أستعير عبارة الدكتور خالص جلبي الشهيرة عنوانا لهذا المقال، وأقول ليس مستغربا في الواقع هذا الخطاب المتسامح الذي عرف به الشيخ عائض القرني عموما، وتحديدا في خطابه الذي ألقاه في مصر، حيث أكد على مسؤولية الدعاة والدول تجاه أمتهم بما يخص نبذ إثارة النعرات الطائفية، التي تفتك بجسد الأمة الإسلامية بين السنة والشيعة، وتهدد الوحدة الوطنية ولحمة الشعوب العربية، ولا يستفيد منها سوى أعداء الأمة.
وأكد أن على جميع الدول العربية التدخل لوقف هذه الفتنة التي تطل بأعناقها بين الحين والآخر عبر إشاعة الخطاب الإسلامي المعتدل، ودعا المصريين إلى التكاتف والوحدة للوقوف ضد من يحاول ضرب وحدة البلاد، من خلال إشعال فتيل الفتنة بين المسلمين والنصارى.
في الواقع أن مثل هذا النوع من الخطاب المتسامح المعتدل تفتقر إليه الساحة العربية منذ عقود، ما أسهم في انتشار ثقافة التعصب والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، دون معرفة الفائدة المرجوة من وراء تلك الخطابات الانفعالية التي توحي بأن مسألة وجود الطوائف الدينية لم يتم اكتشافها إلا الآن، ولم تكن حقيقة يزيد عمرها على ألف عام.
تواجه اللحمة الوطنية العديد من الأخطار من خلال إثارة هذه النعرات عبر هذه الخطابات غير المنضبطة، التي ما إن تهدأ حتى تصعد العصبيات القبلية بالقنوات الشعبية ومهرجانات المزاينة وبرامج الشعر، وما إن تهدأ الأخيرة حتى تطل من باب الرياضة، كما في حادثة رمي حكم المباراة بالأحذية أخيرا، أو من خلال التراشقات الإعلامية الذي حدثت في أحد بطولات الخليج ورمي منتخبنا بأوصاف مستفزة، نخشى عودتها مع انطلاق الآسيوية، خصوصا في ظل مشاركة ثمانية منتخبات عربية تتنافس للمرة الأولى.
إننا في مسيس الحاجة لتبديل نوعية الخطاب المرسل إلى المجتمع بخطاب يمنح مفاهيم التسامح والمواطنة أولوية كبرى، يعيد لمجتمعنا السلام الاجتماعي والأمن الوطني ويقلص حدة مساحات الخلاف الثانوية كيلا تعرقل انطلاقة مسيرة المجتمع نحو مستقبل أكثر أمنا وسلاما وتقدما.
بقلم: سالم السيف