ثلاثون يوما تمر علينا كل عام، هي خير من الدنيا وما فيها، ثلاثون يوما هي أيام شهر رمضان الكريم الذي نحاول فيه جميعا أن ننهل من الخير على قدر ما نستطيع.. نطلب من الله المغفرة والرحمة والعتق من النار.
ومن أروع ما في هذه الأيام صلاة القيام جماعة في المسجد؛ تلك الصلاة التي تعد المناسبة الوحيدة التي يحرص النساء على حضور جماعتها بالمسجد للتمتع بقراءة الإمام المجودة ودروس كبار الدعاة في منتصف القيام، ولكن حتى هذه الصلاة لا يتمكن من التمتع بحلاوتها والخشوع في آياتها والتدبر في عظات دروسها.
فعادة ما يشهد مصلى النساء الكثير من الخلافات كل عام بسبب اصطحاب الأمهات أولادهن وما يحدث في المسجد من اللعب والصراخ والبكاء ومعاكسة الأطفال للمصليات أثناء تأدية العبادة، فتقع الأمهات بين التذمر الدائم من أنهن لا يستطعن أن يحققن من صلاتهن ما ينشدنه من خشوع وتفكر وتأمل في الآيات التي تقرأ، وبين النقد المتواصل من بقية المصليات لهن ولأطفالهن، وحتى أئمة المساجد يخاطبوهن بشكل قاس طالبين منهن بالأمر المباشر أن تلتزم كل منهن الصلاة في المنزل طالما أن أولادها يسببن كل هذا الإزعاج، ويسمعن دائما العبارة الشهيرة “اللي معاها عيل تقعد في بيتها وتسيب غيرها يركز في الصلاة”.
أفكار عملية
لا يمكن أن ننكر أنهم ثلاثون يوما فقط يمرون علينا بسرعة البرق كل عام والأمهات لديهن الرغبة مثل الجميع في النهل من تلك الخيرات، وفي أن يشعرن بما يشعر به معظم النساء في تلك الليالي المباركات خصوصا في جو المسجد وليس البيت.
كما أننا لا يمكن أن نمنع أطفالنا عن المسجد بحجة أنهم مصدر للإزعاج، فكيف سنعودهم على بيت الله منذ الصغر ونربي فيهم معنى الصلاة والخشوع والتأمل وغيرها من تلك الأمور الهامة في بناء الطفل.
ويحكى عن رسول الله، ﷺ أنه كانت صلاته طويلة، ولاسيما النوافل منها؛ إذ كانت تتجاوز طاقة الصحابة، ولكنه عندما يسمع بكاء طفل في أثنائها كان يخفف صلاته ويقصر فيها.
ونحاول أن نقدم بعض الاقتراحات علها تخفف من تلك المشكلة التي تواجه الأمهات كل عام ليتمكن من التمتع بجو المساجد الرمضاني:
- من المفيد أن يراعي بعض الشيوخ لغة الحوار مع تلك الأمهات حتى تصل الرسالة إليهن دون نقد وتذمر وعدم فهم للأسباب التي دعتهم للذهاب إلى المسجد، كما يمكن أن يخصص الشيوخ إحدى دروس التراويح للحديث عن ذلك الأمر ومحاولة إيجاد حلول لها.
- هناك بعض المساجد وخصوصا الحديثة منها تهتم بتخصيص مساحة كحضانة للأطفال أو تستغل الحديقة الأمامية للمسجد لتجميع الأطفال بها مع وجود مربية لمراقبتهم والعمل على راحتهم حتى تتم الصلاة لكل الأمهات في خشوع وتفكر.
- يمكن استغلال الأيام التي لا تتمكن فيها النساء من الصلاة؛ فيمكن لمجموعة النساء في الحي الواحد أن يتناوبن رعاية الأطفال كل منهن في وقت حيضتها، ويمكنها أن تجمع الأطفال على نشاط ثقافي كسرد الحكايات وعمل مسابقات، وفي نفس الوقت يمكن للفتيات المشاركة في استغلال هذه الأوقات في الخير بمساعدة الأمهات على الصلاة لتحظى هي أيضاً بنصيبها في الثواب الكبير.
- يمكن للأم أن تساعد طفلها في الاستيقاظ طوال النهار وإفراغ كامل طاقاته الممكنة في أنشطة مختلفة بحيث يغلبه النوم وقت الصلاة أو يكون هادئ بعض الشيء.
- يمكن للأولاد الأكبر سنا الذهاب مع والدهم للصلاة في ساحة الرجال وعدم الالتصاق بالأم بداية من خمس سنوات على سبيل المثال، فوجوده بين الرجال سيشعره أكثر بالرهبة عن وجوده بجوار أمه.
- يمكن للجارات أن يتبادلن أيام الذهاب إلى المسجد؛ فيمكن لواحدة منهن أن تعتني بالأطفال وتذهب الأخرى إلى المسجد وهكذا حتى نهاية الشهر الكريم.
- بعض الأمهات يمكنهن أن يتركن أطفالهن مع إحدى الجدتين (الحماة أو الأم) حسب الأقرب لها والتي لديها قدرة صحية للجلوس مع الأطفال حتى تنتهي من صلاة التراويح.
- بإمكان الزوج المتعاون الذي يعين زوجته على الصلاة كما يفعل هو، أن يسمح لزوجته بالذهاب إلى المسجد في أيام معينة ويجلس هو مع الأطفال، خاصة أن بعض الرجال يفضلن أحيانا الصلاة الفردية في جوف الليل، فيمكنه بعد أداء الفريضة -صلاة العشاء- أن يعود إلى المنزل ويعتني بأطفاله حتى تنتهي زوجته من الصلاة.. (جدير بالذكر أن هذا الاقتراح قدمه لنا زوج محب لزوجته).
كانت هذه بعض المقترحات التي حاولنا بها أن نقدم بعض المعونة حتى نتغلب على هذه المشكلة التي تتجدد كل عام، وإن كانت لديكم اقتراحات أخرى شاركونا بها.. وكل عام وأنتم بخير.
بقلم: مروة أشرف