لا شك أن البطالة هي مرض يدب في جسد المجتمع تنتشر فيه وتضر به، وتواجه جميع المجتمعات والدول هذه الأزمة وتتأثر بها على تفاوت واختلاف درجتها بالنسبة لعدد سكانه. وتنتشر البطالة نتيجة ضعف الاقتصادات للدول وخاصة الدول النامية وعدم القدرة على توفير فرص عمل لمواطنيها وبالتالي يظل الكثيرون بدون عمل أو يلجأ كثيرون آخرون إلى ترك أعمالهم ووظائفهم للبحث عن وظائف أخرى بسبب ارتفاع الأسعار وتردي الاوضاع الاقتصادية، فيلجأ إلى هذا للوفاء باحتياجاته، ولكن مع قلة فرص العمل أيضًا لا يحصل على وظيفة مناسبة، فتزداد نسب البطالة في المجتمع ويزيد عدد العاطلون غير القادري على العمل، وتزداد تبعًا لهذا السلبيات في المجتمع.
ما هي البطالة؟
البطالة هي ظاهرة تعني عدم قدرة الفرد على إيجاد فرصة عمل يستطيع أن يلبي بها احتياجاته ويعيش بشكل قويم وطبيعي. والبطالة يمكن أن يتسبب فيها عدم قدرة الدولة على توفير فرص عمل تكفي لمواطنيها، وبالتالي يتخرج كثير من الطلاب من جامعاتهم أو مراحلهم التعليمية المختلفة ولا يستطيعون أن يجدوا فرصة عمل مناسبة لهم ويظل الكثير منهم دون عمل لفترات طويلة، إلى أن يضطر لأن يبحث عن فرص عمل بديلة حتى وإن لم تكن تناسب تخصصه الذي درسه طوال حياته. أو لا يجد عمل أو أن يعمل في أي مجال يجذبه في القطاع الخاص دون مقابل مادي مناسب لطبيعة العمل أو الدراسته أو حتى مقابل يعينه على الحياة بكرامة.
كما يمكن أن يتسبب التعسف في البطالة وليس قدرة الدولة على توفير فرص العمل؛ فجميعنا يرى الكثير من جهات العمل الخاص وهي تعمل على استنزاف طاقة الموظفين لديها بمقابل قليل لا يساوي طبيعة الوظيفة ولا يقدر المجهود الذي يبذله الموظفون. ومع هذا نجد أن كثير من شركات القطاع الخاص تقوم بتسريح موظفيها إما لتقليل النفقات أو للضغط عليهم للقبول بمرتبات أقل مما يتقاضونه، كما أن أغلب شركات القطاع الخاص تجبر الموظف على التوقيع على عقد عند تسلمه للوظيفهة لديها يحتوي على مدة محددة لانتهاء عقده مع الشركة وقد تكون قابلة للتجديد.
ولكن أغلب الشركات تقوم بتسريحهم للبحث عن موظفين جدد يبدأون عملهم مع الشركة بمرتبات أقل وهكذا. ومن هنا تنشأ البطالة ويظل الكثير من الرجال والنساء دون عمل يسارعون الخطى في البحث عن فرصة تضمهم وإن كانت بمرتبات زهيدة كي تعينهم على الحياة. والكثير منهم لا يُوفق في الحصول على فرصة عمل ويظل في بيته أو يرتاد المقاهي كحال كثيرين من شبابنا.
وتعمل البطالة على تهديد المجتمعات والدول والحكومات حيث ينتج عن البطالة الكثير والعديد من المشكلات الاجتماعية والمشكلات الأخلاقية التي تهدد المجتمع وتنتشر فيه. كما أنها تهدد تقدم المجتمعات أو نهضتها فلا تتقدم دولة قط وعلى كتفها عبء كبير من الشباب لا يجد عملًا، وعليها أن تقوم بحل مشكلاتهم وحل مشكلة العمل بالإضافة إلى توفير ما يمكنهم من العيش بكرامة دون اللجوء إلى طرق غير مشروعة تهدد أمن البلد أو تؤدي إلى انهيار أخلاقياتها.
النتائج المترتبة على البطالة
تؤدي البطالة إلى انتشار الجرائم كانتشار المخدرات وبيعها وتناولها بسبب الفراغ الذي يعاني منه الشباب إلى جانب الإحباط الذي يصيبهم. كما أن البطالة هي سبب مهم من أسباب انتشار الإرهاب فانشغال المواطن بعمله وشعوره بأنه يقوم بعمل ذي قيمة يجعله يشعر بقيمته وسط المجتمع سيمنعه من التفكير بأي طريقة سلبية أو أن يلجأ إلى أي طريق غير مشروعة للتعبير عن نفسه، وكذلك لن يعادي الدولة ولا الحكومات لأنها تعمل على توفير الحياة الكريمة له.
ومن هنا وجب على الجميع ألا يستسلم للظروف وأن يسعى ويكد من أجل الحصول على أفضل الفرص التي تعينه على الحياة وكذلك التحلي بالإيمان والصبر والأمل في سبيل ذلك. كما أنه من المهم جدًا ضرورة وعي المواطنين بأهمية عدم الزيادة في الإنجاب لأن زيادة أعداد السكان يمثل عبئًا على اقتصادات الدول بما يعوقها عن القيام بما عليها من مهام في سبيل توفير الحياة المثالية للمواطنين.
أما عن دور الدولة في القضاء على البطالة فيجب أن تقوم بما عليها في أن تنهض بقطاعات الأعمال العامة والحكومية أو التابعة لإشرافها للعمل على تقليص نسبة البطالة ومحاربتها من خلال زيادة فرص العمل بمرتبات تجعل المواطنين يكتفون بها في توفير حياة كريمة لهم ولعائلاتهم.
وعلى الدول ألا تتبع سياسات البذخ في مصروفاتها وأن تعمل على توفير نفقاتها إلى الحد الذي يمكنها من مساعدة الشباب العاطلين وغير القادرين على العمل. كما أنه يجب الاعتماد على العمالة المحلية في جميع الأعمال وتقليل نسبة الاعتماد على وافدين أجانب لأنهم يتقاضون مرتبات تفوق مرتبات المحليين أضعافًا كما أن هذا يؤدي إلى استبعاد المواطنين المحليين من وظائف عديدة. ولكن في سبيل هذا على البلاد أن ترتقي بالتعليم وتنهض به كي تقوم بتنشئة كوادر جديدة تستطيع أن تعمل في جميع المجالات بخبرات كبيرة.
كما أنه ولا بد من تنويع دراسة العديد من التخصصات التي تخدم جميع المِهن وألا يقتصر التعليم على تخصصات معينة كي ينشأ جيل من المتخصصين في جميع المجالات من الخريجين. وأن تعمل على تشجيع الاستثماء بتذليل العقبات أمام المستثمرين بما يسهم من زيادة الشركات وبالتالي زيادة فرص العمل.