لقد دافع الرسول “صلى الله عليه وسلم” في غزواته عن الإسلام دفاعًا مستميتًا، تجلى فيها مدى دعم الله لهذا الدين القويم، ومدى حرصه على إعلاء كلمة الإسلام، وأيضًا أخرجت هذه الغزوات قادة عسكريين أبهروا العالم جميعًا إلى أيامنا هذه، هؤلاء القادة واجهوا دولًا كبيرة مثل الروم والفرس وانتصروا عليهم.
والغزوة: هي المعركة التي يشارك فيها المسلمين ويكون الرسول “صلى الله عليه وسلم” مشاركًا فيها، وفي الغالب يكون قائد جيوش المسلمين فيها.
وكانت الغزوات بغايتيها، سواء لدفع عدوان الأعداء والحفاظ على كلمة الإسلام، أو الطلب، بالتصدي لهجوم الكفار على المسلمين، لأهداف عظيمة، منها: نشر الدعوة الإسلامية وتوطيد دعئم الإسلام بهزيمة الكفار والكف عن أذاهم، ورف مستوى المسلمين الاقتصادي والمادي، بالقسمة العادلة للغنائم، وتغيير دوافع الحرب من السلب والنهب والقتل والتشريد والسبي إلى نشر العدل والأمن وهداية البشر إلى التعاليم الإسلامية القويمة.
أهم غزوات الرسول “صلى الله عليه وسلم” وأسبابها ونتائجها
غزوة الأبواء (الودان)
هي أولى غزوات الرسول “صلى الله عليه وسلم” قامت في 12 صفر من السنة الثانية الهجرية، وكان هدفها استكشاف الطرق المحيطة والمؤدية إلى مكة المكرمة، لكن لم يحدث فيها قتال.
غزوة بواط
كانت الغزوة في ربيع الأول من السنة الثانية للهجرة، وكان هدفها الاستيلاء على قافلة قريش المارة بالطريق التجاري بين مكة والشام، وفيها خرج الرسول بصحبة مائتي رجلًا، غير ان القافلة غيرت مسارها وسلكت طريقًا آخر.
غزوة العشيرة
ووقعت في جمادي الأول من السنة الثانية الهجرية، وفيها خرج الرسول “صلى الله عليه وسلم” حتى وصل إلى ينبع ومكث فيه شهر جمادي الأول وبعض ليالي من جمادي الآخر، وكان سببها تتبع قافلة قريش، ولم يحدث فيها قتال.
غزوة سفوان
سميت بغزوة بدر الأولى، وقد وقعت في جمادي الآخر في السنة الثانية الهجرية، خرج فيها الرسول “صلى الله عليه وسلم” خلف كرز بن جابر الفهري حين أغار على المدينة، وبلغ الرسول “صلى الله عليه وسلم” مدينة سفوان من ناحية بدر لكنه لم يدرك كرز، ولذلك سميت بغزوة بدر الأولى.
غزوة بدر الكبرى
وسميت أيضًا بغزوة الفرقان، وقد وقعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة، وهي اولى الغزوات التي حدث فيها قتال بين المسلمين ومشركين قريش وحلفائها، وقد حدثت في منطقة آبار بدر وانتهت بانتصار المسلمين.
كان سبب غزوة بدر، حين أخبر أبو سفيان قريش بأن الرسول قد تتبع قبيلته ليستولي عليها”، فأصر سادة قريش على الانتقام من الرسول والمسلمين وأنصار المدينة فعزم على الخروج لملاقاة الرسول “صلى الله عليه وسلم” وقتاله، ولكن الله أنزل في قلوبهم الرعب رغم أن عددهم كان يزيد عن ثلاثة أضعاف جيش الرسول “صلى الله عليه وسلم” لكنهم ولوا الأدبار في النهاية وتسنى الانتصار للمسلمين.
غزوة بني قينقاع
وكان سببها حين هم أحد يهود بني قينقاع لكشف عورة إحدى المسلمات في سوق اليهود، مما أدى إلى سخرية اليهود منها، فغضب أحد المسلمين لما حدث وقتل من فعل هذا الأمر من اليهود، فقتله اليهود، وكان لهذا الحدث وقعه في نفس الرسول “صلى الله عليه وسلم” فغضب وحاصر اليهود خمس عشرة ليلة انتهت بإجلائهم عن المدينة المنورة تاركين كل ما لهم من مال وعتاد. وقد حدثت هذه الغزوة في السنة الثانية للهجرة.
غزوة السويق
وكانت في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، وتعد الغزوة إحدى تبعات غزوة بدر الكبرى؛ فبعد هزيمة أبا سفيان في غزوة بدر، اصر أن يعود ويغزو المسلمين والرسول “صلى الله عليه وسلم” فخرج ومعه مائتين من المشركين حتى وصل إلى بني النضير، وقتل أحد الأنصار وحليفًا له، فخرج الرسول “صلى الله عليه وسلم” بصحبة مائتين من أصحابه لكنه لم يدرك أبا سفيان، وكان أبو سفيان قد ترك بعض من السويق، فجمعه الرسول “صلى الله عليه وسلم” وسميت الغزوة بغزوة السويق.
