أظن أن الكثير منا لا يعير اللوحات الإرشادية اهتماما لأنه بات يؤمن أنها فقدت مصداقيتها، فيما لا يزال البعض الآخر يظن أنها من كماليات معالم الطريق، كالإنارة والإشارات التي تمثل في نظره التحف التي تزين الجدار الأبيض!
ويتضح ذلك من خلال طريقة الوصف التي تكثر فيها مصطلحات مثل «مطب، بقالة، حفرية» وحتى حين تدرك متأخرا أن الطريق مغلق فبالتأكيد لن ينتابك غضب لعدم وجود لوحة إرشادية تخبرك بذلك، قبل أن تقطع مسافة طويلة فتجد في النهاية أعمال حفريات علقت عليها لوحات باهتة تحمل اسم المقاول المتعثر بالمشروع منذ أعوام، بل تصب غضبك على الشخص الذي وصف لك.
وعلى عكس ذلك تضحكني أحيانا تلك اللوحات التي تقف شامخة على جنبات الطريق كي تخبرك بأن الطريق مغلق رغم رؤيتك بالعين المجردة للمسار الطويل الذي تسلكه أمامك السيارات العابرة دون أن تعبأ بمثل هذه اللوحات الإرشادية، فالكل كان يعرف عن طريق التجربة أنها تركت سهوا هنا، وهي ليست سوى مخلفات أعمال الطرق التي لا تشعرك دوما بأي تغيرات سريعة طرأت عليها إلا بعد أن تصاب بالملل من وجودها!
الجميع منا حين يكون خلف مقود السيارة يفضل أن يخوض غمار التجربة بنفسه، كي يعرف أي الطرق الأقرب والأقصر والأقل ازدحاما، تؤدي في النهاية لمقصده، وعادة ما ينصب هذا الاهتمام نحو المعرفة في الطرق التي تؤدي للبيت أو العمل.
وفي ظل الأحداث الراهنة والفوضى المحيطة بنا التي اجتاحت المنطقة العربية، بات الجميع يفضل قضاء الإجازة مجبرا على اكتشاف ربوع البلاد المهجورة، خوفا من السفر للخارج في ظل انعدام الاستقرار السياسي، ما أنعش وجود مثل هذه اللوحات الإرشادية، كما أنعش السياحة الداخلية فزادت من تدفق عدد السيارات الهاربة من جفاف المنطقة الوسطى لتتجه نحو المنطقتين الشرقية أو الغربية باحثة عن الشواطئ الجميلة، لكنها سرعان ما اكتشفت أن الزمن غيّر معالم الطرقات التي كانت تعرفها منذ أعوام، وأصبحت الشوارع مختلفة عما كانت عليه، فزادت علاقتها بتلك اللوحات الإرشادية وتبادلت معها النظرات التي أدركت من خلالها بأنها ما زالت غير قادرة على توجيههم نحو الطرق غير المغلقة!
بقلم: سعود البشر
وهنا تجِد: نشرة الأخبار في المملكة العربية السعودية
وكذلك: الخطوط السعودية: شكرا لاضطراركم لنا!