السؤال: تقدمت لأداء فريضة الحج أنا والمرحومة والدتي، وحصلنا على تأشيرة الحج وجهزنا أنفسنا للسفر، وفرحت والدتي كثيرا لأنها تنتظر بفارغ الصبر. قبل السفر بشهر أصابتها جلطه دماغيه وجلطه بالرئة وتوفت قبل موعد سفرنا بيوم، ولم أستطع أن أذهب إلى الحج لظروف العزاء. سؤالي: هل كتب لها ثواب الحج أم لا؟ وهل يجب أن أحج عليها أم لا؟ أفيدوني يرحمكم الله.
الإجـابة
يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد…
فقد اختلف العلماء في من وجب عليه الحج فلم يحج حتى مات، ولك الخيار في ما سنعرضه عليك من آراء. أما عن ثواب الحج فيرجى من الله القبول وثبوت الأجر والثواب، وندعو الله أن تبعث والدتك على نيتها، وفي الحديث الشريف: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى». جاء عن كتاب فقه العبادات ما نَصّه:
من وجب عليه الحج فلم يحج حتى مات وجب أن يخرج الورثة من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط، وبهذا قال الحسن وطاوس، والشافعي، وأحمد.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب ذلك على الورثة ويسقط حق الميت في ذلك إلا إذا أوصى بالحج والعمرة فيخرجان من ثلث ماله فقط. وبهذا قال الشعبي والنخعي، لأن الحج عبادة بدنية فتسقط بالموت.
غير أن الدليل يشهد للأولين. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها ؟ قال: نعم حجي عنها. أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله فالله أحق بالقضاء رواه البخاري
ففي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت سواء أوصى أو لم يوص ما دام قد مات وعليه حج واجب سواء أكان حجة الإسلام أم حجة منذورة، ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين. والعمرة مثل الحج في ذلك. انتهى.
أما عن ثواب الحج فيرجى الثواب إن شاء الله، وندعو الله أن تبعث والدتك على نيتها، ولكل أمرئ ما نوى. على أنه يشترط للحج عن والدتك أن تحج عن نفسك أولاً، كما في حديث الرجل الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لبيك اللهم عن شبرمة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن شبرمة؟» قال: أخ لي، أو قريب لي. قال: «أحججت عن نفسك؟»، قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم عن شبرمة».
والله أعلم.