البيئة هي مصطلح واسع الدلالة يشمل كل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء وأرض وسماء وعناصر مختلفة تدخل في نسيج المحيط الذي يعيش فيه ويحتك به بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا الوسط بمختلف مكوناته يؤثر تأثيرًا جوهريًا وكبيرًا جدًا على الإنسان والحيوان والنبات أيضًا، فيتأثر بنظافته أو عدم نظافته.
وهنا سيدور الحديث عن عنصر هام من عناصر الحياة السوية على المستوى الصحي والنفسي، وهو نظافة البيئة، وتأثيره الحيوي على الحياة بشكل عام، وإذا كانت نظافة البيئة أمر غاية في الأهمية في العموم فإنه أصبح أكبر أهمية الآن من أي وقت مضى حيث انتشرت الأوبئة والأمراض وتعددت المخاطر الصحية التي تهدد الإنسان في كل شيء.
احتكاك الإنسان بالبيئة
لأن البيئة كلمة جامعة شاملة فهي تضم كل ما يحتك به الإنسان من عناصر، فمثلا هو يتنفس الهواء ويشرب الماء، ويأكل الأطعمة المختلفة التي تجود بها البيئة، كما يلامس الأشياء ويتعامل مع الأرض ومكوناتها وكل المواد الكيميائية الموجودة من حوله، ويحتك بالجمادات والحيوانات والنباتات، ويصنع ما يرتديه من مكونات تلك البيئة ويبني ما يأويه من المباني من مواد تلك البيئة، كما يصنع كل وسائل الراحة والرفاهية والمتعة من تلك البيئة ليسهل حياته ويتمكن من تيسيرها، ومن ثم فإن الاحتكاك بالبيئة أمر تقتضيه الضرورة منذ الميلاد وحتى الممات.
مفهوم التلوث الذي يصيب البيئة من حولنا
كما أن مفهوم النظافة واسع وفضفاض فإن مفهوم التلوث شامل وعام، فهو يشمل كل تغيير يطرأ على عنصر من عناصر البيئة يغير من خواصه الطبيعية الأساسية، أو يغير من تكوينه يمن ثم يؤثر على وظيفته، فتلوث الهواء مثلا يشمل تزايد مكونات معينة أو غازات سامة وتغير تركيبته بصورة تجعله يضر بالإنسان ويحدث خلل في قيامه بدوره.
كذلك تلوث الماء يعني دخول عناصر غريبة عن تكوينه الطبيعي تجعل ضرره أكثر من نفعه، وهكذا تلوث الطعام بكل أنواعه.
أهمية نظافة البيئة لحياة سليمة
تعتبر نظافة البيئة من مقومات الحياة السليمة، لأن تلوثها يعني الأمراض والأوبئة وعدم الراحة وهذا ما نعانيه للأسف في عصرنا الحالي، حيث أننا نعاني من كثرة أمراض الجهاز التنفسي والسرطانات التي تصيب الرئة بسب تلوث الهواء، أما تلوث الطعام والشراب وكيف أثر على حياة الأجيال المعاصرة بصورة سلبية إلى أبعد الحدود فحدث ولا حرج.
وانطلاقًا من الدعوة التي تدعم وتعزز وتطالب بحق الإنسان في حياة آمنة وكريمة وسوية تأتي الدعوة إلى الاهتمام بنظافة البيئة إلى أقصى حد ممكن، وذلك كمطلب أساسي تقتضيه طبيعة الحياة المعاصرة التي يغلب عليها التلوث بشتى صوره.
نظافة البيئة هي وسيلة من أهم وسائل الوقاية من دوامات الأوبئة والأمراض المستعصية والخطيرة التي تهدد العالم بأسره.
من المكلف بنظافة البيئة؟
ربما السؤال الأهم في هذه الأطروحة الموجزة هو: من المسؤول عن نظافة البيئة؟ ومن المكلف بتلك المهمة؟، وفي الواقع فإن تلك المهمة مشتركة ين الجهات المسؤولة مثل وزارة البيئة والمجالس المحلية ووزارة الصناعة وغيرها من الجهات، وبين المجتمع ككل بطوائفه ومؤسساته وأفراده.
ومن الجدير بالذكر أن مهمة نظافة البيئة لم تعد من السهولة واليسر والبساطة مثل ما كانت في عهود سابقة، لأن صور التلوث أصبحت أعمق وأكثر تنوعًا وخطورة وشراسة.
ويتطلب القيام بهذا الواجب الإنساني رفع مستوى الوعي لدى الحكومات والأفراد، وأن نلتزم بتطبيق آليات النظافة العامة في كل ما نحتك به من عناصر البيئة، مع العلم أن وقاية البيئة والحد من أسباب التلوث توفر علينا الكثير والكثير من الجهود والأموال التي تنفق على عمليات النظافة، فحماية المياه من المخلفات والتلوث بنواتج المصانع وغيره يعفي الدولة من الحاجة إلى تنظيفها ومعالجتها بطرق علمية مكلفة، فضلًا عن أنه حتى رغم المعالجة يصعب الوصول إلى المستوى المطلوب من النظافة.
ومن المفيد جدًا أن نغرس قيم النظافة في الأجيال القادمة لأن هذا يحميهم ويعزز مسؤولياتهم تجاه البيئة وتجاه أنفسهم أيضًا بصورة بناءة وفاعلة كما أنه يوفر على الدولة الكثير من النفقات والجهود التي يجب أن توجه إلى مسارات تنموية أخرى، لا أن تستنزف في معالجة مشاكل التلوث وتبعاته الخطيرة.