لا يعتبر الخرف مرضاً من الأمراض، ولكنه مصطلح يصف مجموعة من الأعراض المؤثرة بشدة على الذاكرة، والتفكير، والقدرات الاجتماعية لدرجة تكفي للتدخل في الوظائف اليومية والتشويش عليها. وفي هذا المقال سوف نتعرض أكثر للخرف، وأعراضه، وأسبابه أيضاً.
ما هو الخرف
يقول الدكتور “يوسف هاشم” الأخصائي في أمراض الدماغ والجهاز العصبي: أن الخرف يمكن أن يتم تلخيصه في فقدان القدرات المعرفية، فالدماغ هو المسؤول عن إدارة الحياة من خلال التفكير، والذاكرة، واتخاذ القرارات، ذلك بالإضافة إلى المهارات اليدوية، وغيرها من آلاف العمليات الحيوية التي يقوم بها الدماغ بشكل يومي.
وأهم الأعراض المرتبطة بالخرف هو فقدان الذاكرة الحديثة خاصة، فيفقد الشخص بعض مهارات اللغة، والتوجه، والقدرات اليدوية والتي تعتبر مهارات مكتسبة بالدرجة الأولي، وتكون تلك الأعراض بسيطة في أول الأمر ومن ثم تبدأ في الظهور بوضوح.
ولحسن الحظ، فإن أكثر الأعمار عرضة للخرف من هم فوق الستين عاماً، ولكن هذا لا ينفي وجود حالات قد تم تسجيلها بين الأعمار ٣٠-٣٥ عاماً أيضاً خاصة الوراثي منه، ذلك بالإضافة إلى الأمراض أو الإصابات التي قد تصيب الدماغ وبالتالي تؤدي إلى الخرف، مثل الجلطات الدماغية والتي لا ترتبط في أغلب الأحيان بعمر معين، وأيضاً الصدمات أو الحوادث التي قد تسبب ضرراً للفص الأمامي من الدماغ وتسبب نزيف مثلاً، فإنها أيضاً تؤثر على الوظائف الدماغية عند الإنسان وبالتالي تؤدي إلى الخرف، وكذلك مرض الباركنسون وغيرها من الأمراض التي قد تؤدي إلى الخرف.
اقرأ ذو علاقة: علاقة الأغذية بالخرف عند الكبار
أما عن العوامل الوراثية، فقد تكون مهيأة للمرض أكثر من كونها مسببة، فتزيد من نسبة حدوث الخرف خاصة في حالات وجود أمراض مثل السكري، والضغط، وبعض العادات السيئة كالإفراط في تناول المشروبات الكحولية والتدخين، وكذلك قلة ممارسة الرياضة أيضاً قد يسبب الخرف.
الخرف .. ألزهايمر
والصورة الأكثر شيوعاً للخرف، هو مرض ألزهايمر، والذي يوجد بنسبة ٦٠-٧٠٪، والذي لم يتم تحديد سببه بشكل واضح من خلال الدراسات، والذي قد يورث، لذلك فالشخص الذي يوجد في عائلته شخص مصاباً بالالزهايمر، فإنه من الذكاء أن يقوم بتوظيف تفكيره وذاكرته بشكل كبير، وأن يمارس الرياضة وأن يخفف من احتمال الإصابة بأي طريقة كانت.
وقد أثبتت الدراسات أنه في أمريكا مثلاً أن ١٠٪ ممن أعمارهم فوق الستين عاماً مصابون بالالزهايمر، وحوالي ٥٠٪ ممن أعمارهم فوق الـ ٨٥ عاماً مصابون بالالزهايمر أيضاً، وذلك باختلاف درجاته؛ حيث أن الالزهايمر له أربع مستويات: تبدأ بأعراض خفيفة، وقد تصل إلى الاحتياج الدائم للأهل لممارسة الوظائف اليومية المعتادة.
ومن الجدير بالذكر أنه حتى الآن لا يوجد علاجاً شافياً للالزهايمر، ولكن حتى العلاجات المتاحة تعمل فقط على تخفيف الأعراض أو تقليل حدتها، لذلك فإن الوقاية هنا أهم بكثير؛ ويرجع ذلك إلى أن الجهاز العصبي لا تتجدد خلاياه، ولا تتكاثر خاصة بعد سن الثلاثين، بل أن الإنسان الطبيعي يفقد حوالي ١٠٠٠٠٠ خلية بشكل يومي بعد الثلاثين، ومن المؤسف أن أمراض الضغط والسكري وتناول الكحوليات، والسمنة المفرطة، وقلة القراءة تزيد من نسبة حدوث موت الخلايا العصبية.
وأخيراً، فإن النسيان الذي يمر به عدد كبير من الأشخاص باختلاف أعمارهم لا يعتبر مرضياً، ولكن أي مشكلة في الذاكرة قد تؤثر على استقلالية الإنسان وقيامه بوظائفه اليومية هنا يمكن اعتبارها مشكلة حقيقية.