الصحة الجسدية للإنسان مرتبطة بصحته النفسية بشكل كبير، فالصحة النفسية السيئة تؤثر على بعض الهرمونات في الجسم والتي تعمل على التأثر على صحة الجسد، لذلك كي تنعم بحياة وصحة جيدة عليك الاهتمام بصحتك النفسية وتعزيزها، فكيف يكون ذلك وما هي أهم مقومات تعزيز الصحة النفسية، ننصحك بقراءة المقال التالي.
مفهوم الصحة النفسية
الصحة النفسية هي حالة من تمام الصحة واكتمال حالتها من الناحية البدنية والعقلية، هكذا استهل استشاري العلاج النفسي “د. جاسم المرزوقي” حديثه.
فالصحة النفسية بمفهومنا البسيط هي حالة من التوافق ما بين الإنسان وذاته والإنسان وبين الإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه سواء كان أفراد أو متغيرات على أن يشعر بحالة من السعادة والرضا، وبالتالي يكون قادر على التوافق مع حياته والتعامل مع المنغصات والمشاكل التي يتعرض لها سواء كانت بيئية أو نفسيه أو صحية، فالصحة النفسية لا تعني خلو الإنسان من المرض.
المقومات الرئيسية للصحة النفسية
هناك خمسة عوامل رئيسية لمقومات الصحة النفسي وهي:
- الثبات الإنفعالي وهو أن يكون الإنسان قادر على التعامل مع المتغيرات التي يواجهها بذات الثبات الإنفعالي دون وجود انهيارات عصبية.
- التفكير الإيجابي وهذا لب ومحور الصحة النفسية.
- مهارات التفاعل الإجتماعي وبالتالي نمتلك مهارات للتواصل مع الآخرين.
- الحكمة عند إتخاذ القرار.
- الاستبصار في التعامل مع المشكلات.
فإذا ما تمتعنا بهذه العناصر الخمس فسنكون قادرين على التعامل مع التحديات والتمتع بصحة نفسية جيدة.
أهمية الاهتمام بالصحة النفسية
الاهتمام بالصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، فقد ثبت علميًا أن هناك جهاز مناعي نفسي بجانب الجهاز المناعي الموجود بأجسادنا، فلك أن تتصور أنه عندما تنخفض مناعتنا الجسدية قد تُصاب بالأمراض والفيروسات وخاصة بأننا في زمن قوة الجهاز المناعي كفيل بأن يحمينا من هذه الفيروسات الموجودة.
وقد أثبتت الدراسات والأبحاث بأن الجهاز المناعي النفسي كلما أنخفض أثر على الجهاز المناعي العام، لذلك فنحن نسمع الأطباء والجراحين في الأمراض المزمنة دائمًا ما يدعون إلى أهمية الإعتناء بالجانب النفسي.
فكل الأدوار العملية والأسرية إذا لم تكن حسب تطلعاتنا أو ذات معايير صحيحة فقد نشعر أن هناك فجوة وهذا قد يقودنا إلى الإحباط والاكتئاب، فبالتالي لا يمكن النظر إلى الصحة النفسية من منظور واحد فقط لكن النظر لها من كافة الجوانب، فإذا لم توجد الصحة النفسية لن توجد السعادة.
الفرق بين الأعراض النفسية والأمراض النفسية
يجب علينا التمييز بين الأعراض النفسية والأمراض النفسية، فأنت قد تحزن ولكن عندما يطول هذا الحزن فقد تدخل في مرحلة الإكتئاب، فكلنا بلا إستثناء بحسب الدراسات المرتبطة بمنظمة الصحة العالمية بأن ربع سكان الكرة الأرضية سيصابون بحالة من الحالات نفسية.
ولكن يجب مراجعة المختص متى ما ازدادت الحالة وازدادت المشكلة بالشكل الذي أثر على الشخص بحيث لا يستطيع هذا الشخص التعامل معها بشكل صحيح، فإهمال الأمراض النفسية قد يضر بالصحة ويؤدي إلى الأمراض الجسدية، فالضغط والتوتر يساهم في زيادة افراز هرمون الكورتيزون مما يؤدي إلى انخفاض قوة الجهاز المناعي وبالتالي أصبحنا عرضة للكثير من الأمراض.
فكل عضو من أعضاء جسمنا تتفاعل بشكل طردي مع الحالة النفسية، حيث الدماغ يوظف في الوظائف العقلية العليا والقلب في الجانب الوجداني.
فبحسب احصائيات منظمة الصحة العالمية يوجد ما يزيد عن 800 الف حالة وفاة سنوية تكون ناتجة عن الإصابة بالاكتئاب، فالاكتئاب يكون سبب للوفاة عند تدني عمل عضو من أعضاء الجسد، فعدم الاهتمام بالجانب النفسي قد يؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها بالمرة، حسبما ورد على لسان “د. المرزوقي”.
