يظن البعض أن التقنية الحديثة ليست سوى مجرد وسائل ترفيه لا أكثر، حين كان يعتقد في السابق أنها غزو فكري خطير، واضعا إياها ضمن قائمة الشرور التي يجب حجبها عن الناس منطلقا من شعوره بالخوف كردة الفعل الأولى تجاه الأشياء التي نجهلها عادة. إلا أن دوران عجلة السير فرض على المجتمعات المحافظة الاندماج رغما عنها مع أي جديد ترفضه حتى لو تظاهر البعض الآخر بعدم الحاجة إليه في ظل اعتياده على العيش من دونها، متمسكا بنمط الحياة البسيط خوفا من مواجهة التعقيد الذي تجلبه هذه الاختراعات التقنية التي تتطلب بذل مجهود لا يقدر عليه وسط العيش بالكسل لفهم كيفية عملها.
وإن كنت أميل في بداية ظهورها، حين لم نتعلم منها سوى طرق الاستغلال السلبي، لأن أقف في منطقة محايدة بين المؤيد بشدة والمقاطع بحدة، مؤسسا منطقة أبدو معها كالمحافظين تارة حين أكون متشككا ومرتابا خوفا من ضياع الثقافة أو الهوية، ومتحررا حين أتذكر إيماني بالفلسفة التجريبية للوصول لتكوين أحكامنا الخاصة تجاه الأشياء من حولنا، إلا أن التفكير في كون هذه المسألة يختص بها الجيل الجديد الذي ولد وهو يتعامل معها فهو من سيقرر كيفية ارتباطه بها، يعيدني لمنطقة الوسط رغم انتقادي للسلوكيات التي كانوا يمارسونها باستخدام الوسائل التقنية التي زادت من عزلتهم عن العيش بالواقع الحقيقي، وفصلتهم تدريجيا من خوض التجربة في تعلم الأشياء.
لكن سرعان ما يثبت هذا الجيل التقني في كل مرة أو تثبت «التقنية» أنها وسيلة جديدة من مهامها المباشرة خدمة الإنسان وليس غرضها الترفيه عنه فقط. وهي بحد ذاتها وسيلة ليس لها علاقة بزعزعة الهوية الثقافية أو طمسها لأنها تترك الحرية في خلق أي نتاج فكري، بغض النظر عن موافقتنا له، والتعبير عن آرائه بالشكل واللغة التي يكون معها صاحب الفكرة مقتدرا ولو كان ذلك بشكل متطرف! ما جعلنا مسلوبي الإرادة تجاه هذه المفاهيم الغريبة، وليس أمامنا سوى خيارين إما نقبل بها أو نرفضها فيتأخر الاندماج لوقت ونندمج رغما عنا!
بقلم: سعود البشر
لدينا أيضًا هنا بعض المقترحات من أجلك:
- فتقرأ هنا عن: تقنية الزراعة العمودية “الزراعة الرأسية”
- وكذلك؛ هذه: مستشعر الإشارات العصبية: كيف تعمل هذه التقنية وأهم استخداماتها
- وختامًا؛ مع: تقنية مختبر على رقاقة ومميزاتها