مضاعفات وهمية للعادة السرية

مضاعفات وهمية للعادة السرية

تقول السائِلة: أنا فتاة عمري 21 سنة، لدي مشكلة وأريد استشارتكم فيها، ولكن اعذروني على الجرأة، أنا أعاني من عدم انتظام في الدورة الشهرية، حتى إني لا أعاني كثيرا من آلامها، وأعاني كذلك من زيادة في الشعر غير المرغوب فيه في الجسم، ومن تساقط شديد في الشعر، وشحوب بالبشرة، وأعاني من نحافة شديدة (طولي 163 ووزني 38).

وألاحظ أن قدرتي على الاستيعاب والفهم والتذكر أصبحت ضعيفة، بالإضافة إلى أنني فقدت رونقي وجاذبيتي التي كنت أتمتع بها، كل ذلك اكتشفته نتيجة ممارسة العادة السرية بشكل إدماني لمدة سنتين ونصف.

هكذا أخبرتني الطبيبة النسائية، حيث قالت لي بأن ذلك يؤدي إلى زيادة إفراز الهرمون الذكري بالجسم مما يؤدي إلى فقدان الرونق والحيوية وزيادة شعر الجسم، وأيضا يؤدي إلى النسيان. بالإضافة إلى أنها أخبرتني بأن هذا سوف يؤثر على الحياة الجنسية بعد الزواج فسيصبح هناك جفاف وهذا يؤدي إلى الألم أثناء الجماع، وأيضا سوف يؤثر على الحمل والولادة.

وأخبرتني بأن الحل هو التوقف عن ممارسة العادة السرية، علماً بأني لم أجر أي فحوصات أو تحاليل. كل ذلك حدث عن طريق استشارة بالهاتف، فهل هذا صحيح؟ هل يوجد علاج؟ هل فعلا يؤدي إلى الجفاف أثناء الجماع؟ ألا نستطيع إصلاح الأمر؟.

وشكرا جزيلاً.

الإجـابة

يقول د. محمد نورالدين عبد السلام -أخصائي أمراض النساء والتوليد-: عزيزتي، أرجو منك في البداية أن تهدئي من روعك حيث شعرت من رسالتك كأنك على وشك الانهيار، ولقد ذكرتني رسالتك هذه بقول الشافعي: “عرفت الشر لا للشر لكن لتفاديه ومن لم يعرف الشر أحرى أن يقع فيه”.

فالمشكلة هنا أن كثيرًا من الفتيات تنقصهن الثقافة الجنسية التي توفر لهن حماية أنفسهن من الوقوع في الزلل. وهي ثقافة مهمة؛ لأنها تعرفهن الخير والشر والصواب والخطأ فمعرفة الشر وعواقبه تجعلنا نتفاداه.

وما أريد أن أعرفك به أولاً هو أن الأعراض التي ذكرتها لا علاقة لها بممارسة العادة السرية من قريب أو بعيد، وأعتقد من خلال الأعراض التي ذكرتها أنك تعانين من تكيس بالمبيضين مما يؤدي إلى ظهور ذلك الشعر غير الطبيعي واضطراب الدورة، وعليك مراجعة إخصائية أمراض النساء، فهي حالة معروفة لدى كثير من الفتيات والمتزوجات على حد سواء ولها علاج إن شاء الله ﷻ.

ويمكنك مراجعة الرابط التالي لمزيد من الفائدة حول تكيس المبايض: تكيس المبايض.. استشارات صحية

أما العادة السرية –محور سؤالك- فهي طبعا عادة مذمومة وسيئة ولكنها لا تؤدي إلى ما ذكرته من الجفاف أو زيادة الهرمون الذكرى أو النسيان أو فقدان الرونق أو أنها تؤثر على الحمل في المستقبل أو ظهور أعراض غريبة كزيادة الشعر غير الطبيعي أو اضطراب الدورة.

ولكنها عادة تلجأ إليها الفتيات بغية الحصول على نوع من الإثارة الجنسية، وأحيانًا للحد من الشعور بالتهيج الجنسي الناتج عن المثيرات الحسية المختلفة التي يتعرضن لها عمدًا أو عن غير قصد، وتكمن خطورتها في أنها نوع من التدريب على الإثارة الجنسية والممارسة الجنسية غير الطبيعية، وآثارها النفسية كثيرة خاصة مع التعود على هذه الطريقة في الحصول على اللذة.

فتلك العادة تجعل إحساس الفتاة بالمتعة متعلقا بما تمارسه من كونها تتخيل أحداثا من تأليفها هي وأوضاعا من خيالها هي، كما أن الإحساس بالإثارة والمتعة يصبح متعلقا لديها بالاحتكاك الخارجي، لذلك تظهر آثارها السلبية بعد الزواج حيث لن تجد الأحداث التي كانت تثيرها ولا الاحتكاك الخارجي لأن الممارسة الطبيعية مع الزوج تكون بإيلاج العضو الذكري داخل المهبل الذي يثير المرأة في الحالات الطبيعية.

فأخشى عزيزتي أن تتعودي على طريقة إثارة معينة لا تجدينها في المستقبل مما يؤثر على استمتاعك بالحياة الزوجية الطبيعية.

