«دُرَّة» تسأل: أساتذتي الكرام، إن مشكلتي تبدو بسيطة بالنسبة للمشاكل التي تتلقونها يوميًا، وقصتي باختصار: أنا فتاة عربية أقيم في بلد أوروبي، تقابلت يوما -لسوء حظي- مع رجل عربي من دولة أخرى فوقعت في حبه، وكان هذا أكبر خطأ فعلته في حق نفسي؛ فذلك الإنسان كان عديم الثقة في نفسه وعديم الأمان.
المهم أن أسرتي رفضت هذه العلاقة؛ لكونه من جنسية أخرى، ولكن بعد فترة طويلة وافقت أسرتي ووضعت شروطاً، ووافق هو عليها.
وإذا بي أفاجأ بعد خطوبتنا أنه تحول إلى إنسان آخر بالغ السوء؛ لدرجة أني فكرت في فسخ الخطبة بعد ثلاثة أيام فقط، لأنه قد بدأ يستغلني عاطفيًا ويفتعل المشاكل مع أسرتي، واللهِ لم أصدق ما أراه أمام عيني؛ فهذا الملاك نزع القناع وصار سيئاً لأقصى درجة!. وكان يقول لي بأنه يريد بذلك أن يعطي أهلي درساً؛ لأنهم رفضوه في أول مرة، ففسخت خطبتي وعانيت بعدها نفسياً لفترة.
المهم بعد ذلك عدت إلي حياتي الطبيعية، وأنا الآن قد تم عقد زواجي على إنسان في منتهى النبل من نفس جنسيتي، وهو لم يأتِ بعد إلى البلد الذي أقيم فيه، وسيحضر بعد فترة.
صحيح أنى عدت لحالتي الطبيعية، ولكني لم أعد أشعر من داخلي بأني نفس الإنسانة، شيء في داخلي تغير ولا أستطيع أن أعرف ما هو؛ فالجرح في داخلي ما زال ينزف رغم مرور فترة تقارب العام، ولم أعد أستمتع بالحياة، خاصة أن هذا الإنسان يختلق الإشاعات والأكاذيب على خطبتنا، ويقول للناس بأنه هو الذي فسخ الخطبة.
المشكلة أنه يدرس معي في نفس الجامعة، وكلما رأيته صدفة أشعر بضغط شديد؛ لأنه يعيد إلى ذهني كل الذكريات الأليمة.
وخطيبي الحالي أحبه بشدة، ونحن نتبادل الرسائل والصور، ونتكلم عبر الشات، ولكن ما يحيرني أنني ما زلت أفكر في أمر ذلك الإنسان، وهو ما يشعرني بالذنب تجاه نفسي.
وملخص القول: إن جراحي ما زالت تنزف، أرجوكم أخبروني كيف أواجه رؤيته بقوة؟ ولماذا أشعر بهذا الضعف بينما يظهر هو أمامي في منتهى القوة؟ وشكراً على مجهوداتكم، وأتمنى لكم مزيداً من النجاح في هذه الصفحة.
الإجابـة
أختي الحبيبة، أقدر معاناتك؛ فما أشد أن يُصدم الإنسان مرتين؛ فصدمتك الأولى كانت فيمن أحببت حين اكتشفت سوء طويته وخلقه، وصدمتك الثانية في نفسك لعدم قدرتك على الاختيار الصحيح ولعدم قدرتك على نسيان هذا الشاب بسهولة رغم عيوبه.
مشكلتك الحقيقة أنك ما زلتِ تكنين لهذا الشاب بعض المشاعر، فرفضه عقلك ولكن قلبك ما زال معلقا به، وهذا هو مصدر قوته وضعفك؛ فهو يعلم جيدا أنك متعلقة به جدا، وبالطبع هو لا يحمل لك أية مشاعر، وإلا حرص عليك كما حرصت أنت عليه، فمن الواضح أنك عرفته فترة طويلة جدا قبل الارتباط، وتعلقت به بل وأصررت عليه رغم رفض أهلك، ثم استسلمت أسرتك ووافقت بشروطها، وبعد كل هذا أَفَقْتِ على حقيقة أنه لا يستحق كل ما فعلت وكل حبك.
حبيبتي، طبيعي ألا تكوني كما كنت من قبل؛ فكل منا إذا واجهته تجربة أليمة يتغير، فمنهم من يستفيد منها فتنضجه وتصقل شخصيته وتدفعه للنجاح، ومنهم من تدفعه التجربة للإسراع للتخلص منها بالدخول في تجربة أخرى دون تفكير كافٍ لمجرد أن ينسى الأولى بالثانية، فربما نجح أو فشل.
ومن هنا أجيب على تساؤلاتك، وأقول بأنك ما زلت تفكرين في هذا الشاب لسببين:
أولا: لرؤيتك له باستمرار بسبب ظروف الجامعة.
ثانيا: بُعد خطيبك عنك؛ حيث من الواضح من خطابك أنه غير موجود في نفس البلد الذي أنت فيه، والرسائل والصور والإنترنت وسائل اتصال لا تواصل؛ فكيف حكمت عليه بالصلاح أو الفساد أو معرفة شخصيته بما يكفي للارتباط به؟! وكيف تعتقدين أن تواصلا عن بُعد كافٍ لينسيك ما تعودت عليه من رؤية من تحبين؟
لذا أنصحك بأن تحاولي الابتعاد عن خطيبك الأول؛ فلا تتصلي به ولا تتواجدي في مكان هو فيه، ولا تبالي بالإشاعات التي ينشرها؛ فستنتهي وحدها بتجاهلك لها قدر المستطاع.
وأما خطيبك الحالي فلا أنصحك بإتمام الزواج إلا بعد التأكد من مشاعرك تجاهه، وبعد أن تسافري له أو يحضر إليك، وتجلسا معاً وتتعارفا جيدا في وجود الأهل، وبهذه الطريقة تتأكدين من مشاعرك تجاهه، وعليك القيام بهذا في أقرب فرصة؛ فلا تطيلي الأمر، وتنتظري حتى يأتي في الميعاد المحدد للزواج.
وصدقيني، بهذه الطريقة ستنسين تجربتك الأولى، ولن يبقى منها إلا الدرس الذي استفدت.. واستعيني بالله وتوكلي عليه.
⇐ ويمكنك الاطلاع على استشارات سابقة.. منها:
- ↵ حب في رحلة الإيمان: كيف أوازن بين مشاعري والتزمتي الديني؟
- ↵ حب جامعي معقد: بين الإعجاب والواجب، ماذا أفعل؟
- ↵ حب جامعي: كيف أقنع أهل حبيبتي بالموافقة على زواجنا؟
⇐ أجابتها: سمر عبده