إن العمل بروح الفريق هو مبدأ لا بد أن نتبعه جميعنا ونعمل على تنميته في نفوسنا، وهو مبدأ تحث عليه جميع الأديان كي تستقيم الحياة، فلا يستطيع الفرد أن يقدم أي عطاء لأمته بمفرده بل إن روح الفريق هي التي تقوم بتحمل مسؤولية الأمة والوصول بها إلى بر الأمان وإلى ما يؤدي إلى نهضتها. وروح الفريق هي التي تؤدي بطبيعة الحال إلى النجاح وتحقيق جميع الأهداف المرجوة للأمة.
الإسلام يدعو إلى تنمية العمل الجماعي
ويدعو الإسلام إلى تنمية العمل الجماعي والعمل بروح الفريق في نصوص القرآن والسنة وأن يجتمع الفريق على ما يرضي الله كقوله سبحانه وتعالى في الآية الثانية من سورة المائدة: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} صدق الله العظيم.
وهذا التعاون هو الذي يقاس به صلاح الفريق من عدمه، بل إن في الأمور الحياتية اليومية أصبح نجاح أي عمل أو مشروع أو مؤسسة ما يقاس بدرجة التعاون بين الأفراد المشتغلين فيه، ومدى قيامهم في العمل بروح الفريق.
وعند العمل بروح الفريق مه مراعاة وجود الله في حياتنا فسيتحقق لنا جميعًا التوفيق والنجاح والفلاح والصلاح في جميع أمورنا.
ولقد جاء في السنة النبوية المشرفة ما يدعو الناس إلى العمل الجماعي بمنظور روح الفريق، فيقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: “يد الله مع الجماعة”، كما يقول صلوات الله وسلامه عليه: ” إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، وهو ما يحث على العمل الجماعي والعمل بروح الفريق الواحد وعدم التشتت وهو ما يؤدي إلى حيازة الخير والبركة من اللله سبحانه وتعالى.
فإن كانت يد الله مع الجماعة فهو تشريف غير قليل للعمل الجماعي في فريق واحد.
وإن كان المؤمن عونًا لأخيه المؤمن فهذا تقدير لروح الفريق والعمل الجماعي والذي يحد من الخطأ ويؤدي إلى النجاح والتقدم.
والعمل بروح الفريق يؤدي إلى الكثير من الفوائد ويتسم بالعديد من المميزات، فروح الفريق في العمل تؤدي إلى زيادة فاعلية العمل الذي نقوم به، ويصبح أكثر كفاءةً وتأثيرًا إذا ما قورن بالعمل الفردي، وذلك لأن التحلي بروح الفريق يؤدي بالطبع إلى تبادل الخبرات والأفكار وتحمل المسؤولية من الجميع مما يؤدي إلى فاعلية أكبر في العمل.
ولعل العمل انطلاقًا من الإحساس بروح الفريق يؤدي إلى تبادل الأفكار والمقترحات حول أمر ما، وهذه يؤدي بالطبع إلى الوصول إلى مقترحات أكثر فاعلية وابتكارًا أكثر مما يتخذها الفرد بمفرده، لأنها نتيجة نقاشات وتبادل خبرات متعددة وتنوع الخبرات والآراء يؤدي بالضرورة إلى الحلول الأصلح والأنسب والتي تتميز بالإبداع أكثر.
ولا بد من العمل بروح الفريق والعمل على تنمية هذا في جميع أمورنا فهو يؤدي إلى زيادة بناء الثقة بالنفس ورفع الروح المعنوية لدى الأفراد، ويدعو كذلك للفخر بالذات وذلك لأن كل فرد يشعر وكأنه ترس في آلة العمل ولا يسير العمل بدونه بل أنه يساهم بشكل فعال في ان تدور عجلة التنمية وأنه صاحب دور فعال ومؤثر.
الحضارات المعاصرة والعمل بروح الفريق
ولقد أدركت الحضارات المعاصرة هذا التأثير الكبير للعمل بروح الفريق وأدرجوه كمبدأ مهم ضمن مبادئ الإدارة المعروفة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أُجريت الدراسات للبحث في تأثير التعاون والعمل الجماعي أو العمل بروح الفريق في إنجاح أي أعمال تقوم على هذا المبدأ وأثره على أي عمل يقوم على أساسه، ووصلت النتائج إلى أن العمل بروح الفريق يؤدي إلى النجاح بنسب كبيرة جدًا في حالة توفر المقومات الأخرى التي يحتاجها هذا العمل. وأن التقدم الذي قد يحرزه الفرد بمفرده لا يكاد يُذكر بالنسبة للعمل بروح الفريق.
فالعمل الفردي يؤدي إلى حب الذات والأنانية أما العمل بروح الفريق يبعث على التعاون فيما بين الجميع فلا يبخل أحدهم على الآخر بمعلومة تفيد لأنها بطبيعة الحال ستؤدي إلى نجاح الأمر الذي يقومون به. وبناءً عليه سيستفيد الجميع من خبرات بعض ويتم تبادل هذه الخبرات فيما بينهم بالإضافة إلى التعرف على أفكار وأساليب جديدة في الإدارة والتصرف.
كما أن هذا يبني جسورًا من الثقة بين أفراد الفريق الواحد في أنك تقوم بعملك على أكمل وجه وأنت واثق تمام الثقة في أن الأفراد الآخرين يقومون بأدوراهم على النحو الأمثل لإنجاح الأمر الذي تقومون به جميعًا.
وبالإضافة إلى هذا فإن العمل بروح الفريق يؤدي إلى التعود على الالتزام، فكل منا حين يعمل بمفرده فأحيانًا لا يلزم نفسه بالعمل على أكمل وجه ولا يلزم نفسه بمهام محددة أو أوقات محددة ينهي فيها ما عليه.
ولكن العمل بروح الفريق تساعد على الالتزام بما هو مطلوب منّا في الوقت المحدد لنا؛ وذلك لأن هناك شركاء في العمل يقومن بما عليهم ولا بد من الظهور بالمظهر الواجب في إنجاز ما يطلب منّا.
بالإضافة إلى أن هذا ينمي من إحساسنا بالمسؤولية تجاه نجاح أو فشل ما نقوم به كفريق.
وفي النهاية لا بد لنا أن نغرس مبدأ العمل بروح الفريق لدى أبنائنا منذ الصغر حتى يكبروا على هذا الأمر ويكبروا على حبهم للتعاضد فيما بينهم لبناء المجتمع والعمل على تطويره دون إفساح المجال لأنانية أو طمع.