غزوة ذي أمر
وكان سببها حين تجمع عدد كبير من قبيلة بني ثعلبة ومحارب للإغارة على المدينة المنورة، مما دفع الرسول “صلى الله عليه وسلم” للخروج ومعه أربعمئة وخمسين مقاتلًا، وكانت نتيجته أن هرب الأعداء في الجبال، ووصل الرسول إلى بئر لبني ثعلبة يسمى ذي أمر، وأقام فيه شهر صفر كله ليشعرهم بمدى قوته. وكانت الغزوة في محرم من السنة الثالثة للهجرة.
غزوة أحد
قامت غزوة أحد في السابع من شوال للسنة الثالثة الهجرية، وكان دافعها رغبة قريش في الانتقام من المسلمين والرسول “صلى الله عليه وسلم” فجمعت قريش وكنانة ثلاثة آلاف مقاتلًا، وخرجوا يرنون إلى حرب الرسول “صلى الله عليه وسلم” ووصلوا إلى جبل أحد، في مقابل المسلمين الذين خرجوا بألف مقاتلًا، إلا أن عددهم قد نقص بسبب خيانة عبد الله بن أبي سلول، ورجوعه إلى المدينة بصحبة ثلاثمائة من المقاتلين.
كان النصر في بادئ الأمر حليف المسلمين، لولا مخالفة الرماة لأوامر الرسول “صلى الله عليه وسلم، ونزولهم عن الجبل بهدف تجميع الغنائم، فأطبق عليهم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل وحاصروا المسلمين، مما أدى إلى هزيمة المسلمين في المعركة.
غزوة بني النضير
وقعت هذه الغزوة في ربيع الأول من السنة الرابعة الهجرية، وكانت الغزوة الثانية للرسول “صلى الله عليه وسلم” ضد اليهود، فبعد هزيمة الرسول “صلى الله عليه وسلم” لهم وإلحاق الخسارة بهم، تربصوا به وشرعوا يعدون المكائد والغدر، وتآمروا على قتل الرسول “صلى الله عليه وسلم، فأخبره الله “سبحانه وتعالى” عن طريق الوحي بما ينوون، فحاصرهم الرسول “صلى الله عليه وسلم” ست ليال، فخرجوا من المدينة بعدما هدموا بيوتهم حتى لا يستولي عليها المسلمين.
مر الرسول بعد ذلك بعدة غزوات فيما بين السنة الرابعة للهجرة والسنة الخامسة للهجرة، منها: غزوة ذات الرقاع، وغزوة بدر الآخرة والتي انتصر فيها المسلمون، وغزوة دومة الجندل التي انتصر فيها الرسول “صلى الله عليه وسلم” نتيجة الرعب الذي بثه الله في قلوب المشركين، وغزوة المصطلق والتي انتهت بإسلام بني المصطلق جراء المعاملة الطيبة التي عامل بها الصحابة الأسرى.
غزوة الخندق
وقد وقعت في شوال في السنة الخامسة للهجرة، وكانت الغزوة الثالثة بين المسلمين وقريش، فاجتمعت الأحزاب، وهم قريش وحلفاؤها، وقد وصل جيشهم إلى عشرة آلاف مقاتلًا، بعدما قام اليهود بتحريض قريش ضد المسلمين، فحفر المسلمون خندقًا كبيرًا حول المدينة، أخذًا بمشورة سلمان الفارسي، وبعد حصار دام ثلاثة أسابيع أرسل الله “سبحانه وتعالى” على الأحزاب رياحًا شديدة أدت إلى انسحابهم.
وبعد غزوة الخندق، قامت غزوةبني قريظة، التي أمر الله فيها الرسول “صلى الله عليه وسلم” بغزو بني قريظة بعد نقضهم العهد مع الرسول ومحاولة إدخالهم الأحزاب من ناحيتهم إلى المدينة.
غزوة خيبر
كانت بعد صلح الحديبية، بعدما أرسلت قريش لإقامة الصلح بينهم وبين المسلمين، أراد الرسول “صلى الله عليه وسلم” أن يحاسب الأطراف الأخرى من غزوة الأحزاب، وهم اليهود وقبائل نجد، فاتجه الرسول “صلى الله عليه وسلم” إلى خيبر وحاصر قلاع اليهود وحصونهم، واقتحمها.
وبعد غزوة خيبر مر الرسول “صلى الله عليه وسلم” بعدة غزوات أهمها فتح مكة، وكانت بعدما نقضت قريش صلح الحديبية، ثم غزوة حنين، ثم الطائف، ثم تبوك وهي آخر غزوات الرسول “صلى الله عليه وسلم”