عناصر الخطبة
- تسليط الضوء على الواقع المأساوي للاعتداءات على أرض الإسراء ومعاناة أهلها.
- التأكيد على أهمية الصبر في مواجهة الاعتداءات، مع التوقع بأن النصر سيأتي بعد الصبر.
- دعوة إلى التفاؤل وحسن الظن بالله رغم الظروف الصعبة، مع الاعتماد على الإيمان والصبر.
- تسليط الضوء على أهمية تعليم الأطفال الأمل والتفاؤل، كما فعله النبي ﷺ مع ابن عباس.
- أهمية القدوة النبوية في تربية الأجيال الصاعدة وتعليمهم القيم الإسلامية.
- تعزيز فكرة أن الصلة بالله في الرخاء تؤثر إيجاباً في التحمل والتجاوز في الشدة.
- التأكيد على أهمية الوفاء بالعهود مع الله وشكر نعمه في الرخاء.
- دعوة إلى التضامن والتعاون بين أفراد الأمة في مواجهة التحديات.
- استعراض قوة الإيمان كعروة وثقى تساعد في التحمل وتجاوز الصعاب.
مقدمة الخطبة
الحمد لله رب العالمين، يحفظ عباده وهو خير الحافظين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي المؤمنين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، خير النبيين وصفوة المرسلين، وعلى آله وصحبه وأتباعه المؤمنين الصادقين.
أما بعد، فاتقوا الله –عباد الله–، فمن اتقى كان في حفظ الله، ونال محبة الله ورضاه، ومن بشارات الله لعباده قوله لهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
الخطبة الأولى
أيها المؤمنون: إنه لحري بنا ونحن نعيش أياما طويلة من اعتداء المحتلين على أرض الإسراء وأهلها العزل، فتراهم يهدمون عليهم بيوتهم ويجعلونهم من غير مأوى تحت نزول المطر وبين شدة البرد، وليست لهم ثياب تقيهم، ولا طعام يكفيهم، بل إن الماء صار عندهم مما يشبه المعدوم، وتجدهم مهجرين من مكان إلى مكان، فإذا وصلوا إلى المكان الآخر لم يسلموا من الإيذاء والقصف والقتل والجرح، لينتقلوا إلى مكان آخر فيكون ما كان في المكان الأول، وهم صابرون غاية الصبر، قد جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وقدموا كل شيء عندهم في سبيل الله، وإن من سنة الله أن يكون النصر بعد الصبر، والتمكين بعد الاستضعاف، وقد قال ربنا تبارك وتعالى للسلف ما يجري على الخلف، فقد قال واعدا موسى وأتباعه الذين كانوا يسامون سوء العذاب: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾.
ولذلك –عباد الله– كان علينا أن نبقى متفائلين؛ لا ينتابنا شيء من الشك أن النصر آت من عند الله ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾، والله عند حسن ظن عبده به، فلنظن بالله خيرا، وإن من الوصية الجامعة العظيمة التي كانت من النبي لابن عباس –رضي الله عنه– «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا»، فلننظر –رحمكم الله– في هذه الكلمات النبوية الشريفة التي تنساب أملا وتفاؤلا إلى القلوب، ولننظر كيف أن النبي يربي الصغار على الأمل والتفاؤل وحسن الظن بالله، وأن ما يأتي المؤمنين والمؤمنات من الله لا يكون إلا خيرا وإن كان ظاهره شرا؛ لأن المؤمنين والمؤمنات بين الشكر والصبر، والصبر خير كما أن الشكر خير، ومن كان مع الله كان الله معه، وما أعظم بشارة الله لنا في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾.
أيها المؤمنون: إن العقيدة شجرة مباركة، تبدأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا، تقوم على محبة الله وحب الخير للناس، ومحبة الله يكون أثرها أقوالا حسنة وأفعالا زاكية، ومحبة الخير للناس تظهر في حسن معاملتهم وعونهم، بل إن عون الله للمؤمن يأتي من عونه لعباد الله، ومن الهدي النبوي قوله ﷺ: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
فلننظر كيف أن هذه البشارات النبوية والخيرات العظيمة والدرجات الرفيعة سببها حب الخير للناس وعونهم والوقوف معهم، ولنعلم أن شجرة العقيدة تبقى حية وتنمو نموا محمودا من غير آفات ولا أمراض بتعهدها، ومتابعتها أولا بأول، وسقيها بالفضائل، وتحصينها من الشيطان بذكر الله كثيرا؛ ولذلك كان النبي حريصا على غرس بذرة عقيدة الإيمان في قلوب الصغار، وتعهدها بالتربية المستمرة التي أساسها أن النبي أسوة حسنة للمؤمنين والمؤمنات، يقولون ما يقول ويفعلون ما يفعل، وكان ﷺ لا يفوت فرصة يمكن أن يتعهد فيها شجرة الإيمان في قلوب الصغار إلا واغتنمها، ولنا في قصة النبي مع عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما– أسوة حسنة.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فقد كان نبينا ﷺ يسير يوما وخلفه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقد كان غلاما صغيرا، ومن حرص النبي على المؤمنين رفعهم من درجة إلى درجة، وحبه لهم أن يكونوا في كبرى مراتب الدنيا، وعليا درجات الآخرة، وذلك لا يكون إلا بالإيمان الراسخ والعمل الدائم والجد والاجتهاد ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، فما كان من النبي إلا أن التفت إلى ذلك الغلام الصغير وأعطاه درسا واضحا بأسلوب بليغ، بقي إلى يومنا هذا، وسيبقى إلى يوم الدين، فقال له ﷺ كلماته المشهورة: «يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك».
والمؤمن يكون شديد الاتصال بالله في الرخاء، فإذا جاء وقت الشدة كانت له تلك الصلة بالله قوة على تجاوز تلك الشدة، وذكرا من الله له تكون ثمرته تيسير أموره من حيث لا يحتسب، فمن عرف الله في الرخاء عرفه الله في الشدة، وقد قال الحق جل جلاله: ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾، وقال وقوله الحق المبين: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾، ولذلك كان من الوصية الشريفة لابن عباس –رضي الله عنه– قوله له ﷺ: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»، ومن نشأ على هذه التربية، ودرج على هذه الطريقة كان حريا به أن يشعر بإخوته وأخواته في الإيمان في كل مكان، فتجده معهم يعينهم ويدعو لهم، وما هذا التضامن الذي كان من أبناء هذه الأمة تجاه إخوانهم وأخواتهم في أرض الإسراء إلا من أثر الإيمان الذي هو العروة الوثقى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾.
هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين؛ محمد الهادي الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.
⇐ ما رأيك بالمزيد من خطب الجمعة الجميلة!
- ↵ خطبة عن أهمية الفتوى ودورها في تحقيق الأمن الاجتماعي
- ↵ خطبة عن بيعة الرضوان – مكتوبة
- ↵ خطبة حول عناية الإسلام بالوالدين وحُسن البرّ بهما – مكتوبة
- ↵ خطبة: تعظيم شعائر الله – مكتوبة
وفقنا الله ﷻ وإياكم، وسدد خطانا وخطاكم.