في بادِرةٍ لنفسك ودينك تتعرَّف من خلالها على أحد مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر -والتي لطالما كنت كثيرة-؛ لتجِد نفسك أمام فيضٌ كبير في السُّنَّة النبوية المطهرة تتحدث عن الصبر على البلاء والمصائب والمرض وغيرها.
لكن دعونا نسأل سؤالًا مبدأي: لماذا نجِد البعض منا ضائِق، حزين، محزون ومكتئب؟ تأتيه نوبات بكاء وقلق؛ وبعض النساء تقول فكرت انتحر، الله ياخدني ويريحني. لماذا البعض صدره منشرح والبعض ضائِق؟ لماذا بعض النفوس منشرحة وبعضها مُكتئِبة؟
علاقة العبد بربه تزِن إيقاع السعادة في صدره. ولذلك يقول الله -تعالى- في الآية ٢٨ من سورة الرعد “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب“.
ما الذي يجعلني إذ حَلَّت بي مصيبة أصبر؟
كل واحد منّا معرض في ساعة لا يعلمها أن يؤخذ منه حبيب، أو يؤخَذ ماله أو تُقطَع قدمه، أو يموت ولده، أو تحترق تجارته.
نحن في الدنيا، ويقول بعض السَّلَف “ولولا مصائب الدنيا لبلغنا الآخِرة مفاليس“. يعني مصائِب الدنيا هي من توصلك إلى الجنة.
من مِنّا مستعدٌ أن يستقبل أي قدر من أقدار الله يؤلِمه؛ ويحمد بقلبه ويسجد بجبهته على الأرض حمدًا لله أنه أخذ ولده أو أخد ماله؟ اللهم احفظ أبنائنا وذرياتنا، ونعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء ومن شماتة الأعداء، و نعوذ بالله من زوال نعمتك ومن تحول عافيته ومن فجأة نقمته ومن جميع سخطه… لكن محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام كل أبناءه رحلوا قبله.
نفسٌ ذكية
النفس الزكية هي التي لا تتغير عندما يأخذ الله منها. فتربية النفس على أن ترضى بقضاء الله إذا وقع تحتاج سنوات طِوال.
لماذا بعض الناس يؤخذ أبناؤه -ليس ابنٌ واحد- فلا يزيد عن قوله انا لله وانا اليه راجعون، لك الحمد، الحمد لله على ما أخذ وله الحمد على ما أعطى. وآخر؛ إذا قِيل له أحدهم صدَم سيارتك يضجر ويحزن بشكل كبير وهلامي ومُخجِل.. إنها النفوس التي ترَبَّت.
النبي ﷺ القدوة
ولذلك فإنَّ من مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر؛ أنهُ قد مرَّ على عجوز تبكي وتأخذ من تراب قبر ابنها وتضع على رأسها؛ فقال: لله ما اخذ يا أمه الله، وله ما أعطى وكل يوم هو في شأن، اصبري واحتسبي. قالت: إليكَ عني فما أُصِبت بمصيبتي.
لم تلتفت لترى من هو؛ ظنَّت أنهُ شخصٌ ما يعظها.
فلما ولّى؛ قالوا: ويلك، رسول الله يعزيكِ وتقولين له ذلك؟ قالت: ما عرفت بأنه رسول الله.
فلحقته؛ وقالت: يا رسول الله… فقال صلى الله عليه وسلم: ارجعي، إنما الصبر عند الصدمةِ الأولى.
الخلاصة
يقول الشيخ سعد العتيق -جزاه الله خيرًا- بعضنا لم يُربّي نفسه على الصبر وتحمل الألم، وتحمل الأخ`. نحن في كل صلاة أمام الله نُعلِن: الحمد لله رب العالمين. والسورة هي أعظمً سورة، واسمها سورة الحمد؛ ومع ذلك نقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله.. فإذا أُصيب أحدنا بمرضٍ كالسكر، اكتئَب سنة.