تُعرّف الأسرة لغةً على عدّة أوجه، فكلمة الأسرة تعني الدرع الحصينة، ومفهوم الأسرة يُطلق على الجماعة التي يربطها أمر مشترك؛ كانتمائها إلى نفس الجدّ، ويُسمّى المسؤول عن الأسرة برب الأسرة، كما يُطلق مفهوم الأسرة التعليمية على العاملين في حقل التعليم، أمّا فريق العمل فيُطلق عليهم أسرة عمل، كما يتمّ تخصيص مفهوم الأسرة المالكة ليدل على عائلة الملك والملكة، أمّا جمع كلمة أسرة فهو: أُسر، وأُسُرات، وأُسْرات.
ويوجد صعوبة في تحديد تعريف اصطلاحي دقيق للأسرة، إذ إنّها تجمع بين السمات البيولوجية إضافةً إلى عدّة سمات أخرى ينبغي أن تُؤخذ بعين الاعتبار، ويُمكن تعريف الأسرة على أنّها وحدة اجتماعية بيولوجية تتكوّن بشكل نظامي بعد إقامة زواج مُقرّر بين رجل وامرة وإنجاب الأطفال، ومن الوظائف التي تقوم بها الأسرة إشباع الغرائز العاطفية وتوفير البيئة المناسبة لتنشئة الأبناء.
واقرأ: اليوم العالمي للسعادة
مقوّمات السعادة الأسرية
يقول استشاري التنمية البشرية والتطوير المؤسسي الأستاذ “أحمد علي غانم”: أن الأسرة هي نواة المجتمع كما هو معروف، وإذا تحقق الاستقرار الأسري والسعادة الأسرية فسنجد مجتمع صحي، وسوي من شتى النواحي، وهناك مقومات عدة للسعادة الأسرية، والتي من أبرزها:
- المرونة بين أفراد العائلة: حيث تتميّز الأسرة السعيدة بالمرونة التي تظهر من خلال الأحاديث المُفصّلة عن الأشياء بين أفراد الأسرة، ووضع الخطط البديلة في حال الحاجة إليها، وأخذ الدروس من الظروف الصعبة والحرص على أن يكون أفراد الأسرة متفائلين خلالها، ومواجهة هذه الأزمات بتكاتف وتعاضد من خلال مناقشتها ومحاولة إيجاد الحلول.
وهنا تقرأون: التغيرات التي تطرأ على العلاقة الزوجية بعد عمر الـ٥٠
كما ويجب توفير بيئة سليمة تُساعد الأفراد على مواجهة صعوبات الحياة، وذلك من خلال:
- تحدّي الأزمات: حيث تهتم الأسرة المرنة بمواجهة التحدّيات أو التكيّف مع الظروف الصعبة التي قد تتعرّض لها بشكل مشترك، إذ ينبغي على الجميع تحمّل المسؤولية، فذلك يُساعد على تقوية الروابط الأسرية، وذلك من خلال تحديد دور كلّ فرد في مواجهة المشاكل والمرونة في تبادل الأدوار فيما بينهم بما يتناسب مع التحدّيات التي تتعرّض لها الأسرة.
- النظرة الإيجابية: حيث تتميّز الأسرة المرنة بقدرتها على التركيز على النقاط الإيجابية في أوقات الأزمات، والحفاظ على التفاؤل والثقة للتغلّب على التحدّيات التي تواجهها.
- القيم الروحانية: وتُعدّ القيم الروحانية من الأمور الأساسية التي تُركّز عليها الأسرة المرنة، حيث تعتبر الأسرة أنَّ قوّة الأفراد وراحتهم تكون من خلال أداء الصلوات الدينية أو ممارسة تقاليد ثقافية معيّنة.
- التواصل: حيث تُركّز الأسرة المرنة على مهارات التواصل والتفاعل بين أفرادها، وذلك من خلال إتاحة الفرصة لهم في تحديد المشاكل، وإيجاد الحلول لها بشكل جماعي، ممّا يجعلهم مستعدّين لمواجهة تحدّيات المستقبل، ويُتيح لهم فرصة التعبير عن أفكارهم والانفتاح العاطفي فيما بينهم.
- الاستفادة: من الموارد الاقتصادية والاجتماعية: فتتميّز الأسرة المرنة بإنشائها علاقات مع مجموعة من الأشخاص؛ كالأقارب والأصدقاء، أو المنظّمات التي يُمكن الاعتماد عليهم عند الحاجة وطلب المساعدة المادية أو المعنوية منهم.
- التواصل: حيث يُعدّ التواصل بين أفراد الأسرة الذي يقوم على المحبّة والتفاهم من الأمور المهمّة للترابط الأسري، ويظهر من خلال:
- الصدق بين أفراد الأسرة.
- حسن الإصغاء والاستماع بين أفراد الأسرة.
- التواصل المستمر بين أفراد الأسرة.
- إبداء الاهتمام لكلّ فرد، وإظهار مشاعر المحبة.
- إعطاء النصائح والتوجيهات، والبُعد عن أسلوب الانتقاد.
- تحفيز السلوك الإيجابي.
- منح حرية الرأي والتعبير لكلّ فرد في الأسرة.
- التعاون في حلّ المشاكل والصراعات التي قد تتعرّض لها الأسرة.
