لماذا تنتشر مفاهيم طبية خاطئة عن النظر وأمراض العيون؟
قال “د. وليد الطويرقي” استشاري طب وجراحة العيون. توجد المفاهيم الطبية الخاطئة في أمراض العيون وفي كل تخصص طبي وفي كل مجتمعات الأرض، بل ويزداد الأمر صعوبة إذا وُجِد أساس علمي بسيط يُبنى عليه هذا الوهم. والأمثلة على ذلك كثيرة وفاحشة الإنتشار، فإذا أردنا الأمثلة سنجدها في كافة التخصصات، شائع مثلًا أن شرب العسل يشفي مريض السكري. وإذا انحصر الكلام عن تخصص طب وجراحة العيون، نجد الكثير من المفاهيم المغلوطة التي اختلط فيها شيء من الأسس العلمية مع كثير من الوهم والمبالغات، وهي ليست في مجملها ذات سند طبي معتمد.
هل يصح مفهوم (إنحراف وحَوَلْ العين يختفي مع التقدم في العمر)؟
وتابع “د. الطويرقي” هذا أحد المفاهيم التي كانت شائعة بين الناس، وهو إذا أصيب الطفل بحَوَل في العينين لزم الإنتظار حتى يَبْلُغ. ويستند هذا المفهوم الخاطيء إلى جزء من أساس طبي هو إصابة العديد من المواليد بالحَوَل الكاذب، حيث يتسبب كِبر المنطقة بين العينين وصغر حجم الوجه إلى إعطاء إنطباع كاذب بإصابة الطفل بالحَوَل وإنحراف العينين.
أما الحَوَل الحقيقي والذي يتحقق بإنحراف العين إلى الداخل أو إلى الخارج لا يجب ولا يُستحب الإنتظار عليه حتى يبلُغ الطفل، خاصةً مع وجود فارق جوهري بين عين الطفل وعين الكبير، وهو أن عين الطفل في السبع سنوات الأولى إذا ما تلقت الصورة واضحة ووقعت على مركز الشبكية ستصاب العين بالكسل، وقد نضطر أحيانًا إلى تغطية العين السليمة المستقيمة لتنشيط العين المنحرفة حتى لا تضعُف. وعليه مفهوم الإنتظار حتى البلوغ خاطيء تمامًا ويؤدي إلى مضاعفات أكبر.
ما أنواع حَوَل العين؟
• حَوَل إنسي إلى الداخل.
• حَوَل وحشي إلى الخارج.
• حَوَل إنكساري، يُعالج بالنظارات الطبية.
• حَوَل ناتج عن ضعف العضلات، ويُعالج بالجراحة.
كيف تتمكن الأم من تحديد إصابة طفلها بالحَوَل من عدمه؟
عليها ملاحظة وجود إنحراف جهة الأنف أو جهة الأذن لسواد العين عندما تنظر لطفلها وجهًا لوجه وليس من زاوية من الزوايا.
عليها ملاحظة إستمرارية إنحراف سواد العين (إن وجد) أم أنه يحدث بشكل متقطع، بل وأحيانًا يبدأ الإنحراف متقطع ثم يستمر ويستديم.
وعامةً الحَوَل وإنحراف العين عند الأطفال عبارة عن نوعين إثنين، الأول يصيب الطفل في السنة الأولى من عمره، وغالبًا ما يكون الحَوَل الكاذب. والثاني وهو الأخطر يصيب الطفل في السنة الثالثة من عمره.
هل يصح مفهوم (إرتداء النظارات والعدسات اللاصقة يُضعف النظر في) في أمراض العيون؟
أوضح “د. الطويرقي” هذا أيضًا من المفاهيم الخاطئة الشائعة بين الناس، بل ويتشعب هذا المفهوم الخاطيء إلى مفهومين خاطئين أيضًا هما:
عدم لبس النظارات أو العدسات طوال الوقت سيؤدي إلى ضعف النظر، بل قد يؤدي الأمر إلى إلحاح المحيطين بالمريض لإرتداء النظارة أو العدسات طوال اليوم وعدم إزالتها نهائيًا إلا عند النوم. والصحيح أن الفرد يرتدي النظارة أو العدسات اللاصقة حين يحتاج إلى القدرة البصرية الكاملة كأثناء القيادة أو داخل قاعات المحاضرات لرؤية السبورة أو عند مشاهدة شاشات عرض وأجهزة تلفاز وما شابه أو القراءة، أما في أوقات الإسترخاء وعدم الحاجة فلا يضر ترك النظارة أو العدسات.
فففي أمراض العيون لبس النظارات أو العدسات طوال الوقت سيؤدي إلى ضعف النظر، وتسمع تحت هذا البند الكثير والكثير من القصص والحكايات لأولئك الذي ارتدوا النظارات وأُصيبوا بضعف نظرهم، وهذا غير صحيح كليًا. والصحيح أن الإنسان عندما تعود على المنظر والصورة الصافية عند النظر من وراء نظارته الطبية صار ناسيًا للصورة الضبابية التي كان يرى بها الأشياء من حوله قديمًا قبل إستشارة الطبيب وإرتداء نظارة طبية أو عدسات لاصقة.
وللعلم إذا توقف مقاس النظر أثناء مرحلة النمو، لن يُوقفه أو يُخفض من درجاته إرتداء النظارات والعدسات أو عدم إرتدائهما.
هل يصح مفهوم (كثرة القراءة تُضعف النظر)؟
أردف “د. الطويرقي” العين مثل كاميرا التصوير، عند فتح الجفن بدأت الكاميرا في العمل والتصوير، سواء كان هذا العمل التصويري لكتاب أو منظر طبيعي. ألم العين ينتج فقط من كثرة الإجهاد والإرهاق لها. لكن ليس صحيحًا أن كثرة القراءة تؤدي إلى تلف في العين وفقدان البصر.
ولا يمنع هذا من ضرورة إتباع الإشتراطات الصحية لتخفيف إجهاد وإرهاق العين، فيُستحسن القراءة في إضاءة جيدة، ومن نوعية ورق جيدة، وبوضعية جلوس مستقيمة. كذلك الذين يقرأون من الشاشات يُفضل لهم أخذ استراحة كل ساعة وتحويل بصرهم عن الشاشة ثم العودة مرة أخرى، فكل هذه من الممارسات التي تُخفف إجهاد العين.
طرق الوقاية من أمراض العيون
الوقاية من أمراض العيون موضوع طويل جدًا ومُتشابك، ولكن يمكن أن نختصر مجموعة من انصائح والإرشادات الهامة مثل:
بلوغ الإنسان سن الأربعين يحتاج معه إلى قياس ضغط العين كل عامين على الأكثر، للتأكد من خلو العين من الماء الأزرق حيث أنها السبب الثاني لفقدان البصر عند البالغين، وهو فحص بسيط يطمئن معه الإنسان على عصب العين وضغطها.
المصابون بمرض السكري – ويُعد مرض السكري السبب الأول لفقدان البصر عند البالغين – يجب عليه إجراء فحص دوري للعين. وإن كانت هزيمة مرض السكري منذ اليوم الأول للإصابة به أهم وأكثر فائدة، والشفاء من مرض السكري أكثر أسباب الوقاية من كل المضاعفات ومنها مضاعفات النظر وأمراض العيون.