لذا فإن كل ما ذكرته من تأثيرات سابقة لا أساس له من الصحة، وأبشرك بأنك إذا قاطعت تلك الممارسة فسيعود جهازك العصبي إلى طبيعته وينتهي تأثير تلك العادة إن شاء الله ﷻ.

ولتسكين الشهوة هناك طرق كثيرة أفضل بالتأكيد من تلبيتها بشكل غير طبيعي كما يحدث في العادة السرية، ومن طرق تسكين الشهوة صرف الذهن عن الاستغراق في التفكير في الممارسة الجنسية، وعندما يحدث مثل هذا التفكير ـ بصورة عفوية ـ ينبغي أن يتم توجيهه إلى ضرورة إشباعه بالحلال مع شريك الحياة إن أمكن، وليس عبر ممارسة ذاتية دون شريك، أو عن طريق استثمار الطاقة الذهنية والروحية والجسمانية.

وهذا الاستثمار له أساليبه من قراءة وعبادة وأنشطة رياضية واجتماعية وتثقيفية وترويحية، باختصار لا بد أن تستقر لديك قناعة راسخة بأن الحياة ليست جنسًا فقط، والجنس ليس هو العادة السرية، وأن الممارسة الشرعية الطبيعية سيأتي وقتها بإذن الله فلا تستعجلي، ولا تفسديها اليوم بممارسة تضرك في المستقبل.

والأهم هو ألا تنقادي وراء أفعال تغضب الله ﷻ ولتقرئي وصف المولى ﷻ لمن يسلك طريقا غير طبيعي حيث يصفهم بـ “العادون” أي المعتدون.

كما أرجو أن تعلمي أن الله ﷻ يوم القيامة سيطلع كلا منا على كتابه (بالصوت والصورة) وكأننا نرى فيلما تسجيليا، قال ﷻ: (هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، أي إن الله ﷻ يسجل علينا بالصوت والصورة ما نعمل وذلك معنى الاستنساخ فهل تقدرين على الوقوف أمام الله ﷻ وترين نفسك في وضع ممارسة تلك العادة السيئة؟ فاتقي الله يا ابنتي واعلمي أنه يراقبك.

وتأكدي أن الله ﷻ يفتح باب التوبة لكل من أخطأ وأنه سبحانه يحب التوابين ويغفر لهم ما ارتكبوا من الذنوب مهما كانت تلك الذنوب كبيرة أو كثيرة، المهم أن تكون التوبة خالصة لله ﷻ وأن نستكمل شروطها وهي ثلاثة:

  1. أولا إيقاف الذنب (أي التوقف عن تلك الممارسة الشاذة).
  2. ثانيا الندم على ما فعلته في الماضي (أي أنك كلما تذكرت تلك الأفعال تودين لو أنك لم تفعليها).
  3. ثالثا أن تعزمي على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل.

وأعلم أن ذلك صعب في البداية ويمكن أن تضعفي ولكن مع الإصرار سيمكنك الله ﷻ من الإقلاع عن ذلك الذنب. وما دام الله ﷻ يعلم نيتك في التوبة فإنه ﷻ سيساعدك ويغفر لك إن شاء الله.

واعلمي أنه في حالة توبتك سيبدل الله ذنبك ذلك إلى حسنات كما قال ﷻ: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

واستشعري أيضا قوله ﷻ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). غفر الله لنا ولك وتقبل منا ومنك صالح الأعمال.

ويضيف الدكتور محمد أبو داود -استشاري الأمراض الباطنية والغدد الصماء والسكري-:

إلى الأخت السائلة، بداية أرحب بك وبالرد على استشارتك وأقول: لا يمكننا تفسير الأعراض المذكورة أو المخاوف المستقبلية المتعلقة بالجماع أو الحمل بأنها نتيجة لممارسة العادة السرية، ورغم أنه من الممكن أن يكون لديك خلل في إفرازات الهرمونات الذكرية كتفسير للأعراض المذكورة في رسالتك فإنه من الضروري جدا أن يتم تقييم وضعك بشكل مفصل بزيارة لطبيبة أو طبيب (غدد صماء أو نسائية) لأخذ التاريخ المرضي والفحص السريري الشامل ومن ثم إجراء التحاليل المخبرية اللازمة.

وتلك الإجراءات تشمل تقييما عاما مثل:

  • اختبار لوظائف الكلى الكبد.
  • صورة دم كاملة.

وأخرى أكثر تخصصاً مثل:

  • وظائف الغدة الدرقية TFT.
  • نسبة الهرمون الذكري  Testosterone.
  • والهرمونات المتعلقة بالمبايض وضبط وظائفها وهي: Estrogen، LH ، FSH  Prolactin.
  • وقد يشمل التقييم صورة فوق صوتية للمبايض أيضا.

بدون ما سبق عزيزتي لا يمكن إعطاؤك رأيا علميا مفيدا، لذا فنحن في انتظار إجراء الفحوصات السابقة وموافاتنا بنتائجها لتقييم الحالة والرد عليها بما يفيد.

مع تمنياتي لك بالصحة والعافية.

أضف تعليق

error: