(العمل الآن للوقاية من التهاب الكبد والعمل وبحزمٍ للحد منه) عبارة تلخص كثيراً من الجهود المبذولة للوقاية من هذا المرض وتُرفع شعاراً لحث واضعي السياسات الصحية والمسئولين وحتى الناس في اليوم العالمي لالتهاب الكبد من أجل اتخاذ كل الإجراءات للإحالة دون انتقال العدوى. ملايين البشر كل عام يصابون بهذا المرض القاتل إذا لم يتم تداركه والعمل على دحره والتعاون من أجل الدول الفقيرة التي بات المرض فيها مرادفاً للحياة اليومية، ولأن أمراض الكبد هي الأكثر شيوعاً على مستوى العالم فقد بات تعزيز الاستجابة المنسقة لدرء مخاطره ونشر الوعي به خطوة ضرورية على درب علاجه. تحديات المرض لا تقف عند نوع واحد منه فالتهاب الكبد يصيب مئات الملايين سنوياً، سرعة الانتقال والعدوى وشدة الالتهاب وخطورته تعتمد على نوع الفيروس المسبب له وعلى حجم الضرر. تحديات تضع في حسبانها إصابة 20 مليون شخص بالتهاب الكبد (E) و 1.5 مليون شخص بالتهاب الكبد (A) و 240 مليون شخص بالتهاب الكبد (B) من هذا المرض، هي أرقام تلخص حجم المعاناة التي تعانيها الطبقات الاجتماعية الأشد فقراً في العالم والأكثر عرضةً للإصابة بالمرض أي القارة الأفريقية. ومع مبادئ منظمة الصحة العالمية ومقالات وآراء خبراء السياسة الصحية تبقى الأهداف المرسومة للحد من هذا المرض رسائل رئيسية في السيطرة عليه، إدراك المخاطر ومعرفتها هدف رئيسي مع طلب الحقن المأمونة والمعقمة تفادياً لانتقال العدوى وتطعيم الأطفال حاجة أساسية ومُلحة إضافةً لالتماس العلاج فيما يخص النوعين (C) و (B) الأكثر انتشاراً. وفي ظل هذه الأهداف المرجوة تظهر كل يوم أدويةٌ جديدة لا يمكن لجيب المريض الفقير تحمل عبء تكاليفها فيفضل الانتظار والمعاناة لعل جسمه الهزيل ينتصر على المرض قبل أن يقضي المرض عليه.
ما هو مرض التهاب الكبد الوبائي؟ وما هي أنواعه؟ وما الفرق بين هذه الأنواع؟
أوضح “د. محمد منيسي” (أستاذ الجهاز الهضمي وأمراض الكبد بمستشفى القصر العيني) أن التهاب الكبد الوبائي هو مجموعة من الفيروسات، فالتهاب الكبد الوبائي من الممكن أن يصيب الشخص ليس فقط بسبب الفيروسات وإنما أيضاً بسبب أمراض أخرى مثل الأمراض المناعية، لكن بالنسبة للالتهاب الفيروسي (A) و (B) و (C) و (D) و (E) ومجموعة فيروسات أخرى فإن النوعين (A) و (E) ينتقلان عن طريق الطعام أما النوعين (B) و (C) ينتقلان عن طريق الدم، التهاب الكبد الوبائي (B) هو الأكثر خطورة لأنه الأكثر انتشاراً ومن الممكن أن ينتقل بين الأزواج ومن السهولة أن ينتقل من الأم إلى الجنين أثناء الحمل، أما عن فيروس (C) فهو لا ينتقل إلا عن طريق الدم ونسبة انتقاله بين الأزواج ومن الأم إلى الجنين لا تتجاوز 10% ، كل هذه الأنواع من الفيروسات هي فيروسات ضارية غاية في الخطورة. تم تسمية فيروس (C) بهذا الحرف سنة 1989 حيث تم اكتشافه سنة 1970 ولكن عند البحث عنه تم اكتشاف أنه موجود منذ آلاف السنين، كان الاعتقاد بأنه يصيب الإنسان فقط ولكن وجدوا أنه يصيب حيوان الشمبانزي أيضاً وبعض الكلاب والحصنة.