متى يجب زيارة الطبيب النفسي؟
أولًا يجب العلم من هو الطبيب النفسي ومن هو المعالج النفسي، فالمعالج النفسي هو خريج كلية العلوم الإنسانية حيث أنه يتقدم في دراساته إلى أن يحصل على درجة الدكتوراه ومن ثم يتناول الشق الثاني المهم من ضمن الفريق العلاجي لتقديم الخدمة، وبالتالي تكون علاجات المعالج النفسي عبارة عن جلسات نفسية بإعادة قناعات ومعتقدات وبرمجة الإنسان للتعامل بشكل أفضل مع التحديات، وبالتالي يحسن ذلك العمليات المعرفية العليا للدماغ وكذلك تحسين وظيفة القلب المتمثلة في الوجدان.
أما الطبيب النفسي فهو خريج كلية الطب ويتقدم بعد الدراسة للحصول على تخصص الطب النفسي، والطبيب النفسي يساهم في تعديل الحالة النفسية للمريض إذا ما تطلب الأمر بعض العقاقير.
فالمرض النفسي هو خلل كيميائي في جسم الإنسان قد يتطلب أن يُعالج ببعض أنواع الأدوية لإعادة توازن افراز الهرمونات في الجسم.
وللأسف نجد الكثير يترددون عند الذهاب إلى الطبيب النفسي لكن قل ذلك مع زيادة برامج التوعية وما إلى ذلك، فالعيادة النفسية ليست للمرضى النفسيين بل هي للمرضى السعداء كي يزدادوا سعادة، فمتى ما شعر الشخص أن حياته تغيرت عن ما كانت عليه سواء في تعامله مع ذاته أو مع الآخرين يجب عليه زيارة الطبيب النفسي، فأنت طبيب نفسك إذا كنت تهتم بصحتك وصحة جسدك.
كيف تقنع شخص بالذهاب للطبيب النفسي؟
هناك مرض ذهاني وهناك مرض عصابي كما يطلق بلغة العلم، فالمرض الذهاني هو الذي يجعل المريض يفقد به الادراك والوعي ويكون غير مُسائل قانونيًأ مثل أمراض البارانويا والفصام وما إلى ذلك، وهؤلاء يكون إخضاعهم للعلاج سهل بمجرد إقناع ذويهم والمسؤولون عنهم.
أما الأمراض العصابية هي الأمراض العصرية كالاكتئاب والقلق والتوتر والوساوس القهرية والضغوط النفسية، وتكون الطريقة الأمثل لإقناع هؤلاء بالذهاب للطبيب النفسي أن يستشير بطريقة غير مباشرة.
ويُفضل أن يقنع هؤلاء المرضى بذلك أقرب الناس إليهم لأن أخذ النصيحة سيكون بطريقة أيسر كلما كان الشخص قريب من المريض.
الفرق بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي للمريض النفسي
لدى مختلف شرائح المجتمع نتيجة بعض المفاهيم الخاطئة في بعض الأحيان لهذه المصطلحات أو لمدى ما يتطلب حاجة البعض للعلاج العقاقيري بجانب العلاج النفسي، فمسألة الحاجة إلى الجانب الدوائي هي حاجة ماسة لبعض من يعانون من أمراض نفسية أو أعراض نفسية.
فعلى سبيل المثال الاكتئاب درجات مختلفة فقد يصل البعض أحيانًا إلى التفكير في الانتحار والانعزال أو البكاء الدائم والمستمر، ويكون الفيصل في اتخاذ القرار يرجع إلى مدى الحاجة للدواء والمستوى الذي يكون المريض عليه.
فالله سخر لنا هذا الطب والعلم كي نتداوى بأسرع ما يمكن، فالأدوية ومضادات القلق والاكتئاب هي أدوية مسرعة للتعافي من خلال إعادة توازن هذه الكيمياء في جسم الإنسان والهرمونات للمستويات الطبيعية، وهذا الشيء مع العلاج النفسي يؤديان إلى تحقيق نفس الأهداف ومن ثم وبالتدريج مع اعتماد المريض على العلاج النفسي وزيادة قوته وإدراكه للتعامل مع المتغيرات يقل إعتماده على الدواء.
واختتم “د. جاسم المرزوقي” حديثه بالقول بأن السعادة قرار والتعاسة قرار، والسعادة فكرة والتعاسة فكرة.
والأفكار منثورة فلك أن تأخذ ما يحلو لك، لكن خذها قاعدة إذا أردت أن تنعم بالسعادة الحقيقية والراحة والصحة النفسية فليس بالضرورة أن تعتقد بأن ما أنت عليه هو صواب.
فيجب عليك أحيانًا تقديم تنازلات وتخفيف حدة التوقعات وفي النهاية لن تحقق كل شيء في الحياة فالرضا أمر مطلوب.