ما هو تعريف الزراعة الفورية للأسنان؟
أجابنا الدكتور “طارق أبو صالح” استشاري جراحة اللثة وزراعة الأسنان قائلًا: في العامين الأخيرين حدث إلتباس لمفهوم الزراعة الفورية بين الأطباء والمرضى، ويرجع هذا الإلتباس إلى الإختلاف الواضح بين مفهوم الزراعة الفورية الذي يتم تسويقه تجاريًا ومفهوم الزراعة الفورية في البروتوكول العلمي المعروف عالميًا.
فتجاريًا يُسوق إلى تقنية زراعة فورية يتم فيها تركيب عدد كبير من مسامير طويلة ومصقولة وملساء داخل الفك، وتدعي هذه التقنية إلى عدم الحاجة لوجود عظام بالفكين، وبالتالي يصلح إستخدام هذه التقنية مع مصابي هشاشة العظام أو الضغط أو السكري وكذلك مع المدخنين، ويمكن إتمام هذه التركيبات الصناعية كلها خلال ثلاثة أيام فقط، ويُقال في هذا الترويج التجاري بأن نعومة سطح المسامير تؤدي إلى تفادي الإصابة بالإلتهابات البكتيرية في اللثة مستقبلًا، ويُقال أيضًا أن إلتحام المسامير الطويلة يكون بالعظم الصلب من الفك وليس العظم القريب من أعلى الفك، فهذا هو المفهوم التجاري للزراعة الفورية والذي يتم تسويقه منذ ثلاث سنوات بين المرضى.
أما في البروتوكول العلمي لزراعة الأسنان الفورية تكون فيه الزرعات على شكل بُرغي، وبدأ إستخدامه مصقولًا ناعمًا في ستينات القرن العشرين، ثم بالبحث والتطوير أصبح يُستخدم بدرجات من الخشونة، مع تطوير مُسننات البُرغي وشكل إستدارته بحيث تتصل مع عظام قاع الفك جيدًا، كما إمتد التطوير للتمكين من وضع البُرغي داخل الفك وتركيب السِن الصناعي عليه بعد خلع السِن الطبيعي مباشرة.
وأضاف “د. طارق”: في التقنية العلمية الصحيحة للزراعة الفورية يخرج المريض بأسنان جديدة في نفس الجلسة العلاجية التي تم فيها خلع الأسنان الطبيعية، فهي زراعة فورية حقيقة وليس تحميل فوري كما يحدث في التقنيات التجارية التي ينتظر فيها المريض لفترة ثلاثة شهور حتى يتعافى مكان خلع السِن الطبيعي ثم تُفتح اللثة لوضع المسمار المصقول بداخلها ثم تحميل السِن الصناعي عليه بعد يومين.
وبذلك يتضح الفارق في المفهوم وطريقة التنفيذ بين الزراعة الفورية التجارية والزراعة الفورية العلمية، فالزرعات تختلف من حيث الخشونة والنعومة، وحتى مع الزرعات المصقولة الملساء فهي معروفة منذ الستينات وليست تقنية جديدة كما يدعون، بل على العكس ما حدث من تطوير للزرعات هو بإدخال درجات من الخشونة عليها ومعالجة سطحها بالشكل العريض (الماكرو) وإلغاء الشكل الدقيق (الميكرو). وكذلك تختلف التقنيات من حيث درجة إلتحام الزرعة بعظام الفك رغم إدعاء وصول المسامير في التقنيات التجارية إلى قاع الفك وهو ما لا يحدث، وأيضًا تختلف التقنيات من حيث الإدعاء بصلاحية الأسلوب التجاري لكل الحالات المرضية من الأمراض المزمنة وهو ما يتناقض مع كل بروتوكول علمي وطبي، فكلها من الإدعاءات الغير مثبتة علميًا بالبحث الدقيق والمتخصص.
وتابع “د. أبو صالح” بقوله: المريض بطبيعة الحالة لا يُدقق في كل هذه التفاصيل العلمية الدقيقة، ولكنه ينجذب إلى التقنية التجارية التي تُبسط له الأمور وتدعي بصلاحيتها لكل الحالات المرضية من سكري وضغط وهشاشة … إلى آخره من الأمراض المزمنة، وكذلك تجذبه التقنية التجارية بسرعة تنفيذ الزراعة في معدل لا يتجاوز الثلاثة أيام.
لكن البروتوكول العلمي ينفر منه المريض لأنه يفرض عليه مجموعة من الإشتراطات الصحية مثل السيطرة على السكري أو ضغط الدم قبل البدء في الزراعة أو تقليل التدخين للحصول على نتائج أفضل، ولكن من الناحية الصحية يجب على المريض إعمال عقله بصورة أكبر مع هذه الدعايات التجارية، فالطبيعي أن كل إجراء جراحي صغيرًا أو كبيرًا له مخاطره الصحية، وبالتالي يستوجب مجموعة من الإشتراطات والإحترازات قبل الشروع في تنفيذه، لكن أن تدعي جهة ما قدرتها على تنفيذ إجراء جراحي بدون النظر في العوامل والإحترازات والشروط الصحية الواجب توافرها فهذا من باب الغبن ومن قبيل الجشع للربح المادي وفقط.
وأكد “د. صالح” على أن الزراعة الفورية للأسنان بالطريقة الطبية العلمية التي تم تمحيصها بالأبحاث والدراسات تنظر لا محالة في ثلاثة إشتراطات صحية هي:
• وجود عظم في فك المريض على عكس ما يُسوق.
• مدى ثبات الزرعات في الفك وعدم تحركها.
• حجم الضغط الواقع على الأسنان الصناعية المُركبة في الفم.
وهذه الشروط لا تعتمدها التقنيات التجارية في حين أن التقنيات العلمية تستخدم أجهزة خاصة لقياس كل عنصر من العناصر المذكورة. وكذلك في التقنية العلمية للزراعة تعتمد كل خطوة علاجية على التي تسبقها وأي فشل في خطوة من خطوات الزراعة تتوقف عندها عملية الزرع لحين النجاح، وهذا كله عنايةً بصحة المريض وتجنبًا لظهور المضاعفات الصحية الفموية في المستقبل.
ما هي الخطوات العلاجية للزراعة الفورية بالتقنيات المثبتة علميًا؟
أشار “د. طارق أبو صالح” إلى أن خطوات تنفيذ الزراعة الفورية هي كالتالي:
• بعد خلع السِن الطبيعي يتم تقييم المكان جيدًا.
• وضع الزرعات (البُرغي) داخل فتحة السِن، ثم قياس قوة ثباتها بواسطة جهاز خاص بذلك.
• تركيب الدعامة على الزرعة، ثم قياس مدى الإتصال بينهما بجهاز خاص بذلك.
• تركيب الأسنان الصناعية على الدُعامة، وعادةً ما تُركب أسنان مؤقتة أولًا ثم تُسحب وتُركب الأسنان الدائمة.
وفي هذا البروتوكول العلمي يخرج المريض من العيادة بأسنان مؤقتة لممارسة حياته الطبيعية، ثم يعود بعد ثلاثة شهور تقريبًا لسحب الأسنان المؤقتة وتركيب الأسنان الدائمة. والزراعة بهذه الطريقة يمكن من خلالها تنفيذ سِن واحد ويمكن تنفيذها لفك كامل.