اجعلوه درسًا للأطفال والكِبار معًا. لأن إماطة الأذى عن الطريق ليست مُجرد نُصح ووعظ، لكنه منهج وتربية وأخلاق. ليس فقط من شُعَب الإيمان، بل هو ثواب وفضل عظيم.
هنا مقال عن إماطة الأذى عن الطريق. هو موضوع حديثنا اليوم عن هذه الشُّعبة التي غَفل وتعالى عنها الكثير من الناس -إلا من رَحِم ربّي.
مقدمة
يدخل الإنسان الجنة بعمل نحتقره في عيوننا، لكنه عند الله عظيم. من موجبات الجنة إماطة الأذى عن الطريق. أمر عجيب أن أزيل شيء يؤذي المسلمين في طرقاتهم، فارفع شوكة أو غصنًا أو أبعد حاوية قِمامة، فيسبب ذلك دخولي للجنة! نعم والله.
تأمّل، الحبيب ﷺ يقول في الحديث الصحيح إنه رأى رجل يتقلَّبُ في الجنة، ينغمس في أنهارها، يتقلب في نعيمها، في شجرة قطعها من الطريق، كان غُصنها يؤذي الناس. كل من مرّ يَحِيدُ عنها، إلا هو، توقف، ثم قطع هذا الغصن الذي كان في وسط الطريق، فسهَّل على السائرين في الطريق طريقهم. فشكر الله له هذا العمل، فأدخله الجنة.
إماطة الأذى عن الطريق
كم غصن شوك، وكم غصن شجرة، وكم حاوية نفايات، وكم من حفرة، وكم من صخرة مررنا بها ولم نتوقَّف لإزالتها.
من موجبات الجنة أزاله هذا. بل في حديثٍ في رواية الحديث الأول، وهي صحيحة، أن رجلاً نزع من الطريق غُصن شوكٍ، لم يعمل خيرًا قط.
تأمّلت؟ أي أن هذا الذي رفع الغصن من الأرض لم يعمل خيرًا، أي ليس من أهل الخير. ما كفَل أيتامًا، وربما لم يقُم الليل، لم يوزع المصاحف، ما سقى الماء، ما أكثر الحج والعمرة وتابع بينهما. إنما قليلُ الخير، إنما يحملُ في همِّه نفع المسلمين، ودفع الأذى عنهم. فلما رأي غصن شوكٍ نزل إلى الغصن فرفعه، فشكر الله له، فأدخله الجنة.
يُجمِلُ الشيخ سعد العتيق في كلماته العذبة، فيقول: آهٍ لساعات رحلت من أعمارنا كان بإمكاننا أن دخل الجنة بعملٍ لا يُثقِلُ علينا.
شُعَبِ الإيمان
بل إنَّه من شُعَبِ الإيمان. ففي حديث إماطة الأذى عن الطريق عَنْ أبي هُريرةَ عنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «الإيمانُ بِضْعٌ وسَبْعونَ أو بِضْعٌ وسِتُّونَ شُعبةً: فأفضلُها قولُ لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وأدْناها إماطةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإيمانِ». حديثٌ متَّفقٌ عليه.
ولذلك، كان بعضُ السلف الصالح -عليهم رحمة الله- إذا أراد الواحد منهم أن يرفع الشوك عن الطريق، قال: لا إله إلا الله. فيقال له: ما علاقة إماطة الأذى من قولك لا إله إلا الله؟ قال: أريد أن أجمع بين أعلى شُعَبِ الإيمان وأدناه.
أبذل الخير
ولا تنسون أيضًا أنّ من موجبات الجنَّة ومن أسباب دخولها، إطعام وسقاية البهائم. أتذكُر ذاك الذي رأى كلبًا، والحديث الصحيح، يلهث من العطش، يأكل الثرى، فأخذ خُفّهُ فغرف له غَرفةً، فسقاهُ من الماء، فشكر الله له.
هذه الرحمة التي في قلبه أوجبت له الجنة. فكم من يومٍ مرّ بنا، ومواقف مرت بنا، كنا سندخل الجنة بعملٍ لا يكلفنا.
فشمِّروا يا أهل الجنة إلى الجنة، ولا تحقروا من المعروف شيئًا. أبذل الخير لعل ذلك هو الذي يقودك إلى أعالي الجنان.