السكان هم المكوّن الأساسي للدول ويدور حولهم اهتمام جميع الحكومات على مستوى العالم. وذلك لأنهم المحرك الرئيسي لأي نهضة أو تقدم. ويختلف تمركز أو عدد السكان من دولة إلى أخرى طبقًا لاعتبارات كثيرة وعدد من العوامل التي تؤثر في عدد السكان في دولة وسواها. ولكن لا يخفى أن هناك الكثير من الدول تعاني زيادة في عدد السكان بها عن الأخرى وذلك لأسباب مختلفة وهو ما يعرف بزيادة السكان أو الزيادة السكانية.
الزيادة السكانية وأسبابها
تعني الزيادة السكانية ارتفاع عدد السكان داخل الدولة وزيادتهم وهو ما يؤدي إلى مشكلة اقتصادية نتيجة عدم قدرة الموارد الخاصة بالدولة أن تسد احتياجات هذه الزيادة في عدد السكان، أو أن توفر الخدمات الحيوية لهم كالصحة والتعليم وغيرها. وأسباب هذه الزيادة السكانية عديدة ولكن نذكر منها على سبيل المثال قلة الوعي؛ حيث أن قلة الوعي الفردي وانخفاض مستوى التعليم لدى شعوب بعض الدول أدى إلى عدم اتباعهم لنظم تنظيم الأسرة أو إدراكهم لضرورة عدم الإنجاب المستمر بأعداد كبيرة، بالإضافة إلى عدم المعرفة بوسائل هذا التنظيم أو وسائل منع الحمل لإيقاف هذه الزيادة السكانية. كما أن هناك أسبابًا عديدةً لهذه الزيادة في عدد السكان وهي ارتفاع المستوى الصحي لدى الأمم. فتحسن الوضع الصحي عن ذي قبل أصبح عاملًا مهمًا في زيادة السكان نتيجة زيادة صحة المرأة وقدرتها على الإنجاب عدة مرات مع الأخذ في الاعتبار التطور التكنولوجي والدوائي حيث أصبح من السهل اكتشاف الأدوية المعالجة لكثير من الأمراض في العصر الحديث وبالتالي الحفاظ على الصحة العامة، وزيادة معدل المواليد مقارنة بانخفاض معدل الوفيات مع الجهل بأخطار الزيادة السكانية مما أدى إلى الارتفاع في أعداد السكان.
وإضافة إلى ما سبق فإن الاستقرار يُعد من أسباب زيادة عدد السكان، والاستقرار هنا هو استقرار الشعوب والأمم. فبعد انتهاء فترات الحروب والتي كانت تدور بين البلاد ويروح ضحيتها الكثير من الضحايا، وما آلت إليه من هجرات على مستويات واسعة، أدى عدم الاستقرار هذا إلى عدم التفكير في الإنجاب بسبب التوتر والخوف وانتشار الدمار والخراب في أرجاء العالم. أما بعد انتهاء فترات الحروب وهدوء الأوضاع بشكل نسبي واستقرار الشعوب مع تفرغهم للتنمية والتطور فقد أصبح الاستقرار هنا عاملًا مهمًا في الرغبة في تكوين الأسر وبالتالي كثرة الإنجاب وزيادة معدلات النمو السكاني، كل هذا مع أسباب أخرى كثيرة للزيادة السكانية.
النتائج المترتبة على الزيادة السكانية
إن ما يهم في أمر هذه الزيادة السكانية هو ما ينتج عنها في بعض الدول من عجز وهو ما يعرف بالمشكلة السكانية أو الأزمة السكانية.
وهي نقص الموارد الاقتصادية للدول في مقابل زيادة عدد السكان. وكذلك تأثر نسبة الفرد في الحصول على الخدمات التي يحتاج إليها؛ كالعجز في الموارد الغذائية، والعجز في فرصة الحصول على مستوى تعليمي جيد، والعجز في تقديم المستوى الصحي اللائق فلا يحصل الكثير على مستوى جيد من الخدمات الطبية المقدمة. وكذلك العجز في توفير فرص العمل مما يؤدي إلى ارتفاع نسب البطالة بشكل كبير. بالإضافة إلى عجز يطرأ على مستوى الخدمات العامة أو الحيوية كالبنية التحتية للدول وعدم توفر وسائل المواصلات التي توفر حياة كريمة لأفراد الشعب، وعدم حصول الفرد على نصيبه العادل من المرافق الخدمية على مستوى البلد، وغيرها من أوجه العجز التي تنتج عن زيادة عدد السكان وبخاصة في ظل تراجع أو عدم قدرة موارد هذه البلد على سد متطلبات الشعوب وكفايتها.
ولكن الطبيعي أن جميع الحكومات على مستوى العالم تعمل على مواجهة مشكلة زيادة السكان والحد من آثارها، وتعمل على تقديم الحلول المناسبة إما للحد من الزيادة السكانية أو مواجهة تحديات وتبعات هذه الزيادة في عدد السكان. ولعل العمل على زيادة الوعي لدى أفراد الشعب هي من الوسائل الأولى التي تسعى الحكومات إلى تحقيقها وذلك لزيادة معدل الوعي لدى الفرد وبالتالي إدراكه بالمشكلة السكانية وتبعاتها وتأثيرها عليه بشكل مباشر وهو ما قد يؤدي إلى اتباع نظم لتنظيم الأسرة والحد من عدد المواليد المتزايد. ويتم ذلك من خلال حملات توعية مستمرة منذ الصغر بأضرار المشكلة السكانة وآثار الزيادة السكانة بشكل يضر بمصلحة البلاد والأفراد وغيرها من سبل التوعية على جميع الأصعدة. كما أن بعض الدول تقوم بجانب التوعية بإصدار التشريعات التي تحد من الزيادة السكانية، كرفع سن الزواج وربط بعض العلاوات في الدخول الشهرية بعدد الأبناء وغيرها.
كما أن دور الدولة يكون بالعمل على مواجهة آثار الزيادة السكانية الموجودة بالفعل والتأهب لها، كالعمل على زيادة التنمية في جميع القطاعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية وجميع القطاعات التي تمس الفرد بشكل مباشر بما يسهم في استيعاب هذه الزيادة في عدد السكان. بالإضافة إلى العمل على إعادة التوزيع السكاني في البلاد وعدم تمركزها في المناطق الحيوية فقط، وذلك بالعمل على فتح مناطق ومدن جديدة وتزويدها بالخدمات التي تعمل على اجتذاب السكان إليها وعدم تمركزهم في عدد من المحافظات بسبب توفر الخدمات فيها بشكل كبير. وغير ذلك من الإجراءات التي تقوم بها الحكومات للحد من عملية التزايد في أعداد السكان أو التغلب على آثارها.