كما يجب توفير بيئة إيجابية في المنزل لتقوية الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، ويكون ذلك من خلال تحسين التواصل الأسري بينهم من خلال عدّة أمور ذكرها الأستاذ “أحمد”، ومن بينها:
- التواصل بشكل متكرّر: ويكمن دور التواصل الفعّال داخل الأسرة في إنشاء علاقات أفضل بين أفرادها، لذا يجب إيجاد الأوقات المناسبة للتواصل الأسري، وتبادل الآراء والأفكار فيما يخصّ أمور الأسرة بشكل دائم؛ كالتحدّث أثناء تناول وجبة العشاء أو تخصيص جلسات عائلية في أوقات مناسبة لكافة الأفراد.
- التواصل مباشرةً وبوضوح: من المهم تشجيع الأفراد بعضهم البعض على مشاركة مشاعرهم وطرح أفكارهم بصراحة ووضوح؛ لإنّ ذلك يُساعد على إصلاح العلاقات الأسرية بينهم.
- الاستماع الفعّال: وذلك من خلال الإنصات والتركيز على حديث الفرد المتكلّم سواء كان أحد الأزواج أو الأطفال دون مقاطعته؛ من أجل فهم ما يدور في ذهنه.
- الثقة بين أفراد الأسرة: فالآباء والأمهات هم المسؤولون عن خلق بيئة أسرية تسمح لأفراد الأسرة بحريّة التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بصدق، والذي بدوره يُقوّي الثقة بينهم.
- فهم لغة الجسد: من المهم التنبّه للكلام اللفظي والإشارات غير اللفظية أثناء الحديث “لغة الجسد” على حدّ سواء.
- الالتزام بالعائلة: حيث تتميّز الأسرة السعيدة بالتزام أفرادها مع بعضهم البعض، ويظهر ذلك من خلال وجود الثقة والمسؤولية الاجتماعية بين أفراد والتزامهم بالسلوكيات المسموح بها، ويُمكن القيام بعدّة أمور تدعم التزام أفراد العائلة، ويذكر منها الأستاذ “غانم”:
- حفظ الوعود والاتفاقات والالتزامات الزوجية، وتخصيص أوقات سنوية مثلاً لتذكّرها وتجديد الالتزام بها.
- الاحتفال بالتقاليد العائلية وتعزيزها من خلال ممارسة نشاط خاص بالأسرة بشكل منتظم وابتكار عادات جديدة؛ كزيارة بيت الجدة أو تناول وجبة مميزة كلّ أسبوع.
- التعرّف على تاريخ الأسرة من خلال جمع الصور الخاصّة بالأجداد وعرضها على أفراد الأسرة، أو طلب رواية تاريخ الأسرة من الأجداد والأشخاص الكبار.
- مشاهدة مقاطع فيديو متخصصة في موضوع الالتزام بالعلاقات الأسرية.
- ممارسة الأنشطة معاً: حيث يُمكن توفير بيئة أُسريّة سعيدة من خلال ممارسة الأنشطة بين جميع أفرادها، ومن هذه الأنشطة:
- اللعب معاً.
- تناول وجبة العشاء وتبادل أطراف الحديث.
- التخطيط للخروج في نزهة.
- الاحتفال بأعياد الميلاد والمناسبات الخاصة.
- التخطيط لقضاء العطلة بما يتناسب مع ظروف كلّ أفراد الأسرة، وقضاء أوقات كافية بعيداً عن الأجهزة التكنولوجية، وممارسة الأنشطة الجماعيّة؛ كالمشي أو ممارسة الرياضة.
- تقبّل الاختلافات: حيث يختلف أفراد الأسرة فيما بينهم من حيث الاحتياجات الشخصيّة وبعض المعتقدات، ومن الطرق التي تُساعد على تقبّل الاختلافات الفردية التي قد وضحها الأستاذ “أحمد”:
- احترام وجهات النظر المختلفة.
- إتاحة الفرصة لكلّ فرد في الأسرة في التعبير عن رأيه.
- مسامحة الأفراد بعضهم البعض.
- تحمّل كلّ فرد مسؤوليته الخاصة.
- العدالة بين الأبناء: حيث تحرص الأسرة السعيدة على تطبيق مبدأ المساواة بين أبنائها لما له من أثرٍ إيجابي عليهم، إذ إنّ ذلك يُعزّز ثقة الطفل بنفسه وشعوره بأنّه طفل محبوب، وينبغي على الآباء عدم التفريق في المعاملة بين الأبناء خصوصاً عند امتلاك أحدهم قدرات أفضل من الآخر، كما أنّه من المهم الابتعاد عن أسلوب تعميم العقاب على جميع الأبناء من أجل ضبط سلوك أحدهم؛ لما له من أثرٍ سلبيّ على سلوك الأبناء وجعلهم يتصرّفون بشكل سيّئ.
- إشراك الأطفال في القرارات وسماع آرائهم: حيث يجب على الآباء التحدّث مع أطفالهم وتشجيعهم على إبداء آرائهم واقتراحاتهم والأخذ بها.
وأخيراً، فيؤكد الأستاذ “غانم” على أن الأسرة السعيدة تبدأ من وجود أب وأم سعداء من الأساس؛ حيث أن السعادة الأسرية لابد وأن تكون نابعة من السعادة الزوجية أولاً، ويجب أن يكون لدى كل من الزوج والزوجة الوعي الكافي والثقافة للوصول السعادة الزوجية أولاً، ومن ثم تحقيق السعادة الأسرية.
واقرأ هنا: كيف نعيد الشغف للحياة الزوجية ونتخلص من الروتين والملل