ما هي أعراض مرض التهاب الكبد الوبائي؟ وهل هذه الأعراض تختلف من نوع إلى آخر؟ وهل هناك أعراض صامتة؟
أوضح “د. محمد منيسي” أن حوالي 99% من الإصابات الفيروسية فيما عدا فيروس (A) تكون صامتة، أما فيروس (A) الذي ينتقل عن طريق الطعام يصاحبه أعراض واضحة مثل ارتفاع درجة الحرارة وصداع وآلام في البطن وقيء ثم إصفرار فأعراضه تشبه أعراض البرد، أما فيروس (C) فغالباً ما يتم اكتشافه عن طريق الصدفة. مشكلة فيروس (C) أنه لا يصيب الكبد فقط وإنما قد يصيب الكُلى وقد يؤدي إلى مشكلة مناعية بالغدة الدرقية ومشاكل بالقرنية.
ما يقارب من 10% من سكان مصر مصابين بمرض التهاب الكبد الوبائي مما وضع مصر بين قائمة الدول الأكثر إصابةً بالمرض، وكشف المسح الشامل الذي قامت بإجراءه وزارة الصحة المصرية أن غالبية المرضى لا يستطيعون تحمل نفقات العلاج الباهظة مما دعا الحكومة إلى تحمل نفقات العلاج. ومع بداية العام الحالي أقرت الحكومة استراتيجية شاملة لمواجهة المرض، وعقدت اتفاقات مع عدد من الشركات العالمية لتوريد أحدث العقاقير الفعالة، وتعهدت بتقديم مليون جرعة مجانية لعلاج المرضى.
صرح مسئول بوزارة الصحة المصرية أنه سيتم الإعلان في اليوم العالمي لمرض التهاب الكبد الوبائي عن خطة وزارة الصحة وعن متى سيتم طرح الجيل الثاني من الأدوية (وهي الأدوية التي لا تحتاج إلى أدوية مساعدة وقد تؤدي إلى تقليل فترة العلاج من 3 شهور إلى شهرين) واستخدامه من قبل المواطنين المصريين. وتهدف الخطة الحكومية للقضاء على مرض التهاب الكبد بشكل نهائي في فترة تتراوح من 7 إلى 10 سنوات.
خطة قومية مصرية للقضاء على مرض التهاب الكبد الوبائي تشمل استخدام أحدث العقاقير الفعالة في العلاج ومبادرة رئاسية بتقديم مليون جرعة مجانية للمرضى هي خطة قد تسهم في حصار هذا المرض الذي يعاني منه أكثر من عشرة ملايين مصري.
ما أسباب الارتفاع في نسبة مرض التهاب الكبد الوبائي بمصر؟ وكيف يمكن درء مخاطر هذا المرض؟
أوضح “د. محمد منيسي” أن ذلك يرجع إلى عدم توفر الوعي والدراية بهذا المرض فكما ذكرنا أن المرض عمره آلاف السنين ولم يتم اكتشافه سوى عام 1970 ، فنتيجة لذلك كانت تحدث الإصابات وتنتقل دون أن يشعر أحد، فمن المؤكد أن من ضمن حالات نقل الدم كان يوجد عينات دم ملوثة بفيروس (C) ولكن لم يتم معرفة ذلك لعدم وجود فحوصات حينها يمكنها أن تحدد هل الدم يحتوي على الفيروس أم لا، فهذا الانتشار الكبير يرجع إلى عدم توفر المعرفة والوعي بوجود مثل هذا المرض.
ما العادات السلبية التي يمكن أن تؤدي لانتشار هذا المرض؟
أوضح “د. محمد منيسي” أن السبب الأكثر شيوعاً هو حالات الإدمان والتعاطي التي يتم فيها تبادل الإبر الملوثة بالدم، وقد يحدث ذلك أيضاً نتيجة عدم تعقيم الأدوات الطبيبة في بعض المناطق النائية وما يتم إجراءه من عمليات جراحية في العيادات الصغيرة دون إشراف وزارة الصحة، فكل ذلك يؤدي إلى انتقال المرض وزيادة نسبة الإصابة به.