا إنها ليست أعراض خاصة بها، ولكنها تتشارك مع أمراض أخرى، ومنها على سبيل المثال:
• القيء.
• عدم القدرة على الحركة.
• ضعف الجسم.
• إرتفاع ضغط الدم.
فعند ظهور هذه الأعراض يتوجب متابعة الطبيب، وقد يستدعي الأمر إجراء بعض الفحوصات الأخرى للتأكد من وظائف الكلى.
كيف يحافظ مريض السكري على كِلْيتيه سليمتين؟
لابد له أن يُحافظ على الخطة العلاجية التي وضعها له طبيب السكري، والخطة العلاجية التي وضعها له طبيب الكلى، والتي من شأن الأولى المحافظة على مستوى السكر في الدم، ومن شأن الثانية المحافظة على وظائف الكلى عند المستويات الطبيعية.
فلا شك توجد علاقة عكسية بين التحكم في مستوى السكر وبين مضاعفات الكلى، فكلما تحكمنا أكثر في مستوى السكر في الدم، كلما قَلَّت فرص حدوث مضاعفات مرضية للكُلى. ويحدث هذا على المدى البعيد.
يُنصح مريض قصور الكلى عقب عودته من أداء المناسك إلى بلده بالقيام بإجراء تحاليل وظائف الكلى فورًا، ثم مقارنة ذلك بنتائج آخر تحليل قبل السفر للحج، للتيقن من حدوث مشاكل وظيفية أثناء الحج أم لا.