عند سؤالي لقريبي الصغير «يوسف» عن صفه الدراسي فإنه يبادر بالإجابة والابتسامة تعلو محياه إنه في الصف الثالث الابتدائي «ب»، ثم يكمل ذلك الصغير دون تلك الابتسامة «وإن شئت فمقلط ثالث ب» حيث اكتشف مؤخرا على حد قوله أن فصله الجميل ما هو إلا مقلط لعمارة مستأجرة يتحاشر هو وأربع مئة طالب آخرون فيها كل صباح ولمدة ست ساعات كاملة. يقول «يوسف» إن أكثر طلاب مدرسته حظا هم طلاب الصف الثالث «أ» الذين يبلغ عددهم 23 طالبا وضعتهم إدارة المدرسة في «الصالة» بحكم أنها أكبر غرف ذلك المبنى. أما أقل طلاب المدرسة حظا فهم طلاب الصف الخامس «د» الذين يبلغ عددهم ثمانية طلاب فقط ولذلك فقد حكمت عليهم إدارة المدرسة بالدراسة في «المخزن».
ويؤكد هذا الصغير بقوله «صحيح أن فصول المدرسة تكاد تتداخل مع بعضها، إلا أن أصوات مدرسينا الأفاضل تتداخل وتتشابك بالفعل مع بعضها البعض محدثة سيلا من المعلومات المختلطة التي لا نفهمها نحن ولا طلاب الفصول المجاورة، فمدرس التاريخ صاحب الصوت الجهوري الذي يشرح في الفصل المجاور هو أعلى صوتا من مدرس التوحيد الذي يقف أمامي، ويذكر أنه في السنة الماضية عندما احتاجت المدرسة إلى عمل توسعة جديدة فإنها وبكل ذكاء وحنكة استغنت عن مطبخ المدرسة وتم تحويله إلى فصل جديد إلا أنها أبقت على «المجلى» والسخان في ذلك الفصل، ويكمل أنه يتمنى من مدير المدرسة الذي استأثر بـ«المجلس» ليكون مقرا لمكتبه أن يستغني عن ذلك السخان فالأجواء لدينا «مسخنة» بما فيه الكفاية، واستبداله بمكيفات تبعث لنا هواء باردا بدلا من مكيفات فصولنا التي تجلب لنا الهواء الخارجي بنكهة الغبار.
يكمل الصغير مأساته فيقول: لا أعرف كيف يطلقون على الأرض الجرداء المجاورة لمدرستنا «ملعب» وهي التي لا تشبه أي ملعب في الدنيا إلا في كمية الإصابات التي نخرج بها من هناك.
يبدو أنني سأتوقف بكم هنا؛ لأنه من العبث الحديث عما قاله عن المختبر وغرفة المصادر والمكتبة ومتطلبات الأمن والسلامة في مدرسته، فبعض المدارس المستأجرة هنا لا تصلح إلا للهدم فقط.
بقلم: ماجد بن رائف
وهنا تقرأ: من يحب المدرسة؟