تقيم كثير من الجهات الدعوية أو الاجتماعية أنشطة دعوية وتوعوية في الأسواق التجارية، ويشهد هذا التجمع في كثير من الأحيان إقبالا واسعا من الجمهور، وعادة ما يفوق التوقع، خاصة في ناحية الإقبال النسائي، وفي العادة يكون نصيب الأسد من الجمهور للدعاة، حيث يحظى بعض المشائخ المعروفين بمتابعة جيدة.
هذا الحضور والإقبال على تلك المحاضرات يفسره البعض بأنه تفوق للدعاة على سواهم، ويصل الأمر إلى اعتباره تصويتا شعبيا يؤكد أن أغلبية المجتمع هي في إطار هذا الاتجاه أو ذاك، لكن في المقابل هناك ملاحظات، خاصة أن الموضوع عادة ما يوظف في سياق أبعد، فالحشود التي يتم الحديث عن اكتظاظ المكان بها لا تتجاوز بضعة آلاف، ثم إن الأماكن التي تقام فيها هذه المحاضرات أو الأمسيات هي أسواق تجارية، وتقريبا تحظى بعدد زوار يوميا يقارب حضور المحاضرة، ثم إن حضور المرأة الكثيف يشير إلى غياب الرجل، وهو غياب يشكك في قناعة من قال بتصدر بعض المشائخ شعبيا، على اعتبار أن أكثرية الناس لا تفد إلى المجمعات التجارية لمشاهدة الشيخ أو الاستماع له.
هذا الإقبال على بعض الدعاة يعده بعض أنصارهم بأنه نجاح ساحق، ومجرد التشكيك فيه يعدونه محاولة للتشويش، فيما الواقع يشير إلى أن هناك شخصيات قد تكون فنية أو رياضية لها حضور أكبر، وجمهورها أكبر من جمهور الداعية، لكن مسألة التأثير تحتاج إلى دراسة معمقة، فهناك من يحب هذه الشخصية سواء كان داعية أو فنانا أو رياضيا، لكنه غير مستعد لتقليدها، أو السير في ركبها الفكري، ووجود بعض الأشخاص الذين يقلدون ليس دليلا على أن الجمهور كله مقلد، وقد يكون من المخيب لهذا الشعبي أيا يكن مجاله أن هذا الحضور الكبير أو القليل جاء للتسلية والترفيه وليس للفائدة كما يظن.
بقلم: منيف الصفوقي