نكتب هنا موضوع عن حق الجار على جاره. هذا المقال مدعَّم بقصص جميلة وأحاديث نبوية كثيرة. هو لكُل الأطفال والطلاب في المدارس سواء من باب العِظة والعبرة أو حتى كموضوع تعبير. هو أيضًا للدُعاةِ والأئمة والخُطباء، هو للجميع كي نغرِس كُل خُلقٍ حسَن في نفوس الجميع.
بدايةً، انظر هنا، هذا عبد الله بن المبارك. كان إذا اشترى طعامًا لا يبدأ بأهله، بل يبدأ بجاره اليهودي، ثم أولاده وعياله. حتى هداهم الله عز وجل ودخلوا الإسلام بسبب حسن الجوار.
سُئِلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن امرأتين. الأولى امرأة صوامة قوامة -أي تُكثِر من الصيام وتكثر من القيام- لكنها تؤذي جيرانها بلسانها. فقال النبي صلي وسلم: لا خير فيها، في من أهل النار. ثم سئل عن امرأة أخرى قليلة الصلاة، قليله الصيام، تتصدق بالطعام الزهيد. لكنها لا تؤذي جيرانها. فقال النبي: هي في الجنة.
نعَم، لأنها أحسنت إلى جيرانها.
أحاديث نبوية عن حق الجار على جاره
جاء الكثير منها في السُّنّةِ النّبوية المُطهَّرة. نذكُر منها في هذا المقال:
الحديث الأول: ففي حديثٍ عن حق الجار على جاره، عن أَبي هريرة “رضي الله نعه- أَن النَّبيَّ ﷺ قَالَ: “واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ” ~ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
الحديث الثاني: وفي حديثٍ شريفٍ آخر. يأتي النبي لأبي ذر يقول له: “يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ”.
الحديث الثالث: وسُئِلَ رسول الله ﷺ: من أحق الجيران بي؟ قال “أقربهم مِنك بابًا”.
فمهما كان، من أي دين، فهو جار وله حقٌّ عليك.
الحديث الرابع: يقول عبدالله بن عباس أنّهُ ﷺ قال: “ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ” ~ الألباني.
الحديث الخامس: وقال ﷺ في حديثٍ آخر “ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللهُ..” منهم: “وَرَجُلٌ لَهُ جَارٌ يُؤْذِيهِ، فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ وَيَحْتَسِبُهُ حَتَّى يَكْفِيَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ”.
حق الجار على جاره في الإسلام
الجوار، وما أعظم الجوار في الإسلام، وما أعظم حق الجارِ في الدين الإسلامي.
الإسلام يُعظم من حق الجيران. ونعلَم في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة أن الزنا حرام. لكن النبي ﷺ شدَّد في حديثٍ شريف وقال “لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره”. أعظمُ إثمًا عند الله عز وجل من الزنا، وإن كان الزنا كله فاحشًا.
ما رأيُك أن تقرأ أيضًا عن أهمية مساعدة الملهوف ذي الحاجة
قصة عن حق الجار على جاره
القصة الأولى
هو ذاك الغلام اليهودي. نعم، كانوا يُسيئون إلى النبي ويحسن إليهم. بل لما سمع أن اليهود مَرِض زاره النبي.
يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ غلامًا يهوديًّا كان يخدُمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمرِض فأتاه النَّبيُّ ﷺ يعُودُه فقال له النَّبيُّ ﷺ: “أسلِمْ” فنظَر إلى أبيه وهو جالسٌ عندَ رأسِه فقال له أطِعْ أبا القاسمِ قال: فأسلَم قال: فخرَج النَّبيُّ ﷺ مِن عندِه وهو يقولُ: “الحمدُ للهِ الَّذي أنقَذه مِن النَّارِ”. ~ صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان.
نعم، جارك له حقٌ عليك أن تدعوه للدين، وأن تدعوه للخير، وأن تأمره بالمعروف وتنهاهُ عن المنكر.
القصة الثانية
وهذه القصة عن أحد الصالحين اسمه سعيد بن العاص. حيثُ كان من أكثرِ الناس إحسانًا لجاره.
جاره احتاج مالًا فأراد أن يبيع البيت. وكان بيته قديمًا، صغيرًا. فقلّ الثمن، وقلّ المشترون. فإذا به يصرخُ بين الناس: أبيعكم جوار سعيد بن العاص ولا تدفعون إلا هذا المبلغ؟
فجاءه رجلٌ وقال: يا فلان أنت تبيع الدار أم تبيع جارك؟ قال: أبيع جِوار جاري، ألا تشترون جوار رجلٍ إذا أسأتُ إليه أحسن إليّ! وإن جهِلت عليه حلِم عليّ! وإن احتجتُ أعطاني حاجتي! ألا تشترون هذا الجوار؟
فوصل هذا الكلام لجاره سعيد بن العاص. فأرسل إليه مائة ألف درهم. قال خذها ولا تبِع دارك.
كانوا يشترون الجوار بأموالهم. يسألون عن الجيران قبل سؤالهم عن البيت نفسه.