بشكل مؤسف فإن هناك تزايد عالمي فيما يخص مشكلة العقم بسبب وجود تناقص شديد في الحيوانات المنوية عند الرجال بشكل مستمر حيث متوسط أعداد الحيوانات المنوية كان يصل إلى حوالي 100 مليون ملم في السبعينات لكن الآن صار المعدل 47 مليون فقط وهو ما يظهر المشكلة بشكل جلي أمام العالم أجمع ليجعلها المشكلة الكبرى التي تستدعي سرعة التدخل لزيادة أعداد العنصر البشري عالمياً في الفترات القادمة.
ما هو مفهوم العقم طبياً؟
ذكر الدكتور طارق أرتيمة ” أخصائي أول جراحة نساء وتوليد وعقم في الخدمات الطبية الملكية ” أن العقم هو عدم القدرة على الإنجاب في خلال سنة واحدة من الزواج على الأقل ولكن بوجود شرطين أساسيين هما وجود علاقة زوجية منتظمة إضافة إلى عدم وجود موانع للحمل في تلك الفترة، لذلك فإن الزوجين خلال أول سنة من الزواج وإن لم يكن هنالك سبب واضح لهما للعقم فإنه يُنصح لهما إذا كانت عمر الزوجة أقل من 35 عام أن يقوما بالبدء ببدء إجراء الفحوصات بعد 6 أشهر على الأقل من الزواج لأن الفحوصات المبكرة للإنجاب تتسبب في الضغط النفسي والمادي للزوجين وهو ما يؤثر على الحالة العلاقة الزوجية بشكل عام.
يجدر الإشارة إلى أن 90% من حالات الحمل تحدث في أول سنة من الزواج بينما يحدث الحمل ل 50% من الزوجين بعد 6 أشهر تقريباً، لذلك فإنه في حالة عدم حمل الزوجة في أول شهر أو شهرين من الزواج لا يُعد هذا الأمر خطئاً على الإطلاق ولا يستدعي سرعة التوجه إلى الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة – بناءً على رؤية الطبيب.
ما هو سبب العقم الرجل أم المرأة؟
كان المفهوم الخاطئ قديماً أن المرأة هي سبب العقم لأنه تقريباً تتساوى نسبة العقم عند الرجل والمرأة على حد سواء وهناك من 15 إلى 20% من حالات العقم غير معروفة السبب.
أضاف ” أرتيمة “: يُعد شرطاً أساسياً لعلاج العقم هو تواجد الزوج والزوجة معاً لعلاج المشكلة سوياً لأنها تخص كليهما ولا تخص طرف واحد فقط وحتى يُسألا عن أي شيء يخص الحياة الزوجية والجنسية كما يجدر الإشارة إلى أن آلية الانتصاب تختلف كلياً عن آلية صنع الحيوانات المنوية داخل الخصية ومن ثم لا تعكس إقامة علاقة جنسية قوية مدى إمكانية حدوث الحمل والعكس صحيح بأن ضعف الانتصاب كذلك لا يعطينا مرآة بأن هذا الزوج غير قادر على الإنجاب.
ما هي أهمية فحص الإنجاب قبل الزواج؟
يُعد الذهاب إلى الطبيب المختص لفحص إمكانية الإنجاب من عدمه من كلا الزوجين أمر جدلي ونقاشي بنسبة كبيرة.
إذا كان هدف الزواج الأساسي هو الاستقرار وتكوين العائلة فمن حق كل طرف من طرفي الزواج أن يعرف ما إذا كان هنالك مشكلة أو اضطرابات تمنع الحمل من خلال فحص الحيوان المنوي للرجل أو فحص كفاءة المبيض عند المرأة، لكن هناك رأي آخر يرى أن هذه الفحوصات المسبقة قد تؤدي إلى حدوث مشاكل وضغوطات نفسية قبل الزواج قد تمنع فيما بعد مسألة الإنجاب خاصة وأن هناك بعض حالات العقم قد يكون لها علاج الآن مع التطور الطبي الذي نشهده في هذه الآونة كما يجدر الإشارة أيضاً إلى أن فحص الحيوانات المنوية ليس لها أي قيمة إذا لم تكن هنالك علاقة واضحة تقيس فعاليته، لذلك يمكننا أخذ رأي الطبيب قبل إجراء هذه الفحوصات المسبقة للتأكد من إمكانية الإنجاب بعد الزواج.
أما عن دور الحيوانات الأليفة وعلاقتها بالعقم فيمكننا القول بأن هذا المعتقد خاطئ ولا يمكن أن تؤدي الحيوانات المنزلية الأليفة إلى العقم.
ماذا عن العلاجات الشعبية للعقم؟
نحن الآن في عام 2019 وسوف تهل علينا سنة 2020 ونرى أن الأردن في هذه السنة تعتبر رائدة عربياً في مجال علاج حالات العقم عند الزوجين.
يجدر الإشارة إلى أن الاعتماد على العلاج الشعبي يؤخر العلاج ويؤخر العلاج البسيط للعلاج إذا كان هنالك مشكلة بسيطة مع مراعاة أن بعض العلاجات الشعبية قد تكون سامة وضارة بصحة الزوجين، لذلك يجب على الزوجين الاعتماد على الأدوية الأكثر أماناً والمثبتة طبياً بعد أخذ استشارة طبية من الطبيب المختص.
