حقاً إن بقاء الأمم ونجاحها ونهوضها واستمرارها مرهون بهويته في مكارم الأخلاق، فالأخلاق الحسنة الطيبة هي قوام المحبة والسلام والوئام والاستقرار، بينما الأخلاق السيئة والبغيضة هي وقود العداوة والبغضاء والمشاحنات والخلافات والحروب في البشرية جمعاء.
وهنا سوف نسلط الضوء على أهمية الأخلاق ومكانتها وذلك بكتابة مقال عن مكارم الأخلاق ينطوي على دعوة من القلب لكل ما هو طيب ورائع ونبيل من الأخلاق ونبذ كل ما كان مخالفاً لذلك، سائلين الله أن ينفعنا وينفع بنا ويجعلنا من الدالين على الخير والداعين إليه.
ما هي الأخلاق وما المقصود بها؟
الأخلاق هي كلمة عامة جامعة شاملة للسلوكيات والتوجهات التي تشكل دستور التعامل بين الخلق وبين بعضهم البعض، والتي تحدد العلاقات وملامحها واتجاهاتها، فالأخلاق تشمل أسلوب الحديث مع الناس والتعامل معهم عند النصح أو التوجيه، أو طلب العون، وعند المواقف المختلفة والأحداث المتباينة التي قد تعرض لهم، وعند صدور خطأ أو تقصير منهم تجاهنا، فالأخلاق ونوعيتها ومدى حسنها أو سوئها هي العامل الذي يحدد ردود أفعالنا في كل ذلك.
أهمية مكارم الأخلاق في الإسلام
إن مكارم الأخلاق هي من أولى أولويات الدعوة الإسلامية والرسالة المحمدية الخالدة، فقد جاء الإسلام لينقذ البشرية من مستنقع الرذائل والخطايا والفواحش، وليخرجها من ظلمات الأخلاق المتردية التي سقطت فيها وليحارب قيم الظلم والقسوة، والعنف والاستعباد والاستبداد التي بلغت مبلغاً يفوق الوصف، ويبدلها بقيم العدل والمواساة والنبل والحرية واحترام الإنسان وكرامته، وكيف لا وقد جاء كل ذلك على لسان نبينا الكريم “محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم” في تصريح واضح ومباشر حين قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
وهو “صلى الله عليه وسلم” من أكد لنا أن حسن الخلق من دواعي رضا الله عز وجل ومن دواعي بلوغ الجنة فعرفنا من سنته أن المسلم يبلغ بحسن خلقه ما يبلغه العابد والعالم من الفضل والأجر.
وهو أيضاً من علمنا أن حسن الخلق نعمة وفضل كبير ورزق وفير من يمن الله عليه به فقد من عليه بالكثير من الخير حتى أنه علمنا أن نسأل الله حسن الخلق كما نسأله الصحة والمال والعافية والرزق، ومن ذلك الذكر الشهير الذي يعرف بذكر المرآة فحين ينظر المسلم إلى المرآة يستحب في حقه أن يقول: (اللهم كما حسنت خلقي فحسن خُلُقي وحرم وجهي على النار).
كيف يحسن العبد من أخلاقه ويرتقي بها؟
إن مكارم الأخلاق ليست إرثاً نرثه عن آبائنا وأجدادنا، بل هو جهاد وكسب وتعلم وترويض للنفس وتهذيب لها، ولعل من أهم الأمور التي تعيننا على تحسين أخلاقنا وتحملنا على التحلي بمكارم الأخلاق ما يلي:
- تذكر منزلة حسن الخلق عند الله وعند الناس ومقام ذوي الأخلاق الكريمة.
- تذكر أن حسن الخلق مجلبة للخير ومحبة الخلق وتيسير للأمور، وبها قضاء الحاجات، أما سوء الخلق فهو مجلبة لغضب الله وسخط الخلق وانفضاضهم وتعسير الأمور وزيادة المشقة في الحياة.
- حسن الخلق يعفي الإنسان من الصدامات والخلافات في الدنيا ويعفيه من تعلق حقوق الخلق برقبته في الآخرة، فيأتي وليس عليه ذنب لفلان ولا مظلمة لفلان، وهذا لعمري نفع عظيم وفضل يستحق التعب والمجاهدة.
- مصاحبة الأخيار ذوي الأخلاق الطيبة يعدي ويعزز مكارم الأخلاق، والبعد عن أهل السوء ومن فسدت طباعهم حتى لا ينساق الانسان في تياراتهم، فيصيبهم سوء خلقهم.
وفي الختام، هكذا كان موضوع أو بحث / مقالة عن مكارم الأخلاق أودعنا فيه ما وفقنا الله إليه من جوانب هذا الموضوع وما يتعلق به والله المسعان.