ما زلت عند قولي إنه ينبغي أن نعيد تعريف مفردة «فرح» حتى تتلاءم مع ما نراه من مشاهد تعقب كل احتفالاتنا، فكل الدلائل تشير إلى أن لدينا مشكلة كبرى مع هذه المفردة حين نجني عليها ونشوه سمعتها عمدا كلما صاح أحدهم «مهرجان» أو «عيد وطني» أو حتى «مباراة كرة قدم مصيرية»! فلا نحن تركنا الفرح وشأنه، ولا نحن أحسنا استخدامه في مكانه وزمانه الصحيحين!
وحين تدل «فرح» على السعادة والسرور والبهجة والانبساط في كل قواميس الدنيا، فهي تنقلب هنا إلى أشياء أخرى عندما نحملها فوق طاقتها ونحورها عن معناها بما يكفي لجعل «الفيروز أبادي» و«ابن منظور» يعيدان النظر في قاموسيهما من أول صفحة!
وفي تقديري أن المشكلة أوسع من أن تكون في مجموعة من الشباب الذين وجدوا بصيص أمل لكسر روتينهم اليومي الممل الذي لا تتراوح خياراتهم فيه سوى أخذ لفة على كل شوارع المدينة ثم «قضاء ما تبقى منه في مقهى بعيد على أطرافها، بل هي في كمية الخيارات الأخرى التي يقدمها المجتمع لهذه الشريحة التي تواجه عبارات المنع والإبعاد حيثما وجهت، حتى أصبح التحايل والدخول لسوق مركزية بمثابة بطولة تجير لأحدهم، وحتى كسرنا كل معاني الثقة فيهم باعتبارهم كائنات غير جديرة بالتواجد في الأماكن العامة والمجمعات! وحتى أصبحت الأكثرية المنضبطة منهم تزر وزر الأقلية غير السوية!
هذا السلوك الذي مورس ضد هذه الشريحة مع قلة الخيارات الأخرى التي من الممكن أن يفرغ فيها طاقاته ومواهبه، التي أفرزت لنا اليوم شريحة جديدة ستستغل أي مساحة «فرح» ولو كانت ضيقة لتفريغ كل كبت السنة الماضية!
ولأن فرص «الفرح» لا تتكرر كثيرا هنا فإنها ستتجاوز مساحة الفرح المتاح إلى المساحات الممنوعة! بعد تلك المظاهر التي نشاهدها في مثل هذه المناسبات، ينبغي أن نعيد السؤال القديم، ما هي خيارات شاب في العشرين من عمره لقضاء وقت فراغه هنا؟
بقلم: ماجد بن رائف
وهنا نقرأ: اختبار الجمعة «10»
وأيضًا نجِد هنا: المدير يبي تكريم