أضاف ” أرتيمة “: أما فيما يخص الخلايا الجذعية ودورها في علاج العقم عند السيدات تحديداً فيمكننا القول أننا الآن مازلنا في طور البحث عن طريق الدراسات الطبية التي لم تثبت حتى الآن فعالية الخلايا الجذعية في علاج العقم ولكننا نأمل في المستقبل القريب أو البعيد أن تلقي الخلايا الجذعية ضوئها في علاج وحل مشاكل بعض حالات العقم التي لم نصل إلى علاجها بعد.
ما هي بعض أساطير الناس عن العقم؟
من الخرافات المنتشرة بكثرة بين الناس فيما يخص مسألة العقم هو أننا بعد عملية الإرجاع نعطي المريضة فحص الحمل لتأتي إلينا بعد أسبوعين ثم تأتي إلينا بعد أسبوعين بالفعل ولكنها قد نامت على ظهرها طيلة هذه الفترة بناءً على نصائح من الأهل سواء من الأم أو من أم الزوج وذلك للاعتقاد الخاطئ أنه كلما نامت المرأة لوقت أطول على ظهرها كلما سهل ذلك من زيادة فرص الحمل وزيادة انغراس الجنين في باطن الرحم وإنما على العكس يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة نسبة التجلطات.
من المعتقدات الخاطئة كذلك فيما يخص العقم أن أدوية أطفال الأنابيب لها علاقة بزيادة نسبة تشوه الأجنة وهو ما لم يتم إثباته بأي دراسة علمية طبية وإنما بالعكس فهي أدوية آمنة.
هناك من يعتقدون خطئاً كذلك أنه كلما زادت نسبة الأجنة التي تُزرع في رحم المرأة كلما زادت نسبة الحمل وهو ما يعتبر خطأ كبير حيث يوصى فقط بزرع جنين واحد أو اثنين في رحم الأم لأننا نتطلع إلى حمل آمن في رحم الأم دون حدوث مضاعفات.
ما هو دور الدوالي في العقم؟
لا يمكننا القول بأن الدوالي لها دور في العقم ولم يُثبت بشكل قطعي أن الدوالي تتسبب في ضعف الحيوانات المنوية عند الرجال ولا يمكننا الحكم بأن كل دوالي خصية تحتاج لعملية جراحية وليس كل دوالي خصية تتسبب في العقم.
أما عن تضيق عنق الرحم فيمكن أن يكون من تشوهات عنق الرحم أو في الرحم نفسه إذا كان هناك حاجز، وهنا يمكن علاج تلك المشكلة عن طريق عمليات تنظير الرحم بواسطة التدخل الجراحي مما يؤدي إلى قص حاجز الرحم حتى تزيد نسبة نجاح العملية.
على الجانب الآخر، من الضروري الإشارة إلى أن الحياة الصحية للرجل والمرأة تُعد هي أساس الإنجاب من حيث الوزن المثالي وتناول الأكل الصحي والابتعاد عن التدخين مع ضرورة ممارسة الرياضة.
يجدر الإشارة إلى أن تصنيع الحيوانات المنوية يأخذ حوالي 3 أشهر ومن ثم فإننا حين نتوقف عن التدخين مثلاً فلا يُتوقع أن ننتظر نتيجة هذا التوقف على صحة الرجل الجنسية والحيوانات المنوية إلا بعد 3 أشهر على الأقل.
ما هو تأثير أدوية تنظيم الدورة الشهرية على العقم؟
لا يوجد علاقة بين أدوية تنظيم الدورة الشهرية بالعقم بالإضافة إلى استعمال أدوية منع الحمل لفترة قصيرة وإنما على النقيض فإن أدوية تنظيم الدورة الشهرية تساعدنا على تنظيم الإباضة عند المرأة.
أما عن انعدام الحيوانات المنوية فيرى الدكتور ” يمان التل ” أن له عدة أسباب منها انسداد الأنابيب المنوية فيمكن إيجاد الحيوانات المنوية عن طريق تشريح الخصية ميكروسكوبياً وأخذ بعض العينات ولكن إذا كان سبب انسداد هو ضعف هرمونات الغدة النخامية فمكن الممكن تحفيز الخصية على الإنتاج عن طريق بعض الأدوية المحفزة على الإنتاج وفي حالة وجود مشكلة مزمنة في الخصية فيمكننا حينئذ الدخول في فحص الميكروسكوب للخصية ويكون العلاج صعباً في مثل هذه الحالات.
في حالة وجود تشوهات في الحيوانات المنوية فيمكننا القول منظمة الصحة العالمية اعتمدت أن 4 أشكال من الحيوانات المنوية هي كافية لاعتبار فحص الحيوانات المنوية طبيعية ولا يجب السير وراء علاجات ليس لها داعي لتشوهات الحيوانات المنوية.
وأخيراً، هناك الأمل المستقبلي في علاج الخلايا الجذعية للعقم كما أن هناك دراسات قائمة على بطانة الرحم وأخرى على مستقبلات الأجنة الموجودة في الرحم لتسهل علينا فرص